ما الذي يجعل نظام بلدي الجزائر يصر على فصل الصحراء عن المغرب؟ وما الجدوى من هذه الندوات الأممية على أرض الجزائر؟ ولماذا يقحم القضية الفلسطينية في مقاربته لحالة الصحراء؟ منذ إعلان المغرب عن مقترح الحكم الذاتي ثم الجهوية الموسعة ودخول الحكومة المغربية وجبهة البوليساريو في المفاوضات، قفز النظام الجزائري قفزة هلوعة كلص حاصرته، بغتة، الأدلة والقرائن بعد أن ظل ينفي التهمة الموجهة إليه. فلمصلحة من يلعب يا ترى هذا النظام حين يصر على فصل الصحراء؟؟؟ المنتدبون للعب هذا الدور في الجزائر يعدون على رؤوس الأصابع، فالسلطة الفعلية في الجزائر ولفرط إفلاسها، لم تجد من يمتثل لأوامرها إلا قلة من الانتهازيين الذين باعوا ضمائرهم بأبخس الأثمان، وهم ذاتهم من يعمل ليلا ونهارا على تلميع وجه هذه السلطة، وتعطير رائحتها الكريهة. تدربوا على تزييف الحقائق ووقفوا سدا منيعا ضد أي تغيير دموقراطي. أحد هؤلاء وهو عبد العزيز بلخادم، وزير الدولة الممثل الشخصي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة والأمين العام لحزب جبهة التحرير، لم يحدث أبدا أن راجع مسيرته السياسية والأدوار التي اضطلع بها في هذه الجهة أو تلك، فالرجل ظل مخلصا لضلاله حتى مع الحزب الذي يشرف على أمانته. لقد عرف الحزب مؤخرا احتجاجات واسعة النطاق، على مستوى جل الولايات، ضد ما أسموه "انسداد كل القنوات الداخلية نتيجة الانحرافات الخطيرة "، بعد أن أصبح الحزب وكرا "للمرتزقة و الوصوليين والتزوير و الإقصاء والتسريح الذي مورس على جل المناضلين وتفشي الرشوة و البزنسة". وفي الوقت الذي كان السيد بلخادم يرافع لمصلحة الانفصال في " ندوة الجزائر لإحياء الذكرى ال50 للإعلان الأممي لاستقلال الدول المستعمرة" ، كان وزير التكوين المهني وعضو اللجنة المركزية بحزب جبهة التحرير الوطني، يتهمه، "بالتعدي على القانون الأساسي للحزب والمؤتمر التاسع باختلاقه هيئة غير شرعية أطلق عليها اسم "هيئة التنسيق الوطني" لتحقيق مآرب سياسية وقمع الحركة التقويمية لمسار الحزب". إن عبد العزيز واحد من الذين يتصدرون الزمن الجزائري، فكيف لواحد مثله أن ينافح عن القضايا العادلة؟ أو يتحدث عن حق الشعوب في تقرير مصيرها، وهو يمنع حتى حزبه من تقرير مصيره؟ المسألة بسيطة، فهو ليس سوى تجل لسياسة توشك على الإفلاس، بعد أن بدأت نواياها تنكشف للحواس المجردة؛ بدأت تنكشف رغم كل الإبداعات المضادة للحق، ورغم كل الدينامية المعادية للتغيير الدموقراطي، ورغم كل ما ينفق من أموال لشراء الذمم وترويج الأباطيل. فالدينامية الدموقراطية التي انخرط فيها المغرب، كانت بمثابة الضوء الذي باغت الخفافيش المدمنة على الظلام. فهذه الدينامية أزعجت الشبكة التي ظلت تسهر على تفعيل "المخطط الطامح إلى فصل الصحراء" وهو مخطط معاد لكل تغبر دموقراطي في المنطقة المغاربية ومحيطها الإفريقي. فأحداث العيون ومن قبلها أحداث سيدي إفني، كان يراد من خلالها ضرب كل مسعى دموقراطي يقوم به المغرب وتشويه صورته لدى الرأي العام العالمي. وإن كانت هذه المحاولات باءت بالفشل، فالسؤال الذي يجب طرحه: من هي الأطراف التي تعادي الخيار الدموقراطي في المغرب، من داخل المغرب؟ فالشبكة التي تسهر على "مخطط فصل الصحراء"، بلا شك، لها من يحالفها أو يتواطأ معها من داخل المغرب، والنظام الجزائري يستفيد، إن لم أقل يحتمي بهذه الجيوب التي تقاوم سرا وعلنا المغرب الدموقراطي. فالنظام الجزائري نجح بشكل كبير في خنق أنفاس الدموقراطية في الجزائر لمصلحة المافيا العالمية التي ليس من مصلحتها أن ينتصر المغرب الدموقراطي. وهذا ما يجب أن ينتبه إليه الدمقراطيون الوحدويون. إن النظام الجزائري، سيبذل قصارى جهده لفصل الصحراء، وسيضحي بالغالي والنفيس من أجل إنجاح هذا المخطط المعادي للدموقراطية، ولا يهمه مصلحة هذا الشعب أوذاك، بقدر ما يهمه نجاح أجندة عالمية هدفها الأسمى: تفكيك المنطقة. إنه مستعد لبيع الجزائر برمتها إن اقتضت الضرورة. فبل أن أنهي هذا المقال، أطرح السؤال التالي: ماذا فعلت باكستان باستقلالها بعد أن انفصلت عن الهند؟ وما علينا إلا أن نقارن بين الهند وباكستان، وسنرى الفرق. إن غاندي مؤسس الهند الفدرالية الدموقراطية لم يفلح في إقناع الانفصاليين الباكستانيين بالبقاء داخل الأمة الهندية، لقد رضخ للأمر الواقع وهو يبكي ؛ بعد أن نجح الانفصاليون الذين كانوا لعبة في يد الاستخبارت البريطانية والأمركية. إن غاندي اقتبس نور الغرب، نور الدموقراطية وحقوق الإنسان بينما الانفصاليون كانوا ضحية مافيا الغرب، التي جعلت من باكستان معقلا للفساد والتخلف والإرهاب والفقر. فالوحدويون المغاربيون، وإن لم ينجحوا في مشروعهم الوحدوي، فإن أكبر مكسب حققوه هو تعطيل المخطط الانفصالي لمدة نصف قرن، أي منذ حرب الرمال التي سارعوا إلى نزع فتيلها، ثم الرفض القاطع لفصل الصحراء، ثم هذا القرار الشجاع المتمثل في الجهوية الموسعة والحكم الذاتي. لم يبق سوى تكثيف الجهود والعمل دون هوادة لإنجاح هذا المشروع وفضح كل من يعمل على إفشاله. عن الصحراء الأسبوعية