بقلم: حمزة البحري إنه غير خاف على كل ذي عقل سليم وفكر ثاقب ما يحمل في طياته وما يبطن في خفاياه، والمشاهد أن الإنسان سيد المخلوقات، بما أودع الله به من عقل يرقى به في درجات الكمال حسب همته إلى ما لا نهاية له، بخلاف سائر الحيوانات التي هي ما عليه الآن دون تأخر أو تقدم من آلاف السنين، وأول درجة في ذالك الارتقاء الايمان بالخالق، لأن العاقل يعتقد من قرارات نفسه بأنه موجود فإما أن يكون الذي خلق نفسه، وإما أن تكون قدرة غيبية خلقته. فلو كان الإنسان خالق نفسه لدفع عنه ألم النعاس، وألم الجوع، وألم المرض، ولما احتاج لدورة المياه، ولدفع عنه الرائحة الكريهة الناتجة عن العرق ولدفع عن نفسه أشياء وأشياء كثيرة من النقص الذي هو فيه، مثل النسيان وعدم معرفة ما سيكسب غدا، وعدم استطاعته إعادة الروح المحتضر. -قال أحدهم: فلو كنت خالق نفسي لما خلقتها بهذا النقص، وهذا دليل على أن هناك قدرة مهيمنة خلقتني بما أنا عليه، وتلك القدرة هي الله خالق كل شيئ، وهو على كل شيئ قدير. وبعد هذا يفكر الانسان العاقل فيرى ملايين الملايين من النجوم واصغرها أكبر من الأرض وما عليها من سهول وجبال وأنهار وبحار بألف مرة وهناك من الكواكب ماهو أكبر من الأرض وما عليها بآلاف آلاف المرات، ولا يصطدم بعضها ببعض ولا يختل نظم حركتها وسيرها منذ بدء الخليفة وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فيقول في نفسه: جعل الله لهذه الكواكب نظاما تسير عليه وحفظ لها توازنها ودقة حركتها《لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر، ولا الليل سابق النهار، وكل في فلك يسبحون》(يس الآية 40) أفلا كان لهذا الإنسان نظام يسير عليه حتى تكون البشرية في هناء ورخاء وأمان واطمئنان. فيتذكر رسل الحق إلى الخلق، ويتذكر قول الله تعالى《وان من أمة إلا خلا فيها نذير》(فاطر الآية 24) ويتذكر خاتم المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل الله بشأنه《وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين》(الأنبياء الآية 107)《لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عندتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم》(التوبة الآية 128)، ثم يتلو قول الله تعالى عن الرسل عموما《شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه》(الشورى الآية 13). وشرع الله لخلقه يتضمن الخير كله مصالح دنياهم وآخرتهم فهو أعلم بما يصلح شأنهم كما قال تعالى《والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون》(النحل الآية 78) هو الله القادر فوق عباده، الآمر والناهي، المشرع لكل أمر ونحن إليه راغبون.