قبل وقت ليس ببعيد، تشاركنا هذا الكوكب مع أنواع عديدة أخرى من البشر، جميعهم كانوا من الأذكياء، ومن الصيادين البارعين والواسعي الحيلة. لكن، لماذا لم يبق على قيد الحياة سوى النوع العاقل؟ تكثر النقاشات حول أصول الإنسان. لكن العلماء يجمعون على أن جميع الأنواع البشرية التي وجدت تتحدر من مخلوقات أشبه بالقردة التي مشت منتصبة في افريقيا قبل أكثر من ستة ملايين سنة. كان لهذه المخلوقات نسل واسع، معظمها انقرض، لكن المخلوق الأول الذي نعترف به كإنسان ظهر في أفريقيا قبل مليوني عام. هذا الانسان المعروف ب"هومو إرجاستر" صنع الأدوات وكان صياداً بارعاً. كما تظهر عظامه أنه كان عدّاء ماهراً، قادراً بفضل سرعته الفائقة على منافسة الرياضيين الأولمبيين المعاصرين. ويبدو أن ال"هومو إرجاستر" تطور ليواكب ما عاناه على المدى الطويل من جفاف رهيب لحق بالغابات الاستوائية المطيرة، وأدى إلى تشكل صحارى شاسعة. وكانت هذه الأنواع من البشر قادرة في بنيتها على التعامل مع الحرارة. فقد كانت سلسة وصلعاء الى حد كبير، مما سمح لها بالتعرق بشكل أفضل. كما كانت مخلوقات ال"هومو إرجاستر" قادرة على السفر والمطاردة في منتصف النهار، وهو الوقت الذي تستريح فيه غالبية الحيوانات الأخرى. ومعلوم أن هذا المخلوق سافر لمسافات طويلة، باعتباره لم يبق في أفريقيا. وكان آكل اللحوم هذا أول إنسان يغادر أفريقيا ليستعمر آسيا. وهناك، حيث البيئة الجديدة والخصبة، تطوّر وحصل على اسم جديد: الانسان المنتصب أو "هومو إركتوس". وتظهر الآثار أن هذا الانسان توزع على رقعة واسعة امتدت من تركيا إلى الصين، وإن لم يكن عدد السكان بكبر هذه المساحة.