استدراج دبلوماسي أم تنمية في الجزائر الآن قطعة جبن ضخمة أعلن عنها قبل أشهر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهو في ولايته الثالثة، التي من المفترض أن تستمر إلى سنة 2014 . إنها غلاف مالي حجمه بالدولار 286 مليار، قيل أنه رصدها لمخطط استثماري يغطي الفترة مابين 2010 و2014 . قطعة الجبن هاته، والتي تواكبها حملة إشهار بأوروبا والولاياتالمتحدةالأمريكية، تسيل لعاب عشرات المقاولات العاملة بمجالات الأشغال العمومية والتجهيز والنقل و... وهو ما حول الجزائر العاصمة في الأسابيع الأخيرة إلى قبلة لمسؤولين غربيين رسميين وغير رسميين، حملوا معهم «سكاكين» ترسم تصورهم من قطعة الجبن التي جاءت أموالها من عائدات المحروقات التي يصدرها هذا البلد. ومن بين هذه الزيارات نسجل تلك التي قام بها بيار رافاران، رئيس الحكومة السابق، ومبعوث الرئيس الفرنسي، الذي جاء ب 13 مشروعا ضخما من بينها مصانع تركيب السيارات تنتج 75 ألف وحدة سنويا، وتسعى باريس من وراء «الزيارة الاقتصادية» لواحد من مهندسي سياستها الرئاسية إلى الرفع من حصتها بالسوق الجزائري من 15 بالمائة إلى مايقارب 20 بالمائة، بالرغم من أنها اليوم تمثل أول ممون لسوق هذه البلد المغاربي. وبموازاة هذه الزيارة فتحت وزير الخارجية ميشال أليو ماري، التي حلت محل بيار كوشنير قبل شهر، فتحت نافذة دبلوماسية في جدار قصر المرادية الذي عمد إلى عدم برمجة أي زيارة سامية بين البلدين، لقد استقبل بوتفليقة خلال نونبر الماضي، ولمرتين، الوزيرة أليو ماري في مسعى لإذابة الجليد في وجه زيارة الدولة التي كان من المقرر أن يقوم بها بوتفليقة في السنوات الأخيرة. بريطانيا التي بلغت صادراتها إلى الجزائر في التسع سنوات الأولى من السنة الجارية 330 مليون جنيه استرليني، عددت في الآونة الأخيرة من زيارات قطاعي مقاولاتها العمومي والخاص. أما الولاياتالمتحدةالأمريكية، فحل مدراء 40 مؤسسة اقتصادية بالعاصمة الجزائر ليبسطوا اقتراحاتهم بشأن كيفية حصولهم على جزء من قطعة الجبن، ودعمت هذا الوفد بزيارة لاحقة لمساعد كاتبها في التجارة، الذي قال بأنه يسعى إلى رفع حصة استثمارات المقاولات الأمريكية في الاقتصاد الجزائري. أما إسبانيا التي يصلها أنبوب الغاز الجزائري عبر المغرب، فكثفت من اقترحات مشاريعها في سياق الجبنة لتدعم المكانة التي تربطها بالجزائر والتي جعلتها المصدر الأول لجارتنا الشرقية خلال الفترة مابين 2005 و2010 واستحواذها على 26 بالمائة من سوق الاستثمار خلال الخمس سنوات الأخيرة. وفي إطار التسابق المحموم على قطعة الجبن، زار الجزائر وفد من المتعاملين الإيطاليين يمثل 10 مؤسسات، ووقعت البرتغال 17 اتفاقية في مجال البناء والأشغال العمومية. أما ألمانيا التي وضعت ملفات عدة على طاولة الحكومة الجزائرية، فإن الرئيس عبد العزيز بوتقليقة سيزور عاصمتها في 8 دجنبر الجاري، ومعلوم أن صادرات ألمانيا ارتفعت في سنة 2009 إلى أكثر من 26 بالمائة. إن الجزائر تقوم اليوم بحملة دبلوماسية اقتصادية رصدت لها 286 مليار دولار، موجهة بالأساس إلى عواصمالولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا، ودون شك فإن الاقتصاد اليوم يخدم المصالح السياسية، خاصة إذا كانت قطعة الجبن هاته مغرية يسيل لها لعاب المقاولات التي تواجه أوضاعا صعبة بالقارة العجوز، وتتلاءم واستراتيجية الجزائر الإقليمية. كما أنها تضاف الى الاعتمادات المرصودة للتسلح حيث أن الصفقات التي أبرمتها الجزائر في الخمس سنوات الاخيرة فاقت 50 مليار دولار. للإشارة، بلغ حجم الاستثمارات العمومية المغربية مابين 2008 و2010 حوالي 400 مليار درهم، أي 50 مليار دولار، وهو ما يمثل 17 بالمائة فقط من قطعة الجبن الجزائرية.