لا أحد يكذبك يا بنكيران حين تتحدث عن التحكم، وعن الدولة العميقة، الشعب بات يعرف تركيبة الدولة من أعلاها إلى سافلها، ولم نعد هنا على جدران هذا الفايسبوك الذي نحمد الله ونشكره عليه نخفي إسما، أو نهمس سرا.. أو نخاف ممن جعل التشكيك في المسار الديمقراطي جريمة! جريمة إذن ونحن مشككون ومجرمون، عن أي ديمقراطية يتحدثون؟ كل شيء على هذا الجدار مكشوف. وسأقول لك عبر هذا المقال ما لا تستطيع أنت ولا كتائبتك الذي يكيلون لنا الانتهامات والشتائم قوله.. سأقوله حرفيا، وسأضيف عليه ما عليك سماعه. نعلم يا بنكيران أن مرجعيتك منبوذة من طرف المؤسسة الملكية إذ تنازعون الملك سلطته الدينية التي انفرد بها العلوييون وبها كسبوا البيعة لقرون وبها يتربعون على عرش الحكم، على أساس الانتماء لآل البيت والولاية التيجانية وإمارة المومنين، جئتم أنتم بأجندة تخليق العمل السياسي وتخليق المجتمع أيام المعارضة وواجهتم الحاكم بكل “الحرام” الموجود في الدولة اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا فاستملتم المواطنين الذين كانوا متعطشين لمن يدافع عن هويتهم المقموعة إعلاميا والغير الممثلة برلمانيا، ونافستم بذلك الملك على شعبيته المروجة باسم الدين. وحتى وقد وافقتم منذ عهد البصري على العمل من داخل المؤسسات وبالاحترام التام لسمو إمارة المومنين فوق أجندتكم الإخوانية.. فقد عملت معكم الداخلية بالمثل المغربي “لا تيقة فعتيقة” وبذلك أصبحتم محاصرين حتى لا تنفذوا إلى مؤسسات الدولة وتستقروا بها وتتمدوا عبرها لتمسكوا بزمام السلطة وأصبحت الداخلية تقنن مشاركتكم الانتخابية وتقلص حجمكم وتحدد مقاعدكم وتتدخل في منحى الديمقراطية. كما تفعل اليوم بتخفيض العتبة إلى %3 لتضطركم إلى التحالف مع عدد من الأحزاب الصغيرة التافهة وتبلقن البرلمان والحكومة القادمة فلا تطغى أي مرجعية على المرجعية المحددة من طرف المخابرات لتحمي سمو القصر. وكذلك تمنع التسجيل عبر الانترنيت وتمنع مشاركة المغاربة المقيمين بالخارج حتى تبقى نتائج الانتخابات القادمة تحت سيطرتها. وأنتم على كل هذا موافقون، موافقون على التحالف مع الشيوعيين ومع الأحرار ومع التقدميين ومع الشياطين إن خولوا لك رئاسة الحكومة. فالأمر عندك لم يعد مسألة مرجعية أو مشروع إسلامي، إنما مسألة تحدي حتى لو اضطررت إلى لعق حذاء البلاط المخزني، ثم تهديده إما “أنا” إما الفتنة!
حين نتحدث عنك يا بنكيران وعن حزبك العدالة والتنمية في هذه الحرب الانتخابية الضروس، نعلم من يقابلك ومن يحاربك، نسميهم نحن بأسمائهم لا بالأوصاف مثلك، نعلم الفريق الآخر، فريق مستشار الملك علي الهمة وفرسه في السباق إلياس العماري وحزب الأصالة والمعاصرة وأذرعهم الفكرية لمواجهة “الأسلمة” من سَلاح الوديع وبيت الحكمة نحو الأذرع الإعلامية القناة الثانية دوزيم وإعلامييهم كالتيجيني الذين زرعت سميرة سيطايل وزوجها في باقي القنوات، والجرائد التي تحارب في صفهم “الأسلمة” كالأحداث المغربية نحو كل من يبتزهم إلياس العماري لحضور منتدياته وملتقياته والتصفيق على خطاباته من رجال أعمال إلى صعاليك ملتفين حوله يلتقطون الفتات. نعلم جيدا أنكم اليوم في حرب معهم ونعلم أيضا أنها طبيعة الانتخابات.. ماذا كنت تتوقع، أن تكون لوحدك في الساحة تنعم بالتصفيقات والهتافات. ألق نظرة على الانتخابات الأمريكية وحجم العنف الانتخابي بين ترامب الذي يملك المال والنفوذ داخل الشركات الأمريكية العظمى وبين هيلاري الديمقراطية الميالة للطبقة المنتوسطة ورد علينا الخبار. هذه سُنة السياسة وطبيعة الحملات الانتخابية.. إذن لماذا المسكنة، ولماذا المظلومية، ولماذا تحاول تصوير نفسك على أن الكل يتآمر عليك، فقط لأن الجهة التي تنافسك اليوم أكثر نفوذا منك لأن من يقودها مستشار ملكي. أو لو وجدت أنت مستشارا ملكيا في صفك هل كنت لترفض، أو لو وجدت أذرعا إعلامية في صفك هل كنت لترفض، أو لو وجدت التحكم يدعمك هل كنت لترفض؟
ثم أين كنت من هذا المستشار طيلة هذه الخمسة أعوام وكل الصلاحيات بين يديك. ألم تهدده قبل توليك رئاسة الحكومة بالطرد هو والماجيدي والعماري وقلت بعظمة لسانك وكل تلك الڤيديوهات منشورة على صفحتي على الفايسبوك، وصرخت يا جلالة الملك إن هؤلاء يحاربون الإصلاح، ثم مباشرة بعد توليك السلطة بعثت له رسالة تخبره أن هناك من كان “كيلاقي بيناتكوم السلوكة” وصالحته. لماذا اليوم أعدت تروج لأن الهمة يحاربك، وتسميه التحكم، وتسميه الدولة العميقة، وتسميه القلالش، وفي المقابل يخرج عزيز الرباح يهادن. شي يكوي وشي يبخ! أين كنت حين تم الترويج لتسريبات باناما التي فضحت تهريب الماجيدي للأموال، لماذا اختفيت وبلعت لسانك؟ واش صحاب فوقت الغنيمة وأعداء عليها فأيام الحملة؟ لماذا يروج كتائبك لأن الحموشي يصرف عبر الداخلية قرارت تحجيمكم وتقليصكم بينما تنشر أنت عبر المنابر الإعلامية تهنئات بما يقوم به في المؤسسة الأمنية من تنقية.. واش ما عندكش الوجه باش تواجههوم؟ واش بغيتينا نواجههوم بلاصتك؟ بما أنك ترى أن حزب الپام لقيط يجب حله، وأن العماري مافيوزي يجب تنحيته عن السياسة، لماذا طلبت التحالف معهم في جهة مراكش خلال الانتخابات الجهوية الأخيرة فرفضوا، وقلتها بعظمة لسانك تتساءل لما رفضوا! واش عندك انفصام شخصية؟ تتساءلون لماذا انقلبنا عليكم.. لكننا في نفس الوقت نتساءل: لماذا أنتم تنقلبون علينا؟ لماذا حين دعمنا حربكم على مزوار الذي اتهم بنهب علاوات من وزارة المالية انقلبتم علينا وتحالفتم معه. لماذا حين دعمنا حربكم على الفساد انقلبتم علينا وعفوتم عما سلف. لماذا حين دعمنا حربكم على شباط الذي اتهمتموه بأنه رئيس عصابه إجرامية في فاس انقلبتم علينا اليوم وتتقاربون معه؟ علاش عندكوم جوج وجوه؟
