بين ليلة و ضحاها، أصبحنا غرقى في بحر يسمى المجال المعلوماتي، بمحاسنه و مساوئه، جميله و قبيحه، بحلوله المتاحة لمشاكلنا ومشاكله التي لا تُحل أحيانا! ومن تِلكم المشاكل، ما يصطلح عليه ب"الاختراق" أو "التهكير"، المعروف بأنه مجموعة من العمليات المعلموماتية التي تهدف إلى تجاوز ثغرات بطريقة غير مشروعة في نظام الحماية الخاص بشخص ما مستهدف، و تعرف هذه الظاهرة انتشارا واسعا في العالم العربي، فقد أصبحت هواية تُتلقى دروسها بالمجان على الشبكة العنكبوتية، وهو ما خلف جيشا من "الهاكرز" فيهم الصالح و فيهم الطالح، والعبرة بمن أفاد نفسه و محيطه. اشتهرت دول المغرب و الجزائر و فلسطين، بأقوى الهاكرز على المستوى العربي و العالمي، كيف لا و هم أبانوا عن قوة ثقلهم خلال عدة محطات في تاريخ "التهكير" أبرزها الهجوم الإلكتروني على الأنظمة الإسرائيلية الصهيونية في 2013، و لا يخفى على المغاربة مجموعة "قوات الردع المغربية" هذا التنظيم الشبابي الذي يمتاز بإمكاناته المهمة في لغات البرمجة وإزالة التشفيرات واختراق الخوادم و هجمات الحرمان من الخدمات. لا يمكن أن نغوص في الموضوع دون ذكر إسم بصم بصمته بماء الذهب في تاريخ الاختراق المعلوماتي، و هو "حمزة بن دلاج" الهاكر الجزائري الذي أبى إلا أن يكون نجما من سماء العظماء الرقميين، و يصنع لنفسه إنجازا صارخا، جعل "ذئاب العالم" تتألم، لاسيما أنه اقتحم مواقع الحسابات المصرفية في أكثر من 217 بنكا مختلفا على مستوى العالم، وتسبب في خسارات مالية فادحة للعديد من الشركات المالية، ذلك أنه كان يقوم بتحويل هذه الأموال إلى دولة فلسطين و عدد من الدول الفقيرة، دون أن ننسى موقفه البطولي برفضه العمل إلى جانب إسرائيل رغم الإغراءات التي تُسيل اللعاب، حيث قال جملته الشهيرة :" أن أقضي كامل حياتي في السجن لهو أهون لي من أن أساعد القتلة والمجرمين"، و لا يزال هذا الشاب حمزة معتقلا لدى الإنتربول الدولي لحد الساعة. في النهاية، يبقى مجال الاختراق مجالا واسعا يتمدد و يتجدد باستمرار و تسارع رهيب، يقلب بين الفينة و الأخرى الموازين اقتصاديا و سياسيا في عدة دول، و الكل متربص و مترقب.