لقد مرت أكثر من خمسة أشهر على تعيين عبد الإله بن كيران رئيسا للحكومة منذ الإعلان على نتائج الانتخابات التشريعية ل 7 أكتوبر 2016، ورغم طول المدة لم يكتب لها الخروج إلى الوجود السياسي، ورغم الخط السياسي المفتوح والمتمثل في الخيار الديمقراطي الذي لا يقصي الفرقاء السياسيين من أية عملية سياسية، ويعتمد على الليونة في المواقف والحفاظ على لطافة المناخ السياسي التعددي، وهو ما يفترض القدرات التشاورية مع مختلف الاحزاب كمكونات الدولة السياسية بالإضافة إلى باقي المكونات المجتمعية ودون تأخير للمصالح العليا للوطن أو لانتظارات المواطنين. ومرحلة التمرين الدستوري والسياسي أعطت ملاحظات منها: كون المرحلة تميزت بالانفتاح من خلال سقف المبادرات واتساع رقعة الاصلاحات الدستورية الشاملة التي همت السياسات والمفاهيم والإدارة والاقتصاد وغيرها … مما جعل التنزيل مرتبك في بعض الجوانب مع صعوبة مراقبة الانفتاح الذي ميز المرحلة، حيث التمرين السياسي لأول حكومة بعد دستور 2011 تجاوز بعض اخطائها بسبب الظرفية التي مر منها العالم العربي، بينما فشل تمرين الحكومة الحالية جاء بسبب تكرار نفس الرغبة في اتباع نفس التوجه السياسي وبنفس الشخصية السياسية لرئاسة الحكومة وهو ما تسبب في البلوكاج ومنه هدر الزمن السياسي لمدة تزيد على خمسة اشهر، وما تزال إمكانيات إضعاف الدولة بسب المواقف الحزبية الجامدة ممكنة بسبب تسييس فهم الاصلاحات وغياب توافق على حدود الممارسة السياسية والافتقار لمنهجية العملية السياسية، وهذا الفراغ عرقل عملية تشكيل الحكومة. وباعتبار مسألة تعطيل المصالح الوطنية غير قانونية وان المهلة التي منحت لرئيس الحكومة تجاوزت المنطق السياسي المسموح به طبقا للفصل 47 والأعراف الدستورية، وبالرغم من المحاولات المتكررة للدفع بتشكيل الحكومة والتي باءت كلها بالفشل ، فإن الملك وبمقتضى الصلاحيات المخولة له بمنطوق النصوص الدستورية لجأ للفصل 42 من أجل تجاوز الأزمة الحكومية، باعتبار الملك هو الساهر على احترام الدستور وعلى حسن سير المؤسسات، وهو المؤتمن على المصالح العليا للوطن، وحرصه على تجاوز الجمود السياسي، ذلك أنه عمل بالاحتياطات الدستورية التي منحها الدستور للملك بصفات محددة من قبيل الضامن، والساهر ، والممثل الأسمى للأمة والمؤتمن وأمير المؤمنين ورئيس الدولة. وبما أن السيد عبد الإله بن كيران وبالرغم من المجهودات التي قام بها طيلة الولاية الحكومية السابقة، إلا أنه فشل في الحرص على منهجية الحفاظ على التوافقات السياسية لحكومة يقودها حزب العدالة والتنمية، والبلوكاج الحالي ما هو الا اعتراض على شغل شخصية بن كيران لمنصب رئيس حكومة أكثر من الاعتراض على الحزب، لذا تطلب الأمر تدخلا ملكيا دستوريا من أجل تعيين شخصية ثانية من نفس الحزب المتصدر الانتخابات وقد تكون شخصية التوافقات وتخرج الحكومة من المأزق التي عانته لمدة تزيد عن خمسة أشهر وتشكيل حكومة تقود المرحلة المحملة بالانتظارات الداخلية والخارجية ولو بحكومة وحدة وطنية.