ثم قول لنا يا بنكيران بالله عليك، ما هي هذه الأشياء التي منعك الهمة أو العماري أو الحموشي أو مريم بنصالح منعوك من إنجازها خلال ولايتك لصالح الشعب؟ ألم تمرر كل ما رفضه الشعب من أجندات أسميتها بالإصلاحات ثقبت جيوب المستضعفين، ثم دررتي فوقها شوية ديال الدعم للأرامل والمطلقات والتغطية للوالدين؟ منعوك عن ماذا؟ أنت الذي لم تحاسب ولا مستغل مقلع أو مأذونية، ولا مهرب أموال، ولا ناهب صندوق من صناديق الدولة، رغم التقارير المتعددة للمجلس الأعلى للحسابات التي أدانت حزبك مع باقي الأحزاب على تبذير أموال الحملة الانتخابية! أنت الذي وقفت ضد إلغاء تقاعد الوزراء والبرلمانيين وبررته وبررت سيارتك الميرسيديس بأنه ريع صغير جنب الريع الأكبر. لا حاربتهم ولا حطيتي السوارت كما أقسمت. اعطنا اسما واحدا منعك من تنفيذ شيء معين. حدد لنا ماذا كنت تريد إنجازه ومن منعك، بالأسماء، لكنا وقفنا جندا مجندين نحاربه معك. لكن للأسف. لماذا تريدنا أن نحاربهم بدلا عنك؟ علاش؟ ماذا فعلت لنا من خير لكي تأكل الثوم بأفواهنا؟ وشيكيجيونا هوما لكي يحاربوك بأقلامنا؟ داكشي راه بيناتكوم ما دخلنا نحن؟
سأقول لك ما هو التحكم يا بنكيران. التحكم ليس هو الهمة ولا الحموشي ولا العماري، التحكم بالنبسة لك هو كل من يمنعك عن رئاسة الحكومة، حتى أنا التي لا موقع لي من هؤلاء جميعا ولا أعرفهم ولا رغبة لي بذلك.. ولن أسمح أن يأكل أحد الثوم بفاهي فليقضوا أجنداتهم ضدك بأنفسهم! ولم أتقاضى يوما قرشا من أحد ولو فعلت لكنتَ أول العارفين بذلك فأنا لا أكترث كثيرا بما يقوله أتباع أتباع الباجدة الجاهلون القابعون بين جدران الفايسبوك، تلك فقط ترهات يروجونها ليخففوا عن أنفسهم، بل أكترث لما يعلمه المطلعون الجيدون على خبايا السياسية، وهم يعلمون أني لست منتمية ولا خديمة أجندة من تلك الأجندات التي تحاربها وتحاربك.. حتى أنا إن وقفت ضدك سألقب بالتحكم، حتى أبسط مواطن وأفقر مواطن وأكثر مواطن ابتعادا عن كل هذه الخبائث إن انتقدك ستسميه التحكم. وإن دافع عنك الهمة يا بنكيران سيصير في عينك ملاكا، وإن طلب منك العماري يا بنكيران التحالف معك على أن تظل رئيسا للحكومة سيصير في عينك طاهرا، وإن غير العلمانيون والكافرون والمشركون والمنافقون والصهاينة والإيليموناتي وعبدة الشيطان موقفهم منك ودافعوا عنك ستقول عنهم أنهم أخيار الوطن.
التحكم بالنسبة لك يا بنكيران ليس هو الفساد، إنما هو كل من يمنعك من الكرسي. أنت يا بنكيران لا تحارب الفساد والمفسدين، أنت تحارب لأجل كرسيك على رئاسة الحكومة وحزبك في السلطة.. ولذلك يا بنكيران.. لا تدخلنا في حربك هاته، ولا تقحمنا في أطماعك، ولا تتهمنا ببيع أقلامنا لأنك بعت شعاراتك.. نحن منكم جميعا براء. ففي نظرنا أنتم جميعا تمثلون التحكم، الذي يشد خناقه على رقبة هذا الشعب الضحية المسكين.