الدعارة والمخدرات والتطرف من موانع قبول خطيبات رجال الأمن حرصا على «محيط أسري مناسب» المساء : عادة ما يتم الحديث عن رجل الأمن بصفته المهنية، ويتم التركيز على عمله الذي يقوم به سواء تعلق الأمر بإلقاء القبض على عصابة إجرامية أو تدخله لمنع الاحتجاجات أو تنظيم السير، أو الحديث عن تجاوزاته التي يرتكبها ضدا على القانون. غير أن هذا التناول الإعلامي يخفي جانبا من حياة هذه الفئة من المجتمع في علاقاتهم الإنسانية والعاطفية بمحيطهم وحياتهم الأسرية سواء تعلق الأمر بقصص زواجهم أو حبهم أو بمعاملتهم لأبنائهم الذين يتأثرون بطبيعة عملهم. والمتأمل في حياة رجال الأمن يجد قصصا تغري بالمتابعة وتستحق أن يتحول بعضها إلى فيلم قصير أو مسلسل، منها ما يتعلق بزواجهم، الذي يجمع أحيانا بين المهن المتناقضة، كارتباط رجل الأمن بامرأة صحافية، أو القصص الدرامية مثل انتحار ابن شرطي بسلاح أبيه وظهور أبناء غير شرعيين لبعضهم بعد وفاتهم. زد على ذلك قصص حب لم يكتب لها الاستمرار بفعل مساطر إدارية يرى بعضهم أن الزمن تجاوزها وأن تدخل الإدارة في زواجهم نوع من المس بالحرية الفردية التي ينبغي أن يتمتعوا بها كباقي المواطنين. في هذا الملف تسلط «المساء» الضوء على جوانب خاصة بالحب والزواج في حياة رجال الأمن، وتوضح مسطرة ارتباط الشرطي بشريكة حياته التي تضعها الإدارة العامة للأمن الوطني. عندما يرغب رجل الأمن في عقد القران على خطيبته فإن من الوثائق التي ينبغي أن تكون متوفرة لديه شهادة الإذن بالزواج من خطيبته مسلمة من لدن إدارته. ولهذا الغرض يتقدم بطلب في الموضوع مرفق بوثائق خاصة به وبخطيبته، وينتظر الرد ليباشر باقي الإجراءات الأخرى. عندما تتلقى الإدارة الطلب تباشر مصلحة الاستعلامات العامة بالمدينة التي تقطن بها الخطيبة بحثها حولها وحول محيطها العائلي. ولا يقتصر الأمر على المدينة التي تقطن بها، بل يتعداه إلى المدن التي تكون قد قطنت بها، وترفع تقارير في الموضوع ليتم الرد على الراغب في الزواج بالإيجاب أو الرفض. والأصل في الطلب الاستجابة إلا في بعض الحالات الاستثنائية، التي تكون فيها الزوجة المحتملة غير مناسبة لارتباطها هي أو محيطها العائلي بقضايا الاتجار في المخدرات أو استهلاكه أو التجارة في السلاح أو الدعارة أو النصب أو لها علاقة بأوساط متطرفة وأصولية... وغيرها من القضايا التي يمكن أن تؤثر على عمل رجل الأمن، وتستغل علاقة المصاهرة من أجل ارتكاب أعمال إجرامية، وفق ما أكده مصدر أمني مسؤول. وأشار المصدر ذاته إلى أن حالات الرفض كما تدل على ذلك الإحصائيات تبين أن نسبة عدم قبول الطلبات ضعيفة جدا ولا تمثل سوى 0،56 في المائة من مجموع الحالات المرخص لها سنة 2010 (رفض 15 طلبا) ، بينما لم تتجاوز 0،38 في المائة سنة 2009 (رفض 10 طلبات)، وهو ما يؤشر على أن الأصل هو الموافقة على الطلبات الواردة. ولم تسجل حالات لها علاقة بالارتباط بخطيبة لها علاقة بالأوساط المتطرفة خلال السنتين الماضيتين، حسب رأي المسؤول الأمني، لكون رجال الأمن أصبحوا يحتاطون من الاقتراب من هذه الجهات، خصوصا بعد متابعة بعض رجال الأمن في ملفات لها علاقة بالإرهاب، إذ أن بعض الشبكات الإرهابية أضحت تعتمد على استقطابهم، سواء بصفة مباشرة أو عن طريق الزواج، وفق المصدر ذاته. وبخصوص أسباب الرفض الخاصة بسنتي 2009و2010، فهي تهم تورط خطيبات رجال الأمن أو محيطهن العائلي في الاتجار في المخدرات واستهلاكها وتكوين عصابة إجرامية والفساد والتحريض عليه والقوادة وإعداد وكر للدعارة والسكر العلني وإحداث الفوضى بالشارع العام والتزوير والنصب وانتحال الشخصية، حسب معطيات حصلت عليها «المساء». ونفى المصدر ذاته أن يكون الرفض لأسباب سياسية تتعلق بالانتماء الحزبي كما يشاع. وفي حالة رفض طلب الإذن بالزواج يتم استدعاء رجل الأمن من قبل المصالح المختصة بالإدارة من أجل إطلاعه على نتيجة البحث وأسباب الرفض، و في جل الحالات يتم الاقتناع بقرار الإدارة. وبخصوص مصير عمل رجل الأمن الذي يتشبث بالزواج من خطيبته، قال المصدر الأمني: «لا يمكن توثيق زواج رجل الأمن دون شهادة موافقة الإدارة، وإذا ما تم التلاعب في الموضوع من لدن العدول أو رجل الأمن فإنهم يتحملون مسؤوليتهم أمام القانون، إضافة إلى ضياع حقوق الزوجة والأبناء في حالة عدم تبليغ الإدارة بالزواج، فيدخل رجل الأمن في متاهات هو في غنى عنها». وأشار المصدر الأمني إلى أن نظام البحث حول خطيبات رجال الأمن لا يقتصر عليهم، بل يشمل حاملي السلاح من درك ملكي وقوات مساعدة وغيرها، وهو نظام معمول به في عدد من الدول مثل فرنسا. وكل ذلك يهدف إلى الحرص على توفير محيط اجتماعي أسري مناسب يساعد هذه الفئة على أداء مهامها على أحسن وجه، لأنها تتحمل عددا من المسؤوليات المرتبطة بحقوق الناس، فعلى سبيل المثال، يضيف المصدر الأمني، عندما يعين ضابط أمن بمدينة ما ويكون وافدا جديدا عليها تسعى وسيطة للدعارة لتزويجه من قريبة لها وتحاول أن تؤثر عليه بهدف استغلاله لحماية أنشطتها المشبوهة، وقد يكون رجل الأمن ضحية أعمال سحر وشعوذة فلا يكترث بوضعية خطيبته الأخلاقية، لذلك تتدخل الإدارة من أجل أن تنجلي أمامه الحقائق، وهذا يكون بمثابة عمل استباقي لتوفير جو ملائم لعمل رجل الأمن. ولا بد من الإشارة إلى أن هذا الإجراء يشمل أيضا النساء العاملات في صفوف الأمن فيخضع الخطيب أيضا للبحث.