ذهبت أمس الأول إلى رئاسة الجمهورية بدعوة كريمة من الرئيس عدلى منصور لحضور حفل منح سيادته وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى للفائزين بجوائز الدولة هذا العام، ولاسم الشاعر أحمد فؤاد نجم، وهو الحفل الذى حضره عشرات من الكتاب والفنانين. كانت هذه المرة الثانية التى أذهب فيها إلى لقاء مع الرئيس، فقد تمت دعوتى أكثر من مرة فى أكثر من عهد فيما كان يسمى «الحوار مع المثقفين»، لكننى كنت أعتذر دائماً، وكان السبب فى ذلك أننى عندما لبيت الدعوة لأول مرة فى أوائل التسعينيات تصورت أنه سيكون حواراً مفتوحاً، لكنى وجدت أن كل الأسئلة متفق عليها مسبقاً مع عدد من المدعوين، أى أنها «تمثيلية»، ومن يومها قررت عدم الاستجابة لهذه الدعوات. هذه المرة لبيت الدعوة بحماس لسببين، الأول للاشتراك فى تحية هذه الكوكبة اللامعة من الفنانين والكتاب الذين فازوا بجوائز النيل «حجازى ومحفوظ عبدالرحمن ومصطفى العبادى»، والذين فازوا بجوائز الدولة التقديرية «داود عبدالسيد ومحسنة توفيق، ونهاد صليحة وسيد حجاب وأحمد نوار وعاصم الدسوقى وجلال أمين وحافظ دياب وسعيد سالم وفيصل يونس»، وفوز العديد منهم تعبير حقيقى عن ثورة يناير التى لم يطالب فيها الشعب سوى بالحرية. والسبب الثانى أننى أردت مشاهدة الرئيس عدلى منصور عن قرب، والتعبير عن تقديرى واحترامى له مثل الملايين من المصريين، فعندما تولى رئاسة المحكمة الدستورية العليا لم يكن يعلم أنه سيتولى الرئاسة بحكم منصبه، لكنه أثبت أن مصر ولادة بحق، وأنه يملك كل المقومات لقيادة سفينة الوطن وسط أنواء وأعاصير غير مسبوقة بضمير القاضى النزيه ورؤية المثقف الوطنى الأصيل. وانظر إلى معاونيه مثل أحمد المسلمانى ومصطفى حجازى، وانظر إلى الحكومة التى تحقق «المعجزة» لإنقاذ البلاد من فساد نظام مبارك وفساد نظام الإخوان الذين سرقوا ثورة يناير، وانظر إلى لجنة الخمسين التى وضعت دستور ثورة 30 يونيو التى استردت ثورة يناير. وقد ألقى الرئيس عدلى منصور فى الحفل خطاباً بليغاً يجب أن يدرس فى المدارس ضمن «المحفوظات» عن هوية مصر، وأكد حاجة مصر إلى «نهضة ثقافية جامعة تقضى على التعصب والاستقطاب» وكان فلاحاً مصرياً نبيلاً عندما نزل من المنصة إلى القاعة ليسلم الوسام لمن لاحظ أن الحركة تثقل عليهم من شدة المرض، وكان ابن البلد لطيف المعشر عندما قدم إليه صابر عرب، وزير الثقافة، جابر عصفور، فقال كيف تعرفنى عليه، بل أنا الذى تعرفنى إليه. إننا مع رئاسة عدلى منصور، التى قدر لنا أن تكون مؤقتة، نعيش حلم المستقبل بأن يكون حاكم مصر قاضياً نزيهاً يحكم بالعدل، ونرى كم كان على ابن أبى طالب على حق عندما قال «طالب الولاية لا يولى».