سواقي صغيرة من المياه المتعفنة تفرغها أنابيب صغيرة بواد الناشف الذي يخترق عدة أحياء شعبية بمدينة وجدة ومنها واد الناشف والمير علي وحي سي لخضر . برك من الواد الحار انتصبت هنا وهناك حيث فتحت أبواب الجحيم أمام سكان منازل قريبة وأخرى على جنبات الواد الكارثة الذي يطارد مئات العائلات بمعاناة حقيقية لا تعرف التوقف . الرائحة الكريهة تطارد الأجساد المستضعفة من خلق الله على طول الخط الأسود وتدخلهم في دائرة شم إجباري يقدم لهم العذاب والأمراض هدية متواضعة ويعلنها حربا ضد ساكنة مغلوبة على أمرها رغم رفعها للراية البيضاء حيث الهجومات المتواصلة لجيوش من الذباب والناموس المنطلقة من قواعد رسمية يزيد من حدتها التعفن وطلعات جوية قاتلة تحمل بين طياتها ضربات موجعة تنتهي بالإزعاج واللسعات. دماء آدمية منتشرة بجل الحيطان تشهد على تعبير أحد السكان على حروب ليلية شرسة تلتصق من خلالها أعداد من مقاتلات الناموس بالجدران نتيجة ضربات غاضبة من أيادي المنكوبين من ضحايا الواد الحار وبرك المياه المتعفنة . محنة قد تصل إلى حدود زحف الديدان إلى المنازل واستقبال أمراض جلدية خاصة على مستوى الأطفال الذين لا يستطيعون المقاومة رغم إدراج جل العائلات للمبيدات بقائمة المواد الأساسية للتنقيص من ويلات تكاد لا تنتهي حيث هاجس الفيضان في فصل الشتاء والحشرات الضارة بفصل الصيف وقاسمهما المشترك رائحة كريهة تلازم المنازل على مدار السنة . هذا وسبق للمواطنين بحي المير علي أن تقدموا بشكايات للمجلس البلدي حيث توجهوا بشكل جماعي للإحتجاج على مأساة لم يكترث لها المسؤولون في نظرهم وللتعبير عن تذمرهم واستيائهم من واقع شاق ومتعب يذوقون من خلاله كل أنواع الهزائم أمام شبح الرائحة وأنياب الناموس. رحلة انتهت برش بعض الأدوية بالواد لمرة واحدة حيث استمرت سواقي المياه المتعفنة في التدفق وانتعشت برك الواد الوار وفتحت أبواب جهنم أمام السكان من جديد ..." راحنا معذبين بزاف . ولينا نباتوا فايقين وعيينا من الأدوية لي ما قادرينش عليها . أولادنا مرضوا . فين هي المصالح المختصة . واش حنا ماشي مغاربة .." أفاد أحد سكان الأحياء المتضررة لجريدة الأحداث المغربية وهو ينظر لبركة انتصبت قرب منزله وأضاف قائلا : " شكون لي يقدر إيعيش هنا . حتى الضيوف ما بقاوش يزورونا من هاد الكارثة . ما عارفينش شكون لي غادي ينقدنا من المنكر .." . وإذا كانت أطراف مهتمة قد أكدت للجريدة بضرورة التعجيل بترحيل الساكنة القريبة من الوادي لخطر الفيضان والأوبئة فإن أخرى من عين المكان طالبت بتغطية مجاري الواد الحار وإكمال الأشغال التي توقفت عجلتها بالقرب من القنطرة مع المعالجة الطبية المستمرة رأفة بأنات مواطنين تعبوا من الصراخ دون أن يجدوا في رأيها من يغيتهم وهم يغرقون في وحل الرائحة ومستنقع الذباب والناموس. مصطفى محياوي/الاحداث المغربية ............................................................