تواصل ندوة (زمزم الجُمُعيَّة)احتفاءها بالإصدارات الجديدة، وفي هذا السياق كانت يوم الجمعة المنصرم على موعد مع كتابين صدرا حديثا عن الرابطة المحمدية للعلماء هما: * الخطاب القرآني ومناهج التأويل/ نحو دراسة نقدية للتأويلات المعاصرة، تأليف: أد. عبد الرحمن بودرع. * مباحث في تراث الغرب الإسلامي، تأليف: أد. حسن الوراكلي. وبعد كلمة الترحيب لراعي الندوة فضيلة الأستاذ الدكتور حسن الوراكلي، عاش الحضور لحظتين: الأولى كانت مع كتاب أد. عبد الرحمن بودرع، فقدم تعريفا بكتابه الذي خصص المباحث التسعة في فصله الأول لدراسة نقدية للتأويلات المعاصرة. وانبرى في فصله الثاني، على امتداد مباحثه السبعة، للحديث عن مقتضيات ولوج باب التأويل، وعززها بتقديم قراءة في البناء النصي للقرآن الكريم. واهتم أد. محمد الحافظ الروسي في قراءته للكتاب بإبراز أهم المحاور التي عالجها الكتاب، مركزا الحديث على مفهوم التأويل وضرورة الالتزام في هذا الصدد بالضوابط التي يفرضها التعامل مع الكتاب العزيز درءأ لكل زيغ أو تحريف. والثانية في أحضان كتاب أد. حسن الوراكلي الذي يضم دراسات تتناول قضايا شرعية وتاريخية وأدبية تتمثل في العناوين الآتية: 1. أبو عمران الفاسي منظومة علم وأخلاق. 2. الأحباس العلمية عند المغاربة والأندلسيين. 3. تراث ابن مرزوق الخطيب مصدر لتاريخ المجاورين في مكة والمدينة خلال القرن الثامن الهجري. 4. حاضرة تلمسان مهاجر العلماء: مساهمة علماء الأندلس في تشكيل صورة تلمسان العالمة. 5. كتب أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في الغرب الإسلامي. 6. فنون أدبية في مؤلفات الأندلسيين الشرعية. فقدم أد. عبد العزيز السعود عرضا فصل فيه القول عن موضوع الأحباس العلمية لدى أبناء العدوتين، الذي تتبعه المؤلف من جذره اللغوي مرورا بمنطلقه الديني، وصولا إلى مقاصد المحبٍّسين الذين شملت أحباسهم المدارس والمكتبات والكتاب في المغرب والأندلس، وفي أقطار أخرى، وخاصة في الحرمين الشريفين مكة والمدينة، وفي القدس الشريف... ثم عزز ما زخر به الكتاب في هذا المجال بنماذج أخرى من تاريخ المغرب تبين مدى حرص المغاربة وأهل تطوان على هذه السجية الرفيعة في البذل والتكافل مما متّن روابط الرحمة والتآخي بين فئات المجتمع. وقدم أد. محمد الشريف عرضا عن الكتاب ذاته فأورد في شقه الأول صورا أخرى من الكتاب دالة على اهتمام المغاربة ملوكا وعلماء بوقف الكتب وتحبيسها على العموم؛ إذ حبسوا المصاحف والكتب على الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى، وهو خلق نبيل حافظ عليه المغاربة إلى اليوم، فقد حبّس الدكتور حسن الوراكلي عددا من كتبه على مكتبة الحرم المكي، ومكتبة مكةالمكرمة. كما شرُف بحمل كتب نخبة من أهل العلم في تطوان لتحبيسها على المكتبات المذكورة آنفا. وهذا كله يبين مكانة العلم في حياة أهل الغرب الإسلامي وضرورة إشاعته جلبا للمصالح ودفعا للمفاسد. وفي شقه الثاني قدم إضاءات على ما بذله المؤلف في إيراد حقائق تاريخية عن حياة المجاورين المغاربة بأرض الحرمين الشريفين استنادا إلى تراث ابن مرزوق التلمساني المخطوط والمطبوع؛ وهي حياة اتسمت بالإقبال على العبادة والعلم والعمل الصالح؛ إذ أسهموا في إنشاء أربطة وتحبيسها مما أشاع روح التعاون على البر والتقوى بين كافة الناس. وكان العرض الأخير للأستاذ إدريس بوهليلة الذي لفت النظر إلى مفهومي "التراث" و"الغرب الإسلامي" في المؤلَّف، فبين دقة استعمالهما من لدن د. حسن الوراكلي في مختلف الدراسات التي ضمها الكتاب، مما يعكس تصورا يعي أهمية التناول الإيجابي لقضايا التراث ابتغاء اكتشافها واستثمارها استثمارا يقوي العطاء العلمي الذي يرتفع به صرح الأمة. وتوجت العروض بإضافات وإضاءات أسهم بها عدد من العلماء والباحثين الذين حضروا الجلسة؛ مما أضاف إلى مضامين الكتابين فوائد جديدة ترغب في معرفة الجديد المفيد.