منذ بداية العهد الجديد ، والملك الشاب يعطي الإشارة تلو الأخرى عن الملكية بالمغرب في صورتها الجديدة ، حيث أنه في حوار له مع إحدى الصحف الأجنبية ، وفي سؤال لها عن أسلوب حكمه مقارنة مع والده ، أجاب : " أنا أنا ، وهو هو " أي أنه ليس نسخة طبق الأصل من والده ، وقد تبدى هذا جليا من كان الملك الحالي للمغرب وليا للعهد . يقول المناطقة "أهل المنطق" لكل حادث حديث و لكل مقام مقال " ، وسبب نزول هذا المقال ما رأيناه كمغاربة في الكثير المناسبات ، ولعل آخرها حفل تعيين أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي ، حيث لاحظ المغاربة أن بعض أعضاء المجلس الجديد لم يقبلوا يد الملك ، فضلا عن كونه هذا الحفل لم ترافقه كالعادة الطقوس المخزنية المتمثلة في مرافقة كل عضو يتقدم للسلام على الملك ، وأمره بالانحناء . بسبب عدم تقبيل يده ، خاصم الملك الراحل الحسن الثاني رئيس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي سابقا ، ولم يستقبله منذ حينها ، وكان الملك الراحل يشدد على ممارسة كل الطقوس المخزنية بحذافيرها ، عكس ابنه الذي تخلص من أغلبها ، حيث أنه بعد سنوات قليلة من حكمه تخلص من حياة القصور ، كما تخلص من العبيد ، وهو لحد الآن يقطن في إقامته الخاصة بطريق زعير . والتي هي عبارة عن فيلا . ولا أحد ينكر تقرب الملك محمد السادس من شعبه ، والتخلص من طقوس المراقبة اللصيقة حيث أن نسبة كبيرة من المغاربة شاهدوه ، يمتطي سيارته في شوارع المدن الكبرى بدون حراسة ، إلا في ما ندر ، كما أنه يحترم إشارات المرور الضوئية ويتوقف للسلام على أبناء شعبه . كما أنه بمجرد توليه للعرش ، انتشرت صور خاصة جدا له وهو في حالات حميمية داخل إقامته توحي بكونه مواطن كأي مواطن عادي ، وسمته أشهر جريدة فرنسية لازال تأثيرها على القرار الفرنسي باديا إلى يومنا هذا ونقصد يومية " لوموند " حيث منحته لقب " ملك الفقراء" . ومن تجليات تواضعه ، فقد خرق مؤخرا البرنامج المسطر لنشاط ملكي ، حيث أنه بعدما دشن مشروعا بالمدينة القديمة أحد أخطر أحياء المغرب ، خرج عن البرنامج المسطر وزار عائلة مغربية في بيتها المتواضع ، مع تحذير حراسه الخاصين له ، فضلا عن كونه التقى مباشرة مع أغلب مكونات شعبه ، وعكس أبيه فقد تصالح محمد السادس مع أهل الريف ، وزارهم غير ما مرة ، على زياراته المتكررة لكل ربوع المملكة ، حيث يدشن المشروع تلو المشروع . لقد أعلن مؤخرا أنه مستعد لبيع شركاته لمؤسسات أجنبية ، مقابل تخصيص ريعها لفائدة القروض الصغرى والمتوسطة ، والتي تستفيد منها الفئات المهمشة بالبلاد . إن أشرس معارضي النظام السابق ، صاروا حملان وديعة أمام الملك الجديد لما لمسوه فيه من حب لبلده ، وخدمة لشعبه ، وتواضع نادر ، أما بخصوص الطقوس المرعية والتي كان يحرص مدير البروتوكول بالقصر الملكي على تطبيقها بحذافيرها ، فأهم إشارة وجهها الملك بهذا الخصوص ، تعيينه مؤرخا للملكة ، وأصبح ظهور مدير التشريفات والأوسمة نادر جدا . حسن الخباز مدير موقع