أطنان من السلع والمئات من ممتهني التهريب المعيشي يمرون يوميا أمام أنظار الجمارك يشكل معبر باب سبتةالمحتلة ممرا حيويا ومهما لأكثر من 15 ألف شخص يوميا، جلهم يمتهنون التهريب المعيشي، ويقطنون في الفنيدق والمضيق وتطوان، يقصدون مباشرة مخازن "طارخال"، الموجودة على بعد بضعة أمتار من الجانب الإسباني للمدينة المحتلة، وذلك بهدف اقتناء السلع والعودة عبر النقطة المعروفة ب "قنطرة سربيسا". رغم الإصلاحات التي طرأت على المركز الحدودي ونقاط التفتيش والمراقبة، في إطار مشروع إعادة تأهيل المعبر ، لم يتغير من واقع الأمر شيء، لأن الأطنان من المواد الاستهلاكية وغيرها من الرزم المحملة بمواد مهربة غير معروفة طبيعتها، تعبر يوميا من أمام الجمركيين، خاصة ب "قنطرة سربيسا"، وذلك بسبب عدم فرض مراقبة مشددة من قبل المصالح المختصة بهاته القنطرة بالذات. ومن الغرائب التي لا تفسير لها أن التفتيش بمعبر باب سبتة، سواء في "قنطرة سربيسا" أو من "الباب الرئيسي" يعتمد على الحواس الخمس، إذ لا وجود لأي "آلة سكانير"، أو آلات كشف أخرى يمكن اعتمادها في هذا الشأن، رغم أن نقطة العبور هاته تعتبر من بين أهم منافذ التهريب بكل أشكاله، بما فيها تهريب المخدرات إلى سبتةالمحتلة، ومنها إلى الجنوب الإسباني. تحولت قنطرة "سربيسا" التي توجد على هضبة تطل على المركز الحدودي، "باب سبتة"، وفق ما عاينت "الصباح"، إلى نقطة سوداء لتهريب أطنان من السلع المختلفة من المدينة السليبة من قبل شبكات تعمل في إطار التهريب المنظم، إذ تقوم بتوظيف عدد من ممتهني التهريب المعيشي ك"حمالين" في عمليات تهريب أطنان من المواد المهربة، بدون أي مراقبة، كما أكدت مصادر متطابقة ل"الصباح"، أن حجم التهريب بباب سبتة ارتفع بصورة كبيرة خلال السنتين الماضيتين، خاصة ب"قنطرة سربيسا"، الأمر الذي ساهم في إغراق الأسواق المغربية بالسلع المهربة غير الصالحة، وغير المسددة للرسوم الجمركية. ينقسم التهريب بباب سبتة إلى نوعين، التهريب المعيشي، وهو تهريب يتعاطاه عدد كبير من الأشخاص بباب سبتة أغلبهم من النساء وذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن، ويتميز بتهريب مواد بسيطة تعود ملكيتها لحاملها أو حاملتها، برأس مال صغير جدا يمكنهم من مدخول بسيط لعمل يوم، وغالبا ما يتم انتزاعها، وحجزها من قبل الجمارك، خاصة إذا لم يدفع صاحبها أو صاحبتها "رشوة" العبور، وهي التي يتم بها إظهار العمل من طرف الجمركيين ك "تطبيق للقانون"، في حين تمر البضائع الأخرى بسلام... تقول (ف،ح)، 55 سنة، "جمارك باب سبتة في كثير من المرات تحجز سلعنا وتتناسى أننا نعيل أسرا وأيتاما، وفي المقابل يغضون الطرف عن سيارات محملة بأطنان من السلع المهربة من المدينةالمحتلة تعبر بشكل يومي من المعبر، بلا حسيب ولا رقيب". التهريب المنظم، هو التهريب الأساسي بباب سبتة، وهو مرتبط بأباطرة كبار ينشطون بين سبتة السليبة والفنيدق وتطوان، ويهربون مختلف أنواع السلع من ملابس وأحذية وأجهزة الكترونية وخمور ومواد غذائية ...، إذ يترأس كل واحد منهم مجموعة تعد بالمئات من المهربين والمهربات (الحمالين والحمالات) الذين يعملون على نقل رزم من السلع إلى الجانب المغربي عبر "قنطرة سربيسبا " محملة بمواد مهربة، مقابل مبلغ يتراوح بين 100 و150 درهما عن كل رزمة (حسب الحجم). وأوضح (م،م) 61 سنة، أب لسبعة أبناء،" في تصريح ل "الصباح"، أن المراقبين الجمركيين لا يعترضون طريق المهربين والمهربات، لأنهم يتفقون مباشرة مع أصحاب السلع المهربة من الأباطرة الكبار للتهريب المنظم"، مبرزا في الآن نفسه، "أنهم يعرفون "الرزم" التي تمر عن طريق علامات (حروف أو أرقام) متفق عليها من قبل، إذ يتم كتابتها فوق الرزمة لتشير إلى مالكها، مضيفا، أن مبلغ الرشوة يقدر بملايين السنتيمات، ويتم غالبا تسليمه في أماكن بعيدة عن باب سبتة. أباطرة التهريب يجنون الملايين تقدر العمليات المنظمة للتهريب عبر باب سبتةالمحتلة، بملايين السنتيمات يوميا، يستفيد منها أباطرة هذا النوع من التجارة، والذين "يشترون" الطريق لحماليهم، حيث تمر تجارتهم وفق اتفاقات مسبقة، وغالبا ما تتضمن رمزا محددا لجعلها محصنة من أي رقابة أو مصادرة. الرمز الذي يتم الاتفاق عليه في آخر لحظة يكون هو "كلمة المرور" التي تجتاز بها تلك السلع والرزم الرقابة بسلام، في حين تخضع غيرها من السلع للتفيتش والمصادرة أحيانا.. إن وضع المعبر ترجمة، وانعكاس لواقع مر يعيشه الآلاف من العابرين العاملين في هذا المجال، منهم من يشتغل لصالحه وهم من المواطنين البسطاء المحتاجين لكل درهم قد تدره عليهم هاته التجارة، وآخرون يشتغلون لفائدة تلك الشبكات ويوفرون دخلا لابأس به وسلاسة في العبور دون أن يخسروا شيئا، لأن البضاعة ستمر وفق المتفق عليه، وسيحظون بتعويض عن ثمن الحمولة فور تسليمها إلى الجانب الآخر.