فضحت الندوة الصحفية الأولى للوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة “الحسن عبيابة ” الثقوب الكبيرة الموجودة في عباءات ما يسمى بالتكنقراط أو وزراء الكفاءات بحكومة العثماني، التي تم ترقيعها بطريقة غير ديمقراطية كما هي متعارف عليها عالميا. أن تكون ناطقا رسميا أو مايصطلح عليه في الأدبيات والمناهج الأنجلوساكسونية المتعلقة بعلوم الاتصال ب Spokesman أو Spokesperson هي مهمة ليست بالهينة، لأن مصير مؤسسة أو حكومة أو قضية مصيرية، تتوقف أحيانا على حنكة ودربة الشخص المكلف بهذه المسؤولية الثقيلة. لذا نجد أن جميع المؤسسات المحترمة، الواعية بخطورة الاتصال سواء مع الجمهور الواسع أو المواطنين العاديين، وكذلك ناقلي المعلومة والخبر مثل رجال الصحافة والإعلام، تسند هذه المهمة لشخص يتوفر على مؤهلات دقيقة وشخصية تتقن فن التواصل بكل بديهية وسلالة، دون خوف من الميكروفون أو ارتباك في التعاطي مع المستجدات وعوامل الإرباك سواء الداخلي أو الخارجي. مناسبة هذا الكلام، هو أن ما يسمى بوزير الكفاءة الجديد الناطق الرسمي باسم الحكومة، رسب في أول اختبار تواصلي له مع ممثلي الجسم الصحافي، وفر بجلده كالقط المذعور من طوفان الأسئلة المحرجة التي انهالت عليه من كل حدب وصوب، مخافة أن تصيبه بالبلل، وربما الغرق وفقدان البوصلة. السؤال المطروح من خلال استقراء هذه الواقعة، ما جدوى التطبيل والتزمير لما يسمى بالتكنقراط، ووزراء الكفاءات، علما أنه لا فرق بينهم وبين من سبقوهم في كعكة الإستوزار؟ السؤال الثاني ما جدوى العملية الإنتخابية برمتها، والتي تعتبر العمود المفصلي في بناء الديمقراطيات الحقيقية، طالما أن هناك وزراء تقنوقراط ينزلون بالمظلات على المواقع الحكومية بقدرة قادر، ويعتبرون أنفسهم غير معنيين بالمحاسبة السياسية أو الحزبية، أو مشاورات التعديل الحكومي كما صرح بذلك الوزير ناصر بوريطة لمسؤول أجنبي والعهدة على منبر إعلامي واسع الإنتشار؟ المغرب لا يحتاج إلى حكومة كفاءات أو وزراء تقنوقراط ، كان أغلبهم مجرد موظفين عموميين، صم بكم، يراهم الشعب المغربي مجرد كراكيز ينفذون فقط الأوامر لاغير. إن التكنقراط أو وزراء “الكفاءة” هو ضرب في الصميم لجوهر العملية الديمقراطية، لأنه في الدول المحترمة يعتبر الطريق الوحيد للوصول إلى مناصب تدبير الشأن العام؛ هي صناديق الإقتراع وليس التعيين من الفوق وحتى لو جاءت الانتخابات بشخص مثير للجدل مثل الرئيس “دونالد ترامب” وهذا هو ذروة سنام الديمقراطية وجوهرها الحقيقي.