طنجة تتأهب لأمطار رعدية غزيرة ضمن نشرة إنذارية برتقالية    تساقطات ثلجية وأمطار قوية محليا رعدية مرتقبة الأحد والاثنين بعدد من أقاليم المغرب    نشرة انذارية…تساقطات ثلجية وأمطار قوية محليا رعدية مرتقبة الأحد والاثنين بعدد من أقاليم المملكة    توقيف ثلاثة مواطنين صينيين يشتبه في تورطهم في قضية تتعلق بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات الرقمية    توقيف 3 صينيين متورطين في المس بالمعطيات الرقمية وقرصنة المكالمات الهاتفية    ريال مدريد يتعثر أمام إسبانيول ويخسر صدارة الدوري الإسباني مؤقتًا    ترامب يعلن عن قصف أمريكي ل"داعش" في الصومال    ريدوان يخرج عن صمته بخصوص أغنية "مغربي مغربي" ويكشف عن مشروع جديد للمنتخب    "بوحمرون".. الصحة العالمية تحذر من الخطورة المتزايدة للمرض    الولايات المتحدة.. السلطات تعلن السيطرة كليا على حرائق لوس أنجليس    أولياء التلاميذ يؤكدون دعمهم للصرامة في محاربة ظاهرة 'بوحمرون' بالمدارس    CDT تقر إضرابا وطنيا عاما احتجاجا على قانون الإضراب ودمج CNOPS في CNSS    هذا هو برنامج دور المجموعات لكأس إفريقيا 2025 بالمغرب    الشراكة المغربية الأوروبية : تعزيز التعاون لمواجهة التحديات المشتركة    تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج فاقت 117 مليار درهم خلال 2024    مقترح قانون يفرض منع استيراد الطماطم المغربية بفرنسا    حجز أزيد من 700 كيلوغرام من اللحوم الفاسدة بطنجة    توقعات احوال الطقس ليوم الاحد.. أمطار وثلوج    اعتبارا من الإثنين.. الآباء ملزمون بالتوجه لتقليح أبنائهم    انعقاد الاجتماع الثاني والستين للمجلس التنفيذي لمنظمة المدن العربية بطنجة    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    شركة "غوغل" تطلق أسرع نماذجها للذكاء الاصطناعي    البرلمان الألماني يرفض مشروع قانون يسعى لتقييد الهجرة    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. أرقام صادمة وهذه هي المناطق الأكثر تضرراً    BDS: مقاطعة السلع الإسرائيلية ناجحة    إسرائيل تطلق 183 سجينا فلسطينيا    ثمن المحروقات في محطات الوقود بالحسيمة بعد زيادة جديد في الاسعار    رحيل "أيوب الريمي الجميل" .. الصحافي والإنسان في زمن الإسفاف    الانتقال إلى دوري قطر يفرح زياش    زكرياء الزمراني:تتويج المنتخب المغربي لكرة المضرب ببطولة إفريقيا للناشئين بالقاهرة ثمرة مجهودات جبارة    مسلم يصدر جديده الفني "براني"    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    تنس المغرب يثبت في كأس ديفيس    بنعبد الله يدين قرارات الإدارة السورية الجديدة ويرفض عقاب ترامب لكوبا    "تأخر الترقية" يخرج أساتذة "الزنزانة 10" للاحتجاج أمام مقر وزارة التربية    لمن تعود مسؤولية تفشي بوحمرون!    المغرب التطواني يتمكن من رفع المنع ويؤهل ستة لاعبين تعاقد معهم في الانتقالات الشتوية    توضيح رئيس جماعة النكور بخصوص فتح مسلك طرقي بدوار حندون    لقجع: منذ لحظة إجراء القرعة بدأنا بالفعل في خوض غمار "الكان" ولدينا فرصة لتقييم جاهزيتنا التنظيمية    العصبة الوطنية تفرج عن البرمجة الخاصة بالجولتين المقبلتين من البطولة الاحترافية    الولايات المتحدة الأمريكية.. تحطم طائرة صغيرة على متنها 6 ركاب    بنك المغرب : الدرهم يستقر أمام الأورو و الدولار    المغرب يتجه إلى مراجعة سقف فائض الطاقة الكهربائية في ضوء تحلية مياه البحر    القاطي يعيد إحياء تاريخ الأندلس والمقاومة الريفية في عملين سينمائيين    انتحار موظف يعمل بالسجن المحلي العرجات 2 باستعمال سلاحه الوظيفي    السعودية تتجه لرفع حجم تمويلها الزراعي إلى ملياري دولار هذا العام    الإعلان عن تقدم هام في التقنيات العلاجية لسرطانات البروستات والمثانة والكلي    غزة... "القسام" تسلم أسيرين إسرائيليين للصليب الأحمر بالدفعة الرابعة للصفقة    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    حركة "إم 23" المدعومة من رواندا تزحف نحو العاصمة الكونغولية كينشاسا    هواوي المغرب تُتوَّج مجددًا بلقب "أفضل المشغلين" لعام 2025    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    الممثلة امال التمار تتعرض لحادث سير وتنقل إلى المستشفى بمراكش    الفنانة دنيا بطمة تغادر السجن    نتفليكس تطرح الموسم الثالث من مسلسل "لعبة الحبار" في 27 يونيو    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الممكن المستبعد والمستحيل من سيناريوهات ما بعد اقتراع 7أكتوبر 2016م
نشر في بريس تطوان يوم 09 - 09 - 2016

ما هو المتوقع في الساحة السياسية المغربية بعد يوم الجمعة 7 أكتوبر 2016؟
سؤال أضحى يتردد كثيرا بين جميع المهتمين بالحقل السياسي المغربي على اعتبار أن الكل يترقب ما ستسفر عنه صناديق الاقتراع في هذا اليوم الذي سيكون ليس كسائر الأيام لكونه سيكون بمثابة الفيصل الذي سيتحكم ولو نظريا في المستقبل القريب للمغرب كما أنه سيساهم بشكل أو بآخر في استمرار ما يسمى بالانتقال الديمقراطي.
إلا أن السياق والظروف والملابسات الداخلية والخارجية التي ترافق هذا الحديث وترخي بظلالها عليه تجعلنا نقف ونتردد أكثر من مرة قبل الإجابة على التساؤل المحوري والأساسي: هل فعلا تعد هذه الانتخابات بمثابة خارطة طريق ترسم ملامح السنوات القادمة من تاريخ المغرب؟ أم أنها ستكون كسابقاتها مجرد حدث موسمي لن يغير شيئا سوى اسم رئيس الحكومة أو الوزير الأول كما كان عليه الحال قبل دستور 2011؟
فعلى المستوى الاقتصادي نجد المغرب حاليا يتخبط في مشاكل وأزمات اقتصادية لا يحسد عليها والمتمثلة أساسا في ارتفاع المديونية الخارجية، وضعف القدرة الشرائية للمواطن، والتراجع المهول في الاستثمار، هذا إلى جانب الاحتقان الذي يعرفه الشارع المغربي والناتج عن رفع الحكومة الحالية يدها عن قطاعات اجتماعية أساسية وعلى رأسها التعليم والصحة، هذا إلى جانب القوانين المراجعة المجحفة لنظامي التقاعد والمقاصة، ناهيك عن الارتفاعات المتزايدة في مجمل الاقتطاعات الضريبية.
أما سياسيا فإن هناك قطيعة تامة بين ما يحدث على الساحة السياسية وبين عامة الشعب هذا إلى جانب السخط الشعبي على الرموز السياسية والحزبية بالبلاد والذي اتسع مداه بفعل شساعة وامتداد الفضاء الأزرق الإلكتروني "فضيحة خدام الدولة كنموذج"...، هذا الفضاء الذي أصبح يعد منبرا إعلاميا شعبيا للانتقاد والاحتجاج على تدبير الشأن العام برمته.
غير أنه إلى جانب هذا كله فإنه ما يمكن ملاحظته بهذا الخصوص هو الحضور البارز للمؤسسة الملكية ولاسيما من خلال هيمنة مؤسسة رئيس الدولة (الملك) على سلطة القرار وتواجدها المستمر في الواجهة، هذا طبعا ما قيل عن اتساع صلاحيات رئيس الحكومة مع دستور 2011، حيث أن الممارسة أثبتت بأن رئيس الحكومة بالرغم من الصلاحيات التنفيذية التي منح اياها في دستور 2011 الا انه لازال يحمل مظلة الوزير الأول في اختصاصاته المقيدة في دستور 1996، وذلك لأن الملكية في المغرب كانت ولازالت تنفيذية تتمتع بصلاحيات واسعة حيث تتمركز في يدها سلطة اتخاذ القرار.
أين تكمن أهمية اقتراع 7 أكتوبر 2016؟
إن ما أصبح يطلق عليه بالنموذج المغربي أو الاستثناء المغربي الذي خرج سالما من نيران الربيع العربي الذي عصف بالعديد من الأنظمة العتيدة، هذا النموذج الذي أضحى يحتدى به في دول المحيط الإقليمي ومن بينها التي عصفت بها رياح الخريف العربي ,لما يتميز به من معالم واضحة انعكست إيجابا على الاستقرار السياسي بالبلاد وكذا على عملية تداول السلطة بشكل ديمقراطي عبر صناديق الاقتراع والتي يخضع لنتائجها في اختيار رئيس الحكومة وتشكيل أعضائها وذلك مثلما حدث في انتخابات 2011، بحيث أصبح هذا الحدث وعملية إنجاحه من طرف الدولة تكتسي أهمية قصوى وذلك لرغبة هذه الأخيرة في الحفاظ على صورة المغرب في الخارج كبلد مستقر يحتكم إلى الدستور وصناديق الاقتراع في مسلسل تداول السلطة، هذا إلى جانب إبراز إرادة المغرب الحقيقية في المضي قدما في مسار الانتقال الديمقراطي.
وبالرجوع إلى المؤسسة الملكية ولاسيما من خلال خطاب العرش الأخير والذي عبر من خلاله الملك بشكل مباشر عن استيائه وانزعاجه من عملية زج وتوظيف اسمه وشخصه في الصراعات الحزبية والسياسية الضيقة ومن استغلال الانتخابات وجعلها وسيلة لتصفية الحسابات الشخصية أو لتخفيف أغراض خاصة.
هذا إلى جانب تأكيده على أهمية هذا الحدث في كونه أضحى الوسيلة المثلى والأداة الفعالة لتحويل الاقتراع من مجرد آلية للوصول إلى ممارسة السلطة، إلى وسيلة يتم فيها الاحتكام إلى المواطن في اختيار ومحاسبة المنتخبين.
إلا أنه على المستوى التنظيمي نجد هناك صعوبة واضحة في التحكم في الخريطة الانتخابية كما كان الأمر عليه سابقا.
فوزارة الداخلية والتي كانت ولازالت المهندس الوحيد والمنظم والمشرف على العملية الانتخابية بالمغرب صارت اليوم تجد صعوبة في ذلك، ليس بسبب تراخي قبضتها الحديدية على الحقل السياسي، وإنما بسبب ظهور إكراهات ومتغيرات جديدة أصبحت ترخي بظلالها على العملية الانتخابية برمتها، ولاسيما من خلال ضعف نسبة المشاركة والعزوف عن التصويت وهي السمة البارزة والمتوقعة في هذه الانتخابات، هذا إلى جانب العملية الرقابية والانتقادية والتي أصبح يمارسها رواد شبكات التواصل الاجتماعي، وكذا تأثير التقارير الدولية والتي تقوم بإنجازها الهيئات الحقوقية الدولية حول الانتخابات في علاقتها بالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بصفة عامة مما يخرجها عن شكلها وقالبها الطبيعي لتصبح أداة لإحراج الدولة المغربية، وهو الأمر الذي يصبح معه مهمة التحكم في نتائج الانتخابات بالوسائل التقليدية من طرف الدولة ضرب من الخيال.
كل هذه المؤشرات سواء أكانت مجتمعة أم متفرقة تجعلنا نجزم وبقوة بأهمية الانتخابات القادمة في حد ذاتها كحدث سياسي موسمي يتكرر كل 5 سنوات بعيدا عن كونها الحاسم الأول والأخير والذي سيتحكم في مستقبل المغرب.
وذلك لأمر بسيط وهو كون أن الانتخابات في المغرب كانت ولازالت هي وسيلة وقناع لصنع واجهة براقة لعملية ديمقراطية شفافة ونزيهة وخلع حلة الشرعية الديمقراطية على النظام القائم، بحيث لا يعول عليها في إحداث قطيعة وتغير جذري في علاقتها مع النظام القائم، مادامت غاية التنافس الانتخابي بين التيارات الحزبية يبقى محصورا في الحصول على الدعم والوصول إلى سلطة شكلية لا تملك من اتخاذ القرار شيئا.
سيناريوهات تشكيل الحكومة المقبلة:
وبالرجوع إلى سؤالنا المحوري عن ماهية السيناريوهات المحتملة لما بعد السابع من أكتوبر 2016؟ فالسؤال هنا يتمحور أساسا ويدور حول النتائج المحتملة لهذه الانتخابات وخصوصا الشخصية السياسية التي ستحظى برئاسة الحكومة، وكذا القوى والتيارات الحزبية التي ستعمل على تشكيلها.
فبالنسبة للسيناريوهات المحتملة والمتوقعة لتشكيل الحكومة المقبلة، فمع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية بدأت تلوح في الأفق ملامح تحالفات سياسية مرتقبة، وبدأت بوادر إفراز خطابات التقارب والتنافر بين الأطراف الحزبية تلوح في الأفق مما يوحي على بروز تقاطبات سياسية مقبلة وهي التي ستكون سمة المرحلة الراهنة.
إن مجمل العملية السياسية بحيثياتها المنطقية الواقعية والنظرية لم تعد تنضبط لقانون واضح تتشكل على ضوئه قطبية سياسية معلومة تنبني عليها اصطفافات واضحة، حيث يمكن لحزب ما أن يتحالف مع حزب آخر في مجلس جماعي ويعارضه في مجلس جماعي آخر وذلك في مشهد أقل ما يمكن أن يقال عنه بأنه أقرب إلى "السوريالية" دون مراعاة لأي منطق أو مرجعية إيديولوجية، كما يمكن أن يتحالف حزبان في انتخابات جماعية رغم ادعائهما التناقض على مستوى مشاريعهما المجتمعية (كتحالف البام والمصباح في حضرية تطوان)، هذا وكأن الشأن العام هو وحدة لتمرين ثانوي وحنكة في السياسة لا يرقى إلى مستوى التدبير ضمن المشروع المجتمعي العام، وهي الظاهرة التي أصبحت طاغية في المشهد السياسي وتثير استغراب الدارسين للمجال الحزبي للمغرب.
وفي خضم هذا التماهي والتماثل والهلامية السياسية والتشابه والذي أضحى السمة البارزة للطابع الحزبي بالمغرب من خلال الاندماج والانفصال والتنافر ثم التحالف والانفصال دون محدد ودون معطيات سياسية مسبقة وهو الأمر الذي يتوجب معه احتمال مجموعة من السيناريوهات التي يمكن أن تتمخض بعد الإعلان عن النتائج النهائية لاقتراع يوم السابع من أكتوبر.
ü فبالنسبة للسيناريو الأول فإنه يعطي للعدالة والتنمية الصدارة في الانتخابات البرلمانية وبالتالي يترأس الحكومة في ولاية ثانية محتملة يقودها ابن كيران مرة ثانية، وذلك في حالة ما تم احترام "منطق التعيين" في انتخابات سابقة بحيث يختار الملك زعيم الحزب الفائز لتشكيل الحكومة.
ü أما السيناريو الثاني فإنه من المحتمل أن تعود نتائج اقتراع 7 أكتوبر لصالح حزب الأصالة والمعاصرة وهو الخصم اللدود لحزب المصباح، وبالتالي سيخلف إلياس العماري وهو الأمين العام لحزب الجرار عبد الإله ابن كيران على رأس الحكومة ومن ثم خروج العدالة والتنمية إلى المعارضة.
ü إلا أن هناك سيناريو ثالث يفيد بفوز حزب آخر غير العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة بصدارة نتائج الاقتراع المقبل، حيث يمكن أن يكون الحزب الفائز إما حزب "الاستقلال" وحينها قد يتحالف مبدئيا مع أحزاب الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية والحركة الشعبية، مع إمكانية توسيع هذا الائتلاف الحكومي ليضم كذلك حزب الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار في حال ما إذا كان المطلوب هو تشكيل ما يسمى بحكومة وحدة وطنية ومن ثم خروج حزب العدالة والتنمية إلى المعارضة.
فهذه السيناريوهات الثلاثة إذن هي التي تبقى قريبا إلى المنطق والواقع السياسي الراهن بالمغرب وذلك بالنظر إلى المعطيات الموضوعية المستمدة من الواقع الحالي للحقل الحزبي ومن موازين القوى المتنافسة داخله ومن حجم القدرة على التنافس الانتخابي والفوز بأصوات الناخبين.
غير أنه من بين كل هذه السيناريوهات يظل هناك سيناريو مختلف ومستبعد نوعا ما لكونه ليس مستحيلا في عالم السياسة، هذا السيناريو الذي يتمثل في فوز حزب الأصالة والمعاصرة بالرتبة الأولى وتحالفه مع حزب ابن كيران والدخول في صفحة جديدة، أو العكس من خلال فوز العدالة والتنمية ودفعه تحت الضغوطات في ظل الأوضاع الحالية والتي تحتاج إلى توحيد الصفوف أكثر من أي وقت مضى إلى التحالف مباشرة مع حزب إلياس العماري وذلك في محاولة لاستنساخ التجربة التونسية والتي جمعت بين حزب "نداء تونس" بقيادة الباجي السبسي، وحركة "النهضة الإسلامية" بزعامة الشيخ راشد الغنوشي.
ويفيد هذا السيناريو الأخير بأن المغرب قد يسير نحو تحقيق السيناريو التونسي خلال الانتخابات المقبلة، وذلك من أجل "إقبار" ما يسمى بنتائج "الربيع العربي" بدخول حزب ابن كيران والعماري ضمن إئتلاف حكومي (قسري) فرضته الظروف والمناخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يعرفه المغرب في الوقت الحالي.
غير أن هذا السيناريو يبقى مستبعدا إلى حد ما وذلك نتيجة مجموعة من العوامل من أهمها بأن الحالة التونسية فان اول ما يمكن ملاحظته بهذا الخصوص هو الكاريزما السياسية لكل من راشد الغنوشي والباجي القايد السبسي والتي لعبت دورا محوريا في تجاوز الخلافات الضيقة والمرجعيات الإيديولوجية بحيث استطاعا الرجلان بحنكتهما السياسية إقناع باقي الفرقاء بضرورة التعاون والتكافل لما فيه الخير والمنفعة لتونس ولشعبها وتجنب الخلاف ولو إلى حين وذلك من أجل إعادة الاستقرار للبلاد.
غير ان هذا النموذج يبقى مستبعدا في الحالة المغربية، وذلك لأن السيد عبد الإله ابن كيران والسيد العماري في خلاف دائم وعلى درجة متقدمة من الاحتقان في العلاقة سواء السياسية منها أو الشخصية.
لكن أليس هناك إمكانية لوجود سيناريو آخر؟ سيناريو يكون مخالفا لكل ما سبق؟ نعم، هناك سيناريو آخر، ويتمثل ببساطة في حصول حزب العدالة والتنمية على المرتبة الأولى في الانتخابات لكن بفارق ضئيل عن أحزاب الأصالة والمعاصرة والاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فما هو السيناريو الوارد في هذه الحالة؟ طبعا حسب ما ينص عليه الدستور سيقوم الملك بتكليف زعيم الحزب الفائز بالانتخابات بتشكيل الحكومة لكن هذا الأخير سيعبر عن فشله في هذه المهمة بسبب عدم توفره على الأغلبية الساحقة وكذا إحجام مجمل الأحزاب الفائزة بمقاعد مجلس النواب عن المشاركة في حكومة تقودها العدالة والتنمية، ففي هاته الحالة سيتم الانتقال إلى مرحلة استثنائية وهو تكليف الحزب الذي حصل على المرتبة الثانية أي الأصالة والمعاصرة أو الاستقلال بتشكيل الحكومة ومن ثم خروج الحزب الفائز الأول إلى المعارضة.
إلا أنه عندما سيتعرض حزب العدالة والتنمية إلى هذا السيناريو والذي يبقى غير مستبعد نظرا لحالة الاحتقان التي تشهدها علاقة العدالة والتنمية بباقي الأحزاب ومنها أحزاب الإئتلاف الحكومي ففي هذه الحالة فإن حزب العدالة والتنمية سيرفع احتجاجه بسبب مخالفه هذا الإجراء للدستور والذي ينص صراحة في الفقرة الأولى من الفصل 46 "على الملك أن يعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر نتائج انتخابات مجلس النواب" غير أنه في هذه الحالة ستتم مواجهته بالفصل 42 من الدستور والذي ينص : "أن المكل ضامن دوام الدولة واستمرارها والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات الدستورية".
ومن ثم فإنه عندما سيطالب حزب العدالة والتنمية بحل مجلس النواب والقيام بإجراء انتخابات تشريعية جديدة، ستتم الرد عليه بان قرار حل البرلمان كما هو وارد في الفصل 96 من الدستور نفسه لا يلزم الملك بهذا الإجراء ولا يتحدث عما يتوجب فعله في حال عجز الحزب الحاصل على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية من تشكيل الحكومة، ولذلك يبقى لا مفر من الاحتكام للفصل 42 من الدستور والذي يعطي للملك الحق في الفصل في هذا الأمر.
ونجد بأن هذا الإشكال هو نفسه الحاصل حاليا بالنسبة للجارة إسبانيا والتي تعيش فراغا سياسيا غير مسبوق وذلك بعدما فشل الحزب الشيعي بقيادة "ماريانو راخوي'' في تشكيل الحكومة رغم حصوله على المرتبة الأولى في اقتراع 20 دجنبر 2015 لتعاد الانتخابات في 26 يونيو 2016 والتي أسفرت عن النتائج نفسها تقريبا، وإلى حد الآن مازال بوديموس وسيودادانوس والحزب الاشتراكي التحالف ضمن حكومة يقودها ماريانو راخوي.
هذا إلى جانب أن تأخير تشكيل الحكومة سيحل ملف الصحراء على مصراعيه وسيجعل مستقبله أكثر تعقيدا ولاسيما وأن المغرب مقبل على صراع مرير مع المنتظم الدولي والاتحاد الإفريقي والخصوم الإقليميين حول ملف الصحراء مما يتوجب معه ضرورة توحيد الصف الداخلي.
زد على ذلك أن المغرب مقبل على تنظيم مؤتمر دولي هام وهو مؤشر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطار بشأن تغيير المناخ والمسمى اختصارا كوب 22 في الفترة الممتدة ما بين 07 و 18 نونبر القادم، ومن غير المعقول أن يحل موعد هذا الحدث العالمي الهام والذي يعول عليه كثيرا في تأكيد تتمة المنتظم الدولي في المغرب كنموذج للبلد النامي في حين أن الدولة منشغلة بمفاوضات تشكيل الحكومة.
كل هذا يبقى عبارة عن سيناريوهات محتملة لسيناريو واحد وارد لكي يحدد المستقبل السياسي للخمس السنوات القادمة للمغرب.
وختاما يمكن الجزم بأن السابع من أكتوبر سيظل موعدا جديدا يخلفه المغرب مع الديمقراطية التشاركية والانتقال الديمقراطي للسلطة، وذلك بغض النظر عما يدور حاليا من تعتيم في الرؤية الواضحة بسبب التذمر الشعبي من عملية التصويت برمتها وإدراك المواطن عن عدم جدوى هذه الانتخابات في تحسين مستوى عيشه وكذا غياب رهانات حقيقية من وراء إجراء هاته الانتخابات وذلك بسبب هندسة السلطة في المغرب والتي تقزم دور الانتخابات التشريعية في إفراز سلطة تنفيذية حقيقية منبثقة من صناديق الاقتراع وذلك لكون هذه الأخيرة تبقى محصورة في يد المؤسسة الملكية بموجب الدستور.
هذا ناهيك عن ضعف بريق الانتخابات وتراجعه وانعدام جاذبيتها الأمر الذي يظهر جليا من خلال إعراض الناخبين المفترضين عن التسجيل في اللوائح الانتخابية بالرغم من الحملات الدعائية المسموعة منها والمكتوبة والمرئية، بحيث أن الرقم الذي أعلنته وزارة الداخلية عن عدد المسجلين لا يتعدى نصف مليون ناخب جديد، هذه النسبة الضعيفة والتي ستشكل فيها الأغلبية الصامتة (المقاطعون) وكذا الأصوات الملغاة الحيز الأكبر.
ومن كل ما سبق فإن انتخابات 07 أكتوبر ستكون للأسف حسب رأي جل المتتبعين فرصة ديمقراطية ضائعة ما دام آفاقها ضيق لا يعدو أن يكون سوى إعادة توزيع القوى الحزبية على هامش السلطة في حين أن الحقل السياسي في المغرب برمته يحتاج إلى إعادة الهيكلة ولاسيما التيارات الحزبية، وذلك من خلال تجديد النخب والوجوه السياسية والتي أكل عليها الدهر وشرب، وخير مثال على ذلك الجارة إسبانيا حينما ثار المواطنون بشكل حضاري وديمقراطي عبر صناديق الاقتراع ولاسيما جيل الشباب على الوجوه السياسية القديمة والتقليدية والمألوفة في المشهد السياسي والتي يرجع أغلبها إلى حقبة الدكتاتور فرانكو، حيث تمخض عن هذا التذمر من النخب السياسية القديمة ظهور تيار من الشباب ولد من رحم الاحتجاجات الشعبية التي عرفتها إسبانيا سنة 2011 بالموازاة مع رياح الربيع العربي والذي تمخض عنه ميلاد حركة شبابية تحولت إلى حزب سياسي فرض نفسه ووجوده داخل المشهد السياسي الإسباني وهو حزب بوديموس أي "نستطيع".
ومن ثم يمكن طرح التساؤل التالي والذي يحمل في طياته كل ما يمكن أن يختم به هذا الموضوع، وهو:
متى وكيف السبيل إلى أن تصبح النخبة السياسية المغربية أداة فعالة للتغيير في ظل مغرب ديمقراطي "يستطيع"؟؟

أشرف ابن كيران
باحث بسلك الدكتوراه في العلوم السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.