حلّ مؤخرا بمدينة تطوان ممثلو شركة سطافوم STAVOM المكلفة بمشروع تهيئة سهل واد مرتيل، وشرعت على امتداد شهر كامل في جرد وضبط الوعاء العقاري اللازم لتنفيذ برنامج تهيئة ضفاف سهل وادي مرتيل. وبقدر ما استبشرت ساكنة مدينة تطوانومرتيل بفكرة هذا المشروع، فإن ثمة تساؤلات بدأت تتناسل حول كيفية تنزيله على أرض الواقع، خاصة ما يتعلق باقتناء العقارات اللازمة لإنجاز هذا المشروع الطموح الذي يندرج ضمن المخططات المهيكلة الكبرى التي يباشرها صاحب الجلالة بالمنطقة الشمالية. ونجد من بين أهداف هذا المشروع المعلنة: المساهمة في " تعزيز التموقع الاقتصادي والاجتماعي لمدينة تطوان ونواحيها، وذلك وفقا للتوجيهات الملكية السامية الهادفة إلى تطوير النسيج الحضري لمدن المملكة بشكله المتناسق والمتوازن، والارتقاء بها إلى مستوى تطلعات ساكنتها"، فضلا عن " إنجاز مجالات حيوية لفائدة ساكنة تطوانومرتيل "، و" خلق فرص الشغل والتنمية الاقتصادية". ولتوضيح الصورة أكثر نشير إلى أن شركة سطافوم STAVOM التي أوكل إليها مهمة تهيئة سهل واد مرتيل، هي شركة مساهمة ذات مجلس إدارة، تأسست بمقتضى مرسوم رقم 2.14.532 الصادر في 4 شوال 1435 (فاتح أغسطس 2014). وبتاريخ 12 أبريل 2014 تم توقيع اتفاقية شراكة بين وزارة الداخلية، ووزارة الاقتصاد والمالية، والوزارة المنتدبة لدى وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة المكلفة بالماء، وولاية جهة طنجة – تطوان، وجهة طنجة – تطوان، ووكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في عمالات وأقاليم الشمال بالمملكة، والمجلس الإقليمي لتطوان والجماعة الحضرية لتطوان، والجماعة الحضرية لمرتيل. وفقا لمقتضيات هذه الاتفاقية، تم الاتفاق بين الأطراف الموقعة عليها إلى إحداث شركة تهيئة سهل واد مرتيل، يبلغ رأسمالها الأولي 930 مليون درهم، وذلك من خلال مساهمات نقدية وعينية للأطراف المتعاقدة، على الشكل التالي: - الخزينة: مساهمة عينية (عقارات) في حدود 450 مليون درهم - وكالة الحوض المائي للكوس: 150 مليون درهم - صندوق الإيداع والتدبير: 100 مليون درهم - الشركة المغربية للهندسة السياحية: مليون درهم - جهة طنجة- تطوان:50 مليون درهم - وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في عمالات وأقاليم الشمال بالمملكة: 30 مليون درهم - المجلس الإقليمي لتطوان: 20 مليون درهم - الجماعة الحضرية لتطوان: 20 مليون درهم - الجماعة الحضرية لمرتيل: 10 مليون درهم والجدير بالذكر أن مرسوم إنشاء شركة سطافوم STAVOM قد حدد غرضها في "تهيئة وتنمية واستغلال وتدبير وتسويق هذا المشروع، وجميع المشاريع العقارية التي تدخل في نطاق تدخل الشركة، وكذا اقتناء وإنجاز واستغلال وتدبير وتسويق كل مشروع ذا طابع سكني أو سياحي أو صناعي أو تجاري أو اجتماعي، لحسابها الخاص أو لحساب الغير". وقد تم تحديد مساحة الوعاء العقاري اللازم لإنجاز هذا المشروع الكبير في ألف (1000) هكتار . وبغض النظر عن "الأهداف النبيلة" من وراء تأسيس هذه الشركة، فإن تخوفات أصحاب العقارات التي يستهدفها المشروع تتمثل - حسبما صرح لنا بذلك عدد منهم- في مبلغ التعويض المرصود لهم في حال تطبيق مسطرة نزع الملكية لأجل "المصلحة العامة". (ولو أن مرسوم إنشاء الشركة لا يذكر كيفية اقتناء العقارات اللازمة). فبعملية حسابية بسيطة، يتضح أن مقدار التعويض عن نزع الملكية لن يتجاوز في أحسن الأحوال 45 (خمسة وأربعون درهما) للمتر المربع، بما أن مرسوم إنشاء هذه الشركة يحدد حصة الخزينة لاقتناء العقارات اللازمة لتنفيذ برنامج تهيئة ضفاف سهل واد مرتيل في حدود 450 مليون درهم، وقد يصل مقدار التعويض إلى 55 (خمسة وخمسون) درهما للمتر، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الخزينة يمكنها "عند الضرورة"، رصد مبلغ 100 مليون درهم إضافية لاقتناء هاته العقارات. والغريب في الأمر هو أن هذا المبلغ المرصود لتعويض أصحاب الأراضي المزمع نزعها منهم لأجل "المصلحة العامة" لا يمثل حتى 1% من الثمن الحقيقي للأرض في الوقت الحالي, علما أن ثمن الأرض في الوقت الراهن يزيد عن تسعة ألف درهم (9000) درهم بالنسبة للقطع الأرضية في التجزئات الواقعة على طريق مرتيل [ثمن قطع تجزئة الرباحي على سبيل المثال 12.000درهم]، وينخفض هذا المبلغ تدريجيا كلما اقتربنا من واد مرتيل، دون أن يصل بتاتا إلى ذلك المقدار الهزيل الذي ستقترحه / تفرضه الشركة على أصحاب الأراضي المزمع نزعها منهم. والطريف في الأمر هو أن "المصلحة العامة" قد تكون بدورها ضحية هذا المشروع، بما أن مرسوم إحداث الشركة يخول لها "تسويق كل مشروع ذا طابع سكني أو سياحي أو صناعي أو تجاري أو اجتماعي، لحسابها الخاص أو لحساب الغير"، وهذا "الغير" قد تكون جهة وطنية أو دولية، وهي مشاريع ستكون على حساب أصحاب الأراضي الأصليين، الذين يترقبون بحذر شديد ما ستؤول إليه الأمور في قادم الأيام، وهم عازمون على الدفاع عن مصالحهم الشرعية بكل الوسائل المشروعة والقانونية.