استضافت إذاعة طنجة فعاليات مهتمة في برنامج "أنيس المتحاورين" الذي يعده ويقدمه الزميل محمد لكوبري مهتمين بالشأن الإعلامي والقانوني والحقوقي، لمناقشة وتحليل قرار تعليق وزارة الاتصال المغربية مكتب قناة "الجزيرة" القطرية في المغرب. أكد عبد الله البقالي رئيس تحرير "جريدة العلم" على أن تعليق قناة الجزيرة كان نتيجة حيادها الدائم عن الموضوعية والمهنية، كلما تعلق الأمر بتغطية القضايا المصيرية المغربية ومنها قضية الوحدة الترابية. وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت هناك خلفيات سياسية محضة لتعليق نشاط الجزيرة أم أن لا مهنية القناة هي السبب في تعليق نشاطها الإعلامي بالمغرب، أكد البقالي بأن طبيعة عمل الجزيرة يؤكد بأنها عميلة أجندة سياسية خارجية عبر قفازات إعلامية غاياتها المس بالوحدة الترابية والمغربية ومصالحه العليا. وأضاف أن صحفيي الجزيرة ليسوا رهيني رؤساء تحرير القناة بل صحفيو أجندة سياسية يقرأون أوراقا معدة لهم سلفا، مقابل تلقي أجورهم من الحكام في قطر. واعتبر عبد الله البقالي أن قناة الجزيرة لا تتماشى تغطياتها وفلسفة الإعلام المتعارف عليها، لأنها تدار أمريكيا عبر حكام قطر. وأشار أن هذه القناة تعمل على تقديم بعكس الواقع قطر على أساس أنها واحة من الحريات سيتم تصديرها إلى باقي دول العالم وخاصة العالم العربي. وأضاف عبد الله البقالي أن أهداف الجزيرة لا تخرج عن جعل قطر الدويلة الصغيرة -(سكانا ومساحة ومكانة على الخريطة السياسية الدولية)- لأن تلعب أدوارا مؤثرة عبر قناة الجزيرة على مستوى الرأي العام الدولي. وأبرز أن حكام قطر اختلقوا هذه الأداة الإعلامية لكسب موقع قدم سياسيا ضمن السياسة الدولية ، فجعلوا من الجزيرة وسيلة لجذب الاهتمام العالمي، حيث يلحظ هوس حكام قطر بالقضايا الكبرى لجذب الاهتمام العالمي لهذه الدويلة الصغيرة، ولذلك فإنهم لا يتوانون في دفع الكثير من الأموال لكبار المشاهير لزيارة قطر. ووصف البقالي قناة الجزيرة بالنسبة لحكام الجزيرة كما لو كانت مفاعل ديمونة النووي بالنسبة لإسرائيل والمرجعية الدينية (وجود الأماكن المقدسة) بالنسبة للسعودية، ويحاول الحكام القطريون جعل قناة "الجزيرة" أداة جذب الاهتمام الدولي والعربي نحو هذه البلاد الصغير والقاحلة سياسيا. وأضاف عبد الله البقالي أن إنشاء قناة الجزيرة انعطف انعطافا خطيرا، فبعدما كانت تنتصر لقيم الوحدة والتماسك العربي، صارت تعمل على إشاعة الفرقة وتشجيع مظاهر الانقسام العربي، قصد تحويل العالم العربي إلى دويلات "قَطَرية" صغيرة تتساوى مساحة وديموغرافيا مع قطر، ولذلك فإنها لا تتخلف عن إثارة جروح الجسد العربي وتقليب مواجعه. واعتبر أن قرار وزارة الاتصال المغربية القاضي بتعليق نشاط قناة الجزيرة قرار سيادي، جاء في سياق حماية المصالح العليا البلاد من عبث التغطية الإعلامية غير المهنية لقناة الجزيرة، ولذلك فإنه بالحق الذي منحتها الوزارة الترخيص، فإنها بذات الحق سحبت منها هذا الترخيص، وفقا لما هو معمول بها في كل الدول الديموقراطية المتقدمة. وأبدى عبد الله البقالي عددا من الأمثلة والأدلة الدالة على الانحياز الفاضح للقناة في توافق تام للأجندة السياسية الخارجية ، بحيث لا تغطي المشاريع التنموية بالمغرب، بينما تسارع إلى إبراز الصور السلبية والسيئة للمغرب. وحول السياق الذي تم فيه الترخيص لقناة الجزيرة، أكد عبد الله البقالي أن المغرب كان يتطلع إلى تأسيس ديموقراطية ناشئة، واعتبار إعلان الجزيرة ب "دعم مثل هذه الديموقراطيات"، فكان الترخيص للقناة وفتح مكتب لها في الرباط، لكن الواقع كشف أن الساهرين على قناة الجزيرة القطرية يتعاطون بمكاييل كثيرة فيما يخص الوحدة الترابية والمصالح العليا المغربية. ومن بين الأمثلة القوية كون الجزيرة خصصت بسخاء حيزا زمنيا كبيرا لتغطية قضية أميناتو حيدر، لكنها أصيبت بالخرس في قضية مصطفى سيدي مولود ولد سلمى حين اعتقاله في الجزائر على خلفية إعلان رأيه بتأيد المقترح المغربي القاضي بمنح حكم ذاتي في الصحراء. وأشار البقالي على أن الرسالة الإعلامية ومصداقية ومهنية المؤسسات الإعلامية يجب أن ينظر إليها في طبيعتها الشمولية ، إذ لا يمكن تجزيئها، ليتساءل حول إمكانية قناة الجزيرة التعرض للأوضاع الداخلية لدولة قطر، وهل بإمكانها إعداد تقارير وثائقية حول الطريقة التي وصل بها أمير قطر إلى الحكم، وماذا عن البرلمان القطري والأحزاب السياسية في قطر... واستغرب البقالي اقتصار التغطيات الإعلامية لقناة الجزيرة في المغرب على السلبيات دون أن تتعرض بالمطلق إلى نقط الضوء المشعة في مسيرة التنمية بالمغرب، والمهنية الإعلامية متوازنة وغير اختزالية وعلى القدر الذي توجد في المغرب سلبيات فإن له إيجابيات كثيرة. في تدخله أكد الصحفي المختار لغزيوي أن المغاربة يجمعون على صواب القرار المغربي، ذلك أن الجزيرة داومت على الإضرار بالمصالح العليا للبلاد، وأنها بذلك تسود صورة المغرب وتهديد مصالحه القومية. واعتبر أن قرار تعليق نشاط الجزيرة بالمغرب قد تأخر بعدما تأكد أن المهنية والموضوعية مفترى عليها في قناة الجزيرة، وتعمق الخطأ الأول للمغرب قبوله بفتح مكتب لها في الرباط من دون التوقيع على دفتر تحملات واضح الشروط. إن قرار تعليق ترخيص هذه القناة ليس قمعا لحرية التعبير والعمل الصحفي ولكنه انتصار للسيادة المغربية وحماية للمصالح الوطنية، خاصة بعد التأكد أن القناة تقوم بتصريف أجندة سياسية خارجية. وقالت خديجة المروزي الكاتبة العامة لجمعية الوسيط للديموقراطية وحقوق الإنسان إنه في ظل الجهل بطبيعة الاتفاق الذي تم بين المغرب والدولة يصعب الحسم في موضوعية قرار الترخيص، لكنه عموما فإن المتتبع العادي للعمل الصحفي للجزيرة يلفيه بمضامين مسيئة للمغرب وصورته، وخاصة حينما يتعلق عملها الصحفي بقضية الصحراء المغربية. واعتبرت لمروزي أن الجزيرة تصنع مشاهدين ولا تصنع رأيا عاما، ويبرز ذلك جليا في استقرار الخطاب الإعلامي للجزيرة حيث تميل إلى تحريض الضيوف إلى تبني مواقف محدد سلفا. وإذا كان عبد العالي حامي الدين قد اعترف بأن قرار تعليق نشاط قناة الجزيرة في المغرب، قد تم بعد رصد عدة حالات أخلت فيها القناة بقواعد النزاهة والدقة والموضوعية، إلا أنه يعتبر أن هذه الاتهامات التي أوردتها وزارة الاتصال تبقى عامة وفضفاضة. وأضاف أن قرار التعليق ليس قضية إدارية فحسب وإنما تدخلت فيه عدة أطراف تبعا لما عبر عنه نبيل بنعبد الله وزير الاتصال السابق بقوله »يدي ويد القابلة«.