يفرك ياسين الطفل الصغير يديه و قد نفخ فيهما بعضا مما تجمع في جوفه من دفئ قبل أن يدخلهما في جيبي معطف بدأت تتحول زرقته الداكنة إلى بياض، قبل أن يعاود الركض نحو أصدقائه الذين تحملقوا حول متطوعي منظمة الهلال الأحمر المغربي في دواره "تاشكا" ضواحي مدينة شفشاون حيث حطت قافلة إنسانية للمنظمة.
ياسين واحد من الأطفال الذين رافقوا آباءهم و أمهاتهم الذين تقاطروا منذ الصباح الباكر على مدرسة الدوار للاستفادة من خدمات القافلة.
هنا في "تاشكا" حيث يبلغ سحر الطبيعة مداه ليتحول حد القسوة إذ تنزل درجات الحرارة في فصل الشتاء تحت الصفر؛ بفعل التساقطات الثلجية التي تؤدي في غالب الأحيان إلى انقطاع الطرق الغير معبدة أصلا.
رقية.."طالبين معاشو"
رقية 57 سنة واحدة من النسوة التي التقت بهن بريس تطوان و هي تبحث لنفسها عن موطئ قدم وسط من دفعتهم الحاجة إلى القدوم من دواوير بعيدة للاستفادة مما قد تجود به القافلة الإنسانية عددت معاناة ساكنة الدواوير في المناطق الجبلية و ما يكابدونه من فقر و عزلة و ضيق ذات اليد، و غياب لأبسط مقومات العيش، في هذه المنطقة حيث "البرد، و الصحة ما كاينشي و العيال ضايعين، خصنا المدرسة خصنا الطريق، و الناس فقراء غير طالبين معاشو" على حد تعبير رقية.
تهميش و فقر
يسارع محمد 63 سنة الخطوات ليصل إلى مستودع تقديم المساعدات عله يظفر بما يعينه على مجابهة قر الشتاء و إن لأيام معدودات.
لم يتوان الرجل الستيني و هو بحسب ما أخبرنا إمام سابق بمسجد القرية في انتقاد ما تعيشه المنطقة من تهميش و فقر لا يمكن للمرء أن يواجهه بالصبر أو أن يرحل كما فعل آخرون من أهل المدشر "بحثا عن إعدادية أو ثانوية يتابع فيه أبناؤهم دراستهم أملا في ضمان مستقبل كيفما كان فهو سيكون أفضل من البقاء هنا"
و قال "الثلج كيطيح و كتقطع علينا الطريق، و الهدر المدرسي حيت الثانوية عندنا بعيدة" التي اعتبرها محمد من المشاكل الأساسية التي تعانيها المنطقة. و أكد محمد أن ساكنة المنطقة تعتمد فقط على الفلاحة التقليدية، و مما يضاعف من معاناة السكان قساوة الطبيعة حيث تصل درجات الحرارة إلى حوالي 7 درجات تحت الصفر.
تاشكا..العزلة
كان يتحدث بصوت عالٍ و يتلفت يمنة و يسرة وهو يصف لنا أوضاع قريته و أهلها الذين تحملق عدد منهم حوله.
عبد الصمد الزلجامي المستشار بالجماعة القروية "تاشكا" المنطقة التي ترتفع عن سطح البحر بحوالي 1800 متر بأنفكو وهو يصور حجم العزلة التي تعيشها المنطقة عن العالم الخارجي خلال فصل الشتاء بسبب قسوة المناخ و التساقطات الثلجية.
و أشار إلى الاكراهات التي تواجه الجماعة و على رأسها ضعف الامكانات المتاحة للتخفيف من معاناة السكان.
الهلال الأحمر
من جهته قال محمد السوعلي المنسق الوطني لبرامج و مشاريع الهلال أحمر المغربي في تصريح لبريس تطوان إن المنظمة تعمل و ككل سنة على تنظيم عدد من القوافل الانسانية لتقديم المساعدات للسكان المتضررين من موجة البرد بإقليم شفشاون كما هو الحال بالنسبة لبعض الأقاليم الأخرى.
و أضاف ذات المتحدث أن هذه المبادرات تأتي في سياق التعليمات الملكية للتخفيف من معاناة الساكنة خلال فصل الشتاء حيث ينظم الهلال الاحمر المغربي حملات إنسانية موازية لتلك التي تنظمها الدولة، و باقي المنظمات العاملة في الحقل الإنساني.
و أشار ذات المتحدث إلى أن الهلال الأحمر انخرط في هذه العملية من خلال تقديم معونات للمواطنين المتواجدين في مناطق نائية و الذين يعانون من البرد القارس.
و أوضح السوعلي أن هذه العملية التي يؤطرها الهلال الأحمر المغربي هذه السنة تهم ثلاثة أقاليم هي شفشاون و تازة و فكيك، حيث ستستفيد أكثر من ألفي عائلة من مساعدات عينية.
معونات و معاناة
من ناحيته قال أحمد زيطان رئيس المكتب الإقليمي للهلال الأحمر المغربي بإقليم شفشاون لبريس تطوان إن منظمة الهلال الأحمر المغربي تعمل على تقديم خدمات صحية و اجتماعية للساكنة من خلال القوافل الطبية التي تنظم حيث تقدم فحوصات للساكنة.
و لفت ذات المتحدث إلى أن السكان و مع الظروف المناخية الصعبة يعانون عادة من أمراض تتعلق خاصة بالجهاز التنفسي مع تدني درجات الحرارة خاصة بالنسبة للأطفال و كبار السن، هذا إلى جانب تقديم مساعدات عينية من مواد غذائية و أفرشة و غيرها لتخفيف معاناتهم.