قال لها : وها هي الحياة الجديدة قد بدأت، وها هو معشوقكِ، قد انتهى .. ليحل محله، من هو أهم، ومن هم أحق بالعيش منه هو، من ذاته، من نزواته، من ملذاته ... إنها الرسالة الأخيرة، التي ستأتيكِ، بمن بدأ احتقاركِ له ينتشر فيه كله، فما ترك شيئا ينجو من جحيم احتقاركِ له، عدا تلك اللحظات الجميلة، عدا تلك البدايات النضرة، التي كان مآلها أن يغدو شريك البداية حقيرا رخيصاً، ووضيعاً. فأرجوكِ لا تتأففي كثيراً، ونحي احتقارك لي جانباً، حتى أفرغ منها، وتقضي على ما تبقى مني، قد أكون أحقر من عرفتِ، إلا أنني أحببتكِ. قد أكون أسفل من رأت عيناكِ، إلا أنني أحببتكِ، قد أكون أحط وأقذر ابن آدم منذ أن وطأت قدم آدم الارض، وحتى ينفخ في الصور، فيبعث الناس أمام الله رب العالمين، سنلتقي هناك، وسترفعين مظلمتك إلى الله، ستقولين أنني أبكيتكِ خنتكِ، أهنتكِ. وستشهد علي جوارحي بكل ذلك، وسينطق لساني بالحق، بأنني قد اقترفت كل هذه الآثام، وسيكون مصيري جهنم وبئس المصير، إلا أن هناك عضواً واحد مني، سينطق بالحق - أيضاً - سيقول بأنه أحبكِ بكل خفقة منه، بكل نبضة منه، عندها فقط، ستعلمين، أن مسلسل كذبي وحقارتي، قد انقضى. لن أطلب منك الصفح، ولن أقول لكِ " سامحيني ". فقط سأقول : زيديني احتقاراً، فكلما زاد احتقاركِ لي، كلما تلاشيتُ من داخلك، حتى أغدو أثراً بعد عين، وخيبةً بعد حباً، عندها ستتهيأ لك الحياة لمن يستحق أن يلتصق بأدق تفاصيلك.