كما تدين تدان ودوام الحال من المحال الخبر أصبح متداولا ومعلوما لدى الخاص و العام في كل أنحاء العالم عن الوضع المأساوي لامبراطورية عظمى سيطرت على عقول الناس وقلوبهم خلال القرن الماضي و السنوات الأولى من هذا القرن و الألفية ،كيف أصبح حالها مترديا بفعل السياسات الطائشة لحكامها الذين انتخبهم الشعب لرعاية مصالحه و قيادة العالم نحو الأفضل. لكن هذه القيادة الشريرة دفعت بالولاياتالمتحدةالأمريكية الى حافة الانهيار و التلاشي و الافلاس ،حيث يبدو ان عددا متزايدا من الامريكيين ضاقوا ذرعا من دفع الضرائب التي تمول حربين بعيدتين وخطط انعاش لا يرون اي انعكاسات ايجابية ملموسة لها، وبدأوا يحثون ولاياتهم على ابطال القوانين الفدرالية وحتى انهم يطالبونها بالانفصال.وهؤلاء الامريكيون أكانوا يدافعون عن منح مزيد من السلطة للولايات او مجرد انفصالها عن الاتحاد، تجمع بينهم نقطة واحدة وهي انهم ضاقوا ذرعا بالدولة الفدرالية. وقال توماس نايلور البرفسور السابق في الاقتصاد وزعيم الحركة من اجل جمهورية فرمونت الثانية (شمال شرق) لوكالة فرانس برس "ان الدولة الفدرالية فقدت سلطتها المعنوية وحكومتنا تخضع لاوامر وول ستريت".وتساءل "ان الامبراطورية تنهار، أتريدون الغرق مع /التايتانيك/ او ايجاد حل اخر طالما ان ذلك ما زال امرا ممكنا؟'. ففي الواقع كان التيار المعادي لواشنطن ناشطا حتى قبل انتخاب باراك اوباما رئيسا للولايات المتحدة لكن صفوفه توسعت مع الانكماش لاسيما مع التدخل المتزايد للدولة في الاقتصاد وارتفاع النفقات الوطنية على ما اكد جايسون سورينس البرفسور في جامعة بوفالو في نيويورك.واوضح كيركباتريك سايل من معهد ميدلبيري الذي يدرس حركة الانفصال وتقرير المصير "يجري الحديث يوم عن ابطال قوانين فدرالية على مستوى الولايات والانفصال كما جرى الحديث في سنة 1865".وهناك حاليا جماعات ناشطة داعية للانفصال في عشر ولايات على الاقل بينها تكساس (جنوب) وفيرمونت (شمال شرق) وهاواي (المحيط الهادىء) والاسكا (شمال غرب). وفي خطوة مفاجئة قال ريك بيري حاكم تكساس مؤخرا في اجتماع للمحافظين انه يؤيد الانفصال. وهذه الولاية الجنوبية التي استقلت بين 1836 و1845 شهدت انفصالها الاخير في 1961 عندما انضمت الى عشر ولايات اخرى كانت تؤيد الرق في الجنوب ضد ولايات الشمال.ولم يقم الاتحاد الا بعد اربع سنوات من الحرب الاهلية التي خلفت 620 الف قتيل. وقال ديف موندي المتحدث باسم الحركة القومية في تكساس "ان الانفصال هو ردنا الوحيد لان الدولة الفدرالية متفتتة ولم يعد ممكنا اصلاحها مع طريقة عمل النظام السياسي الحالي".واوضح ان الولاياتالمتحدةالامريكية قامت في الاصل على اساس "كونفدرالية ولايات مستقلة يربط فيما بينها دفاع مشترك ومصالح تجارية"، معربا عن اسفه لان الدولة الفدرالية اكتسبت بعد سنوات وسنوات سلطة مفرطة في نظره.لكن ج.ار لابي رئيسة تحرير ستار تلغراف في فورث وورث (تكساس) خففت من اهمية الامر قائلة ان دعاة الانفصال "ليسوا سوى قلة" وديك بيري لم يرضخ سوى لمجموعة "صغيرة لكن صاخبة". واذا كان دعاة الانفصال ما زالوا هامشيين فان المدافعين عن فكرة اعطاء الولايات مزيدا من السلطة بدأوا يحظون بنفوذ فعلي.فعلى سبيل المثال رفضت نصف الولاياتالامريكية تطبيق معايير فدرالية جديدة لبطاقات الهوية. وثمة مؤشر اخر على الاستقلالية اعتبرت ولاية تينيسي (جنوب) ومونتانا (شمال غرب) انهما غير ملزمتين بتطبيق القوانين الفدرالية الخاصة بصنع الاسلحة والذخيرة.لكن بالرغم من ذلك راى لين سبيلمان الاخصائي في التيارات القومية ان "الاحتمال ضئيل" بان يكسب دعاة الانفصال قوة ونفوذا كافيين لفرض الانفصال. وبناء عليه يكون من المرجح جدا أن تنهار تلك الامبراطورية في غضون السنوات و الأشهر القادمة خاصة بعد تراجع مكانتها الدولية بفعل حروبها التي تشنها على العالم الاسلامي و الوطن العربي ولكن المقاومة في افغانستان و باكستان و الصومال و العراق ولبنان و فلسطين والسودان وخاصة في العراق قد هزمت الغطرسة الأمريكية ومرغت لها كبرياءها في أوحال دجلة و الفرات وانهارت أمريكا اقتصاديا ،وقد رأينا كيف أن أهم مؤسساتها الاقتصادية تتهاوى تباعا وتنهار عملتها وتخسر عسكريا هنا و هناك في الصومال وفي افغانستان و العراق و تنهار معنويات جنودها.