"حرب" نمط الاقتراع تندلع قبل 2012 تتسابق فرق الأغلبية الزمن من أجل فرض نمط الاقتراع الذي تريد أن تدخل وفقه غمار انتخابات 2012 حتى تتمكن من بسط سيطرتها، وتحقيق نتائج إيجابية تؤهلها لكي تفاوض من موقع قوة للحصول على أقوى الحقائب الوزارية. ولأول مرة منذ سنة 1963، ترفع وزارة الداخلية التي تشرف على تنظيم وإجراء الانتخابات التشريعية، يدها، وتترك مجال التباري بين أحزاب الأغلبية لتحديد نمط الاقتراع الذي تراه مناسبا. ويبدو أن حزب الحركة الشعبية مصمم العزم على عدم التنازل عن مطالبته بالرجوع إلى تطبيق نمط الاقتراع الأحادي الفردي، بدلا من النمط اللائحي الذي لم يثمر نتائج إيجابية، وساهم في بلقنة الحياة السياسية والانتخابية في بلادنا، على حد قول امحند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة. وإذا كان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية رفقة حليفه الاستراتيجي حزب الاستقلال، حافظا على هدوئهما، وألحا في كل الاجتماعات التي عقدوها مع وزير الداخلية السابق، شكيب بنموسى، على ضرورة الإبقاء على نمط الاقتراع بواسطة اللائحة الذي جرى تطبيقه في انتخابات 2007، فإن المعطيات اليوم تغيرت، وبدأت بعض الأسماء البارزة في الحزبين، تطالب بقوة بالعودة إلى تطبيق نمط الاقتراع الفردي الأحادي. ودخلت على الخط نفسه، بعض الأسماء المحسوبة على أحزاب العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار والتقدم والاشتراكية، وأعلنت رغبتها في تجاوز نمط الاقتراع اللائحي، متناسية أنه مهما كان نمط الاقتراع، فإنه لا يستطيع أي يحل إشكالية العزوف عن المشاركة في الانتخابات التي أضحت في نظر مئات الناخبين عبارة عن مضيعة للوقت، وإهدارا للمال العام، ومجالا لمراكمة الثروة. وفي انتظار الحسم في أسلوب الاقتراع المقبل الخاص بانتخابات 2012، لابد على الفاعلين السياسيين أن يجتهدوا ويكدوا حتى يرسخوا ويزرعوا قيما لها علاقة بنمط الاقتراع سواء كان فرديا أو لائحيا، نظير ترسيخ المشاركة السياسية، وممارسة حق التصويت، واختيار ممثلي الأمة والمؤسسات التمثيلية، والقيام بالواجب الوطني، وتجسيد مفهوم المواطنة، وفق ما يذهب إلى ذلك أكثر من مهتم بالشأن الانتخابي في بلادنا. وقال مصدر مطلع، إن الاقتراع الاسمي الأحادي في دورة أو دورتين يسمح لكل دائرة انتخابية بالتصويت على ممثل واحد، (سائد في عدد من الدول الفرانكفونية وبريطانيا وأمريكا وكندا)، محددا إيجابياته في منح أغلبية مريحة ومنسجمة، تساعد على تحالفات الأحزاب بسهولة لتشكيل الأغلبية الحكومية، كما قال إنه سهل التطبيق، ويقرب المرشح من المواطن، ويسهل عملية الانتخاب في الأنظمة ذات الأمية المرتفعة، ويشجع المواطن على التصويت.وحدد المصدر نفسه، سلبيات النمط نفسه في أن المواطن يصوت على المرشح وليس البرنامج، وبالتالي المرشح وليس الحزب، ويساعد كثيرا في شراء الأصوات، ويرسخ نمط الانتخابي القبلي والعائلي. أما الاقتراع اللائحي، يقول المصدر نفسه، فتتوزع فيه المقاعد على أساس القاسم الانتخابي وقاعدة أكبر بقية، ومن خصائصه أنه نمط جديد في النظام الانتخابي المغربي، يقوم على التمثيل النسبي على قاعدة أكبر بقية أو أكبر معدل، وعدم استعمال طريقة مزج الأصوات والتصويت التفاضلي ( أي فوز أي مرشح بالأغلبية البسيطة 50+1)، ويلزم مختلف اللوائح المشاركة أن تضمن عددا من المرشحين يساوي عدد المقاعد المتنافس عليها.ومن إيجابياته، وفق المصدر نفسه، أنه يقلل من السمة الفردية للانتخاب، حيث تغيب صورة الفرد ويظهر الحزب، وبغياب السمة الفردية يبرز البرنامج، ويمكن هذا النمط من تفادي الصفات السلبية التي تظهر في النمط الأحادي الاسمي، نظير وجاهة الشخص وقوته المادية والعائلية والقبلية، والتقليل من شراء الأصوات والتأثير في المواطن، ويمكن الأحزاب الصغيرة من ولوج المؤسسات التشريعية، و التأثير على الأغلبية البرلمانية والحكومية.ويؤدي النمط ذاته، إلى سلبيات كثيرة، ويساهم في بلقنة الخريطة السياسية، ويؤدي إلى عدم الاستقرار، ويمكن الأحزاب الصغرى من عرقلة المشاريع الحكومية، وتكوين أغلبية غير منسجمة. ويرى محللون أن تغيير نمط الاقتراع يجب أن تتحكم فيه جملة من المحددات، نظير ضمان قيام برلمان ذي صفة تمثيلية، وإمكانية المشاركة، وتوفير شروط إجراء انتخابات نظيفة، وتشجيع المعارضة البرلمانية، وتشكيل حكومة منسجمة و قابلة للمحاسبة، ووضع حد لبلقنة الخريطة السياسية، وضمان حضور المرأة والشباب في المؤسسات، واعتبار إكراه الصعوبات التكنولوجية لنمط الاقتراع اللائحي. وكشف المصدر نفسه أن انتخابات 2012، ستجري وفق مرجعية قانونية ضابطة للعمل الحزبي، وسلوك وخطاب جديدين لوزير الداخلية الجديد، وإجراء مشاورات قبلية مع أحزاب الأغلبية والمعارضة، والتأكيد على أن نمط الاقتراع هو مشروع الأغلبية، وليس وزارة الداخلية، والالتزام النسبي بالحضور إلى المؤسسة البرلمانية، وتكهنات فوز حزب الأصالة والمعاصرة بالمركز الأول، واستمرار الحضور الباهت للأغلبية، مقابل حضور قوي للمؤسسة الملكية، واقتراح المغرب الحكم الذاتي حلا نهائيا للقضية الوطنية الأولى، وضعف المشاركة، ومقاطعة المواطن للعمليات الانتخابية، وحق الترشح والانتخاب للمغاربة المقيمين بالخارج، وتقليص أو زيادة عدد الدوائر الانتخابية، وتوسيع دائرة الأزمة الاجتماعية. وإذا كانت بعض الآراء تدافع عن ضرورة الإبقاء على نمط الاقتراع اللائحي، فإن مصادر أخرى تلح على أهمية العودة إلى النمط الأحادي الاسمي، لكن مع وضع آليات صارمة، باعتباره الأقرب إلى واقع المواطن من جهة، ومن جهة أخرى أقرب إلى الواقع الاجتماعي السيكولوجي المغربي، فضلا عن أنه يلائم المسلسل السياسي الذي تعرفه بلادنا.