رجل أمن ينهي علاقته بصحافية بعدما سافرت لرؤيته بالمدينة التي يعمل بها المساء : لا تخلو حياة الناس من قصص وحكايات إنسانية تجمع بين المتناقضات، فالمشاعر الإنسانية لا تفرق بين مهنة وأخرى، ولا تعرف الممكن والمستحيل. فإذا كان الظاهر أن علاقة الصحافي برجل الأمن تتسم غالبا بالحيطة والحذر، وأن كل اتصال بينهما ينبغي أن يظل في طي الكتمان حتى لا يتأثر عمل رجل الأمن، فإن هناك علاقات خرجت إلى العلن ووثقت رسميا وأقيمت لها حفلات وأفراح، ويتعلق الأمر بزواج صحافية برجل أمن أو العكس، لكن بالمقابل هناك قصص فاشلة لم يقدر لها الاستمرار وبقيت محاطة بالسر. حكايات زواج صحافيات برجال الأمن لطالما كانت حديث الإعلاميين في ما بينهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بوجه يطل من الشاشة، غير أن الذي لم نتمكن من رصده هو زواج صحافي بامرأة تعمل في قطاع الأمن. لم تكن زينب تعلم أن تبادل التحايا وعبارات الاحترام سيتطور إلى حب يكلل بالزواج في ظرف وجيز مع عبد الله الذي يعمل ضابط أمن ممتاز. بدأت القصة في مراكز الندوات، لتتطور التحية إلى نظرات كانت زينب تشعر بأنها تخترقها وتزلزل كيانها. كلما عادت زينب إلى منزلها كانت تتساءل هل نظراته مجرد نظرات عادية؟ هل يهتم بها بغض النظر عن كونها صحافية وهو يمارس مهامه؟ وكانت في كل مرة تطمئن نفسها بأن الزمن كفيل بالإجابة عن كل تساؤلاتها، لكن لهفة المشاعر واضطراباتها جعلتها تنتزع منه اعترافه بما يكنه لها من مشاعر جميلة، وتطورت علاقتهما إلى حب ثم إعلان عبد الله رغبته في الزواج من الصحافية. ترددت زينب كثيرا في قبول طلبه لأنها لم تكن تظن أنها ستتزوج رجل أمن وكانت لها نظرة سلبية تجاه هذه الفئة، كما أن محيطها العائلي لا يقبل تزويج بناته من رجل يعمل سواء في الجيش أو الدرك أو في سلك الأمن، تقول زينب ل«المساء» غير أن تعلقها به جعلها تصمد أمام كل العراقيل التي وضعتها أمامها أسرتها. بعد اقتناع أسرة زينب بارتباطها بعبد الله، بدأت المرحلة الأخرى المتعلقة بالوثائق، وكانت زينب تخشى أن ترفض إدارته الزواج بصحفية، خاصة أنها تعمل في القطاع الخاص وليس في القطاع العمومي الذي يكون فيه التساهل بحكم ما يمثله من تبعية للدولة، لكن جرت الأمور عكس كل التوقعات، فتمت الموافقة على طلبه، ووثقا لعلاقتهما رسميا وأقاما حفل زفاف كبير. تعتبر زينب أن حياتها الزوجية، التي أثمرت إنجاب أطفال، ناجحة بامتياز لأن التجربة أثبتت أن رابطة الحب أقوى من عالم المهن، خاصة في وقت أضحى فيه كل من ينصت إلى مشاعره ساذجا، حسب قولها . تكتم على الأسرار طبيعة عمل عبد الله تفرض عليه أن ينهج أسلوب الحذر الشديد حتى من زوجته، لذلك فعملها كصحفية يجعله حريصا أكثر على عدم إخبارها بأي شيء، إلى درجة أنه لا يبلغها حتى عن اسم المدينة التي يكون في سفر لها في إطار مهمة. تقول زينب: «قبل زواجنا طلب مني ألا أسأله أبدا عن عمله ومهامه، وحتى عندما يكون في إطار مهمة يكتفي بالاتصال بي ليقول لي إنه بخير وكفى، لأنه يعتبر أن مهنته تقتضي ذلك وأن له أسرارا مهنية لا يمكن البوح بها ولو لأقرب المقربين». غير أن زينب لا تنهج الأسلوب ذاته مع زوجها، فهي تخبره بطبيعة أعمالها لأنها تعتبر ذلك عاديا، وأن لا أسرار لديها في عملها باستثناء مصادر خبرها التي تتكتم عليها ولا تبوح له بها، أما أن تخبره بأنها ستسافر لحضور مؤتمر أو ندوة في إحدى المدن فهذا لن يفيده شيئا في عمله لأنها تعتبر ذلك معلومة متاحة للجميع. اختار عبد الله وزينب ألا يتحدثا عن عملهما داخل عش الزوجية لأن لديهما من المواضيع ما يغنيهما عن ذلك من قبيل شؤون الأطفال واحتياجات المنزل. حب فاشل قد تتوج علاقة صحافيات برجال أمن بالزواج كما هو حال زينب، غير أن هناك قصصا لا يقدر لها الاستمرار لأسباب قد تكون أحيانا تافهة أو تظل غامضة. لم يخطر على بال منى، اسم مستعار لصحفية، أن حديثا مقتضبا مع رجل أمن خلال أحد الأنشطة التي كانت تتابعها ستكون نتيجته قصة حب جميلة لم يقدر لها الاستمرار لسبب اعتبرته تافها وبسيطا. ففي أحد الأنشطة التي كانت تتابعها منى كان كريم، اسم مستعار لرجل أمن، بدوره يدون تقريره ليرفعه إلى الإدارة التي يعمل بها، تحدثا معا عن أمور العمل وإكراهاته وتبادلا أرقام الهواتف بشكل عادي. بعد مرور خمسة أشهر فوجئت منى برسالة قصيرة على هاتفها المحمول يخبرها كريم بأنه يتابع أعمالها الصحفية باستمرار رغم بعده عن المدينة التي تعمل بها، لأنه انتقل إلى مدينة أخرى، وكتب لها أنه يرغب في التعرف عليها عن قرب، فاستمر التواصل بينهما عبر الهاتف والرسائل الإلكترونية. ذات يوم، فوجئت منى بأن كريم يصارحها برغبته في الزواج بها، اعتبرت الأمر مزحة، خاصة أنه بالنسبة إليها ليس الشخص المناسب لاعتبارات خاصة بها، وانتابتها نوبة من الضحك غير أنه كان جديا في طلبه. ظلا على اتصال دائم إلى أن عبر لها عن حبه لها بصريح العبارة وأن كل بعد عنها سيغير مجرى حياته في اتجاه سيئ، وهو ما أجمله في عبارة ما زالت تتذكرها، إذ قال لها «أخشى أن تتركيني يا منى، وقتها ستنقلب حياتي 180 درجة»، حينئذ شعرت الصحفية بالمسؤولية تجاه علاقتها برجل الأمن وأنه لا مجال للتلاعب بمشاعر الآخرين، ما جعلها تعدل عن فكرة العمل خارج المغرب بعدما تلقت عرضا مغريا»، تقول منى وهي تغالب دموعها. وثقت منى بكريم وأصبحت تحكي له كل تفاصيل حياتها العائلية والعملية بصدق. لم يكن يخلو حديثهما من شنآن وخصام لأتفه الأسباب أحيانا، بل هناك من سعى إلى أن يفرق بينهما بكل الأساليب، لكن حبل الود ظل مستمرا، وكانت مستعدة لأن تنتظره كل حياتها لترتبط به رسميا، وكانت تخطط لأن تمنحه كل السعادة وأن تكون له الزوجة المطيعة، حسب قولها. رجل أمن «جاحد» تعبيرا منها عما تكنه له من مشاعر فكرت منى في زيارته بالمدينة التي يعمل بها وتكبدت مشاق السفر ولم تخبره لأنها كانت ترغب في أن يكون ذلك مفاجئا له وأن زيارتها له ستعيد المياه إلى مجاريها بعدما وقع خصام بينهما، غير أن ردة فعله كانت عنيفة ولم تتوقعها أبدا، إذ اعتبر الأمر تحديا له وأن سفرها لرؤيته هو تصرف يرمي إلى الانتقاص من رجولته، خاصة أنه كان يعارض فكرة سفرها إليه، واتخذ على إثر زيارتها له قرارا بعدم الاستمرار وطلب منها دون تردد أن تقطع علاقتها به، وقال لها بكل برودة «الله يعاونك»، حاولت أن تفسر موقفها وتوضحه، لكن دون جدوى، حسب ما أكدته. أصيبت منى بصدمة نفسية شديدة ألزمتها الفراش لأزيد من أسبوع وتغيبت عن العمل لأن المرحلة بالنسبة إليها كانت أشبه بحداد على فقدان أقرب المقربين، وندمت ندما شديدا على زيارتها له، لأنها اعتبرت أن زيارتها له تنازلا منها وهو تصرف لم يقدر كريم قيمته. تقول منى بأسى وحزن عميقين: «لم يكن كريم أول شخص يعجبني ولكنه كان أول شخص أحببته بجنون، لم أفهم ما قام به تجاهي وكأنني ارتكبت ذنبا لا يغتفر، وما زلت أعاني من وقع الصدمة التي جعلتني أفقد الثقة في كل الرجال عموما، بل أفكر في أن أضرب عن الزواج بصفة نهائية رغم حاجتي الطبيعية له، رغم أنه يتقدم لخطبتي أشخاص لا يمكن لأي فتاة عاقلة أن ترفض الاقتران بأحدهم لتوفرهم على مواصفات فارس الأحلام للكثيرات سواء من حيث المنصب أو الشكل، لكن كنت أرفض دائما بمبرر عدم شعوري بالانجذاب نحو الخاطب، وكانت هذه أول مرة أجرب معنى أن يتركني رجل، لأنه جرت العادة أن يكون الرفض من جهتي دائما». تصرف رجل الأمن جعل الشك يتسلل إلى نفس منى التي اعتبرت أن كريم لم يكن يحبها إطلاقا كما كان يدعي، لأن الذي يحب شخصا يسامحه على أي خطأ يرتكبه ما لم يكن فظيعا، وأن سفرها له كان ينبغي أن يعتبره مؤشرا على ما تكنه له من مشاعر حب قوية لا العكس، حسب قولها. ما زالت الصحافية عاجزة عن فهم السلوك الغريب لرجل الأمن، وفي غياب أي مبرر مقنع لموقفه، تساءلت عما إذا كانت حكاية حبه لها مجرد «تكتيك» استعمله في إطار عمله، وأن مهمته في العمل انتهت فأنهى علاقته بها، أم أن هناك أسبابا لا تعرفها واتخذ سفرها ذريعة لإنهاء علاقته بها؟ صحافية « مادية» أثار انتباه سعد، وهو رجل أمن، الطريقة التي كانت تتحدث بها سمية إلى أحد رؤسائه، فأعجب بشخصيتها، وحاول بطريقته الخاصة الحصول على رقم هاتفها والاتصال بها مدعيا أنه يرغب في منحها بعض المعطيات حول أحد الملفات التي كانت رائجة، وقتها، في المحاكم. كان أول لقاء لهما بإحدى المقاهي، بدأ يمنحها معلومات بسيطة حول الملف ولم يقدم لها أي جديد يذكر، وكان كل ما قاله سبق أن نشرته في الجريدة التي تعمل بها. أصر سعد مرة أخرى على لقاء الصحفية سمية، فاستجابت له وتعددت لقاءاتهما، فحصل انسجام بينهما، ثم طلب يدها للزواج، وتحدثا معا حول كل التفاصيل. وجد سعد صعوبة في إقناع أسرته بالارتباط بسمية، لأنهم كانوا يرغبون في تزويجه من قريبة له، ولم تعجبهم الصحفية من حيث الشكل، لكنه دافع عن اختياره بكل ما أوتي من قوة، حسب تعبيره، لأن الأهم بالنسبة إليه هو موافقة والديه أما إخوته فلا يهم رأيهم لأنه لا يتدخل في اختياراتهم، وأنه من حقه الزواج بالإنسانة التي أحبها، وعبر عن استعداده للظفر بها مهما كانت الظروف. كان سعد مستعدا للتخلي عن عمله من أجل الزواج بسمية في حال ما إذا رفضت الإدارة العامة للأمن الوطني الترخيص له بالاقتران بها، يقول سعد: «أحببت سمية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، منحتها العديد من الهدايا الثمينة، وكان هدفي هو الحصول على رضاها، اتفقنا على كل شيء وتقدمت لخطبتها، فوافقت أسرتها، وعندما اتفقنا على إجراءات الزواج وتفاصيله طلب والدها مهرا مكلفا وهو ما لم أستطع توفيره، لكن ما آلمني كثيرا هو أنه عندما ناقشت معها موضوع حفل الزفاف وطلبت منها أن تقنع والدها بأنه طلب ما لا أطيق كان جوابها صادما، عندما أطلعتني على أنها توافق والدها في الرأي وأنه من حقه ذلك». فوجئ سعد برأي سمية المتشدد ولم يستوعب عدم تفهمها للجانب المادي، وقرر التخلي عنها رغم حبه لها. يقول سعد: «كان بإمكاني أن أوفر المبلغ الذي طلبه والدها ولو عن طريق الاستدانة، ولكنني اكتشفت أنها إنسانة مادية ولا يهمها سوى المال، لأنه في الوقت الذي كنت أمنحها العديد من الهدايا لم أتلق منها ولو هدية بسيطة، بينما هي لا تتوانى في أن تطلب مني شراء العديد من الأشياء كلما التقينا». بعد فراقهما تزوجت سمية من مقاول، غير أن سعد لم يقرر بعد الدخول في تجربة جديدة لأنه لم يتخلص بعد من آثار معاناته العاطفية، حسب قوله، بعدما أدرك أن سمية لا تكن له المشاعر نفسها لأنه لو كان الأمر كذلك لسعت بكل الوسائل للزواج به.