أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس،نصره الله،أن الميثاق الوطني للبيئة يعد مشروعا مجتمعيا أكثر منه مسألة بيئية. وقال جلالة الملك في رسالة سامية إلى المشاركين في الندوة الدولية التي انطلقت أشغالها اليوم السبت بطنجة حول "التدبير المستدام للساحل: دور التربية والتحسيس"،إن الميثاق الوطني للبيئة،"الذي دعونا لبلورته في نطاق قانون- إطار ; بعد إنضاج مساره بمقاربتنا التشاركية،والتشاورية والإدماجية" هو بمثابة مشروع مجتمعي أكثر من مسألة بيئية. وشدد جلالة الملك على ضرورة أن يشكل هذا الميثاق "مرجعا عموميا للسياسات العمومية لبلادنا . وهو ما يقتضي من كافة المؤسسات والقوى الحية،الانخراط القوي،والتعبئة الدائمة لتفعيله". وفي مجال التوفيق بين متطلبا ت التنمية الا قتصادية والبشرية،وبين الا لتزام بالاتفاقات الدولية المتعلقة بالحفاظ على البيئة،ذكر صاحب الجلالة أن المغرب قام ،وفاء منه بهذا التعهد الوطني والدولي،ببذل جهود متواصلة في ميدان البيئة. كما حققت بلادنا ،يقول جلالة الملك،خطوات متقدمة،مؤسسية وقانونية; هادفة لإدماج قضايا البيئة،في السياسات العمومية للتنمية. وفي سياق نفس التوجه،أقدمنا على اتخاذ العديد من المبادرات لتطوير التنمية النظيفة،من خلال إطلاق برامج وطنية كبرى،وإ قرار التشريعات اللازمة،للنهوض بالبيئة وحمايتها،ومحاربة تلوث الهواء،وتدبير النفايات; بما في ذلك منع استعمال الأكياس غير القابلة للتحلل بيولوجيا. وأضاف جلالته أنه تم كذلك اعتماد قانون حول الطاقات النظيفة والمتجددة،التي "نولي أهمية خاصة للنهوض بها،لا سيما عبر مشروعنا لإنتاج الطاقة الشمسية،الرائد جهويا وعالميا". وفي ما يخص التغيرات المناخية،التي تشكل أحد الانشغالات الرئيسية للمجتمع المدني،ذكر جلالة الملك بأن المملكة أطلقت عدة مبادرات،من بينها مواصلة برامج حسن تدبير الموارد المائية،والحفاظ على جودتها،واعتماد استراتيجيات وطنية لمحاربة الفيضانات والتصحر والحد من مخاطر الكوارث الطبيعية. وأكد صاحب الجلالة ،من جهة أخرى ،أن الساحل يعد في جل بلدان العالم من أكثر المناطق التي تعاني الاستغلال المفرط لفضائه الطبيعي والبيئي ،وذلك بسبب الأنماط الاستهلاكية الحالية،وتمركز العديد من الأنشطة الاقتصادية فيه،وما يعرفه من انتشار عمراني متواصل،واحتياجات متزايدة في مجال التجهيز والبنى التحتية والطاقة،إضافة إلى الضغوط الناجمة عن النشاط السياحي الموسمي،المتنامي سنة بعد أخرى. لذا،يضيف جلالته،فإن الساحل يشكل فضاء تكتسي فيه رهانات التنمية المستدامة أهمية خاصة،وذلك بالنظر لما يهدد الوسط البحري،والأنظمة البيئية الساحلية عموما،من مخاطر،تحمل في طياتها انعكاسات سلبية على الاقتصاد والبيئة،وتعرقل تحقيق أهداف الألفية للتنمية. وقال جلالة الملك إن المغرب ،واستشعارا منه لحجم هذه ا لتحديات،قام بإعداد "مشروع قانون يتعلق بتهيئة الساحل وحمايته واستصلاحه،والمحافظة عليه . لكن مهما كانت أهمية الجانب التشريعي،فإن المحك الحقيقي للتدبير المستدام،سواء بالنسبة للساحل،أو في التنمية عموما،يبقى هو انخراط وتعبئة كافة مكونات المجتمع،والقيام بعمل دؤوب للتوعية والتربية في هذا المجال".