نستضيف و ضمن زاوية رسائلنا الهادئة شخصية تنتمي إلى جهاز القضاء و ما أدراك ما جهاز القضاء، إنه ميزان “العدالة أساس الملك" و " إذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل". و قبل أن نبدأ رسالتنا الموجهة إلى جناب وكيل جلالة الملك بالمحكمة الإبتدائية بوجدة نفضل هذا التقديم. من بين الاوراش الكبرى التي دشنها جلالة الملك محمد السادس، ورش إصلاح القضاء، بما يفيد أن هذا القطاع عرف و على مدار سنوات خلت الكثير من الإختلالات، و هذا ما جاء به الخطاب الملكي السامي و الذي نعيد نشر أهم ما جاء فيه و الدعامات الأساسية لإصلاحه. يقول جلالة الملك. أولا : دعم ضمانات الاستقلالية : وذلك بإيلاء المجلس الأعلى للقضاء المكانة الجديرة به، كمؤسسة دستورية قائمة الذات، وتخويله، حصريا، الصلاحيات اللازمة، لتدبير المسار المهني للقضاة، وإعادة النظر في طريقة انتخابه، بما يكفل لعضويته الكفاءة والنزاهة، ويضمن تمثيلية نسوية مناسبة لحضور المرأة في سلك القضاء، فضلا عن عقلنة تسيير عمله. وفي نفس الإطار، يجدر مراجعة النظام الأساسي للقضاة، في اتجاه تعزيز الاحترافية، والمسؤولية والتجرد، ودينامية الترقية المهنية، وذلك في ارتباط مع إخراج القانون الأساسي لكتاب الضبط، وإعادة النظر في الإطار القانوني المنظم لمختلف المهن القضائية. ثانيا : تحديث المنظومة القانونية : ولاسيما ما يتعلق منها بمجال الأعمال والاستثمار، وضمان شروط المحاكمة العادلة. وهو ما يتطلب نهج سياسة جنائية جديدة، تقوم على مراجعة وملاءمة القانون والمسطرة الجنائية، ومواكبتهما للتطورات، بإحداث مرصد وطني للإجرام، وذلك في تناسق مع مواصلة تأهيل المؤسسات الإصلاحية والسجنية. وبموازاة ذلك، يتعين تطوير الطرق القضائية البديلة، كالوساطة والتحكيم والصلح، والأخذ بالعقوبات البديلة، وإعادة النظر في قضاء القرب. ثالثا : تأهيل الهياكل القضائية والإدارية، وذلك بنهج حكامة جديدة للمصالح المركزية لوزارة العدل وللمحاكم، تعتمد اللاتمركز، لتمكين المسؤولين القضائيين من الصلاحيات اللازمة، بما في ذلك تفعيل التفتيش الدوري والخاص، بكل حزم وتجرد، وكذا اعتماد خريطة وتنظيم قضائي عقلاني، مستجيب لمتطلبات الإصلاح. رابعا : تأهيل الموارد البشرية، تكوينا وأداء وتقويما، مع العمل على تحسين الأوضاع المادية للقضاة وموظفي العدل، و إيلاء الاهتمام اللازم للجانب الاجتماعي، بتفعيل المؤسسة المحمدية، تجسيدا لرعايتنا الدائمة لأسرة القضاء. خامسا : الرفع من النجاعة القضائية، للتصدي لما يعانيه المتقاضون، من هشاشة وتعقيد وبطء العدالة. وهذا ما يقتضي تبسيط وشفافية المساطر، والرفع من جودة الأحكام، والخدمات القضائية، وتسهيل ولوج المتقاضين إلى المحاكم، وتسريع وتيرة معالجة الملفات، وتنفيذ الأحكام. سادسا : تخليق القضاء لتحصينه من الارتشاء واستغلال النفوذ، ليساهم بدوره في تخليق الحياة العامة، بالطرق القