في التاسع من شهر رمضان المعظم سنة 1345ه، هاجمت جماعة من المجاهدين الجيش الفرنسي، وأنزلت به أشد الضربات في مكان صعب التضاريس ووعر المسالك، وكان جيش فرنسا يتكون في معظمه من الفرسان، فحاصرته الجماعة في وادي لا مخرج له، فأفنت طابورا من الجنود الفرنسيين بما في ذلك القائد العسكري للمنطقة الرائد «بوكيو»، الذي كان يسير الفيالق الحربية بقبائل جبالة، إلى جانب هذا الرائد سقط مئات الضباط وآلاف الجنود، فكانت بذلك معركة القشاشدة أخطر معركة واجهها الجيش الفرنسي بمنطقة جبالة(21). والرواية نفسها نجدها عند محمد استيتو بن علي المنصوري المساري السالف الذكر، حيث يخبرنا أنه في سنة 1927م، جرت معركة القشاشدة التي لقَّن فيها رجال القبيلة العدو الفرنسي أقصى الدروس في المقاومة، فقتلوا مئات الجنود ومن ضمنهم القائد العسكري على المنطقة، واستطاع رجال القبيلة أن يقاوموا الاحتلال الفرنسي سنة كاملة بعد سقوط أجدير ونفي الزعيم الريفي، ولم تستسلم قبيلة بني مسارة إلا بعد سنة 1927(22). وصفوة القول، وجّه المجاهدون من قبيلة بني مسارة -رغم أسلحتهم البسيطة وعددهم المتواضع- صفعة قوية للجيوش الفرنسية والإسبانية المدججة بأحدث الأسلحة وفنون الحرب الحديثة آنذاك لمدة ناهزت سبع سنوات. الأمر الذي دفع بساسة الاستعمار إلى إعادة النظر في الإستراتيجية الحربية في المنطقة ونهج بالتالي سياسة الأرض المحروقة لإخضاعها وإدخالها في دائرة الاستعمار الاقتصادية. (21) – عبد السلام البكاري، الإشارة والبشارة...، م.س، ص.92. (22) - الراوي المخبر، السيد محمد استيتو بن علي المنصوري المساري السالف الذكر: راجع أيضا، عبد السلام البكاري، مادة «بني مسارة»، في معلمة المغرب، م.س، ص.1565. عبد الغني العمراني أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي باحث دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية