بعد أسبوعين من دخول مدونة السير حيز التطبيق، اتسع لهيب الأسعار ليشمل المواد الاستهلاكية، بما في ذلك اللحوم الحمراء، والمنتوجات البحرية، والسكر، والشاي، وغيرها من المواد الأساسية. ويجمع المهنيون والتجار على أن موجة الغلاء هذه ترجع، أساسا، إلى ارتفاع كلفة النقل، من مناطق الإنتاج إلى أسواق الجملة، بسبب تقلص الحمولات المسموح بها للناقلين، وفق مدونة السير الجديدة، ما يدفع "النقالة" إلى "تعويض ما كان مسموحا بنقله، وقد تصل الحمولة في بعض الأحيان إلى 20 طنا، برفع أسعار المنتوجات المنقولة"، في حين، يستبعد كريم غلاب، وزير التجهيز والنقل أن يكون تقليص الحمولة هو سبب صعود الأثمان، بل يرجعه إلى المضاربين، الذين يستغلون مثل هذه الثغرات، للتلاعب بالأسواق. وبينما اقترب سعر الكيلوغرام الواحد من اللحوم الحمراء من 80 درهما، في بعض الأسواق شهدت أثمان الخضر والفواكه ارتفاعا جديدا، إذ ارتفع سعر الطماطم من 10 دراهم، خلال الأسبوع الأول من أكتوبر، إلى 12 درهما للكيلوغرام، والبطاطس، واللفت، والجزر، والقرع، والسفرجل، وغيرها، فوق 6 دراهم للكيلوغرام، بينما تفوق هذا المستوى في بعض الأسواق الأخرى. وسجلت أسعار الفواكه المنحى نفسه، إذ بلغ ثمن الموز 12 درهما، على الأقل، والتفاح، والإجاص (بوعويد)، والعنب، والخوخ، بين 12 و15 درهما في المناطق الشعبية، في وقت سجل سعر الحوامض الصغيرة (ماندرين) 8 دراهم، بداية موسم الجني. من جهته، شهد سعر السكر صعودا جديدا، إذ بلغ ثمن سكر "القالب" 12.5 درهما في بعض المناطق، و15 درهما في مناطق أخرى، بينما ارتفع ثمن الكيلوغرام الواحد من السكر المقروط 6.5 دراهم، مرتفعا ب 50 سنتيما في ظرف أسبوع. ومن المتوقع أن يستورد المغرب 60 في المائة من إجمالي حاجياته من السكر، أي ما يعادل 600 ألف طن، هذه السنة، في وقت لا يتجاوز الإنتاج المرتقب 440 ألف طن، بتسجيل انخفاض يقدر ب 10 في المائة، مقارنة مع إنتاج 2009. وشهدت أسعار السكر في الأسواق العالمية ارتفاعا بنسبة 14.5 في المائة، إذ وصل سعر الطن الخام في سوق نيويورك إلى 556 دولارا، بينما يتوقع أن يسجل العرض الدولي فائضا يقدر ب 2.5 مليون طن إضافية، بعد سنتين ضعيفتي الإنتاج، الذي لم يتعد 7.7 ملايين طن، نهاية يوليوز الماضي. وحاليا يقدر الاستهلاك الوطني من السكر ب 1.6 مليون سنويا، ما يدفع المغرب إلى استيراد أكثر من نصف الحاجيات، أي بين 550 و600 ألف طن، سنويا، من دول أوروبية، وأميركية لاتينية، خصوصا البرازيل، التي تعد أول دولة منتجة للسكر في العالم، بأكثر من 30 مليون طن سنويا. وسجل ثمن الشاي الأخضر الصيني زيادة جديدة، تضاف إلى الزيادة، التي شهدها المنتوج قبل أيام، بسبب قلة المستوردات من الصين، نتيجة موجة الجفاف، التي ضربت مناطق الإنتاج في هذا البلد. وزاد ثمن العلبة، التي تزن 250 غراما، بدرهمين، على الأقل، ليسجل السعر ارتفاعا يفوق 20 في المائة. ورجح مصدر مطلع أن يستمر ارتفاع أسعار الشاي حتى ربيع 2011، الذي ينتظر أن يتزامن مع فترة جني المحصول، لتكون عمليات التموين والاستيراد، متاحة بداية الصيف المقبل. وكانت أسعار الشاي الأخضر الصيني، متفاوتة، حسب النوع والجودة، إذ كانت تتراوح بين 40 درهما للكيلوغرام، بالنسبة إلى النوع العادي جدا، المعبأ والمستورد من الصين، وبين 200 درهم للكيلوغرام، بينما تبلغ أثمان الأصناف الأكثر استهلاكا من جانب الأسر المغربية، 60 إلى 70 درهما للكيلوغرام. وكان كريم غلاب، وزير التجهيز والنقل، أكد أن "التأثير المعقول والمتوقع" على كلفة النقل جراء احترام الحمولة القانونية من طرف جميع الناقلين، "لا يمكن أن يتعدى بعض الزيادات المحدودة، التي لا تفسر الارتفاع، الذي شهدته أسعار المواد الاستهلاكية في الأيام الأخيرة. وأوضح غلاب، أخيرا، في معرض رده على سؤال محوري بمجلس النواب، حول الإجراءات المتخذة لتطبيق مدونة السير، أن معدل الزيادة بالنسبة إلى الشاحنات من صنف 40 طنا هو 5.7 سنتيمات للكيلوغرام، و34 سنتيما بالنسبة إلى الشاحنات من صنف 14 طنا، في حين أن الزيادات التي عرفتها أسعار المواد الاستهلاكية تفوق 2 أو3 دراهم، مشيرا إلى أن المصالح المختصة أرجعت هذه الزيادات إلى المضاربة والتخزين. وذكر غلاب أن الوزارة استبقت هذه الإشكالية بانكبابها مع المهنيين على إيجاد حلول تتعلق بحمولة شاحنات (8 أطنان)، واتخذت بالتوافق معهم عدة تدابير عملية، وإجراءات وتسهيلات مسطرية، تمكنهم، حسب قوله، من ممارسة نشاطهم، في ظل القانون والحمولة المرخص بها.