بقلم: رضوان بن يشرق إذا جائكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين. وماذا ينفع الندم بعد فوات الاوان. وكيف يعود الماء المسكوب إلى الكوب. وكيف تضمد جراح القلب المكلوم! المشكل أنك لا تعرف أن الذي ينقل لك الخبر هو فاسق! فمن الصعب أن تميز الأمر إما لحسن ظنك وطيبوبتك او لغبائك وغفلتك، إذ غالبا ما تعتبره صديقا عزيزا مقربا، أما إن كان أكبر منك سنا، ويظهر الورع والتدين وبتلفع بالنصيحة، ويزين كلامه بالايات البينات وتسمع من فيه أسماء الله الحسنى ولا يكاد يفتر عن الحوقلة والتسبيح جعلته قدوة لك ومثالا، تشك في نفسك ولا يراودك الشك في كلامه! فإذا جائك هذا الشخص بنبأ عن زوجك أو صديقك أو رب عملك او أخوك أو أختك أو أو… تتخذ قرار حاسما وأنت مغمض العين واثقا من نفسك أنك تفعل الصح، فتغلق كل القنوات مع الذي وصلك عنه الخبر دون حتى أن تتريث قليلا حتى تسمع منه وتتحرى الصدق وتتيقن من صدق المعلومة. لكن للأسف معظمنا لا يفكر بهذه الطريقة! إذ يغلب علينا الانفعال ويسيطر علينا الغضب فنتسبب في هدم أسرة قائمة أو صداقة عميقة المنبع، فنحقق بسوء تصرفنا للفاسق مبتغاه ومكره الذي دبره بليل بهيم، فننسى بسرعة ما كان بيننا من ود وحسن جوار، وطيب معشر! لذلك كان القاضي النزيه دوما يستمع لكلا الطرفين قبل إصدار الحكم حتى يتبين الأمر بروية وينظر فيه من جميع الزوايا، ثم يصدر الحكم عن بينة..وليس بناء عن قيل وقال! إذا جائكم فاسق…! فلو كنت تعلم فسقه لهان الأمر، لكنك لا تدرك فسقه، وكيف تعرف وتدرك ذلك، فقط الله عز وجل عليم بدقائق نفسه وبخبث قلبه وبمكره الشيطاني، فتتضرر أنت أولا منه قبل الاخر الذي وصلك الخبر عنه، وعندما ينفضح الأمر وتعرف الحقيقة تلطم خدك، وتنتف شعرك وتضرب رأسك في الحائط وتبكي الدم، وتولول بمرارة عن ما فعلت، وتندم على عدم تريثك، لذلك قال الله تعالى في نهاية الاية "فتصبحوا على مافعلتم نادمين.." فالحذر الحذر قبل الندم، فالذي قال عنك، قال فيك وإن صدقته كنت ألعوبة بين يديه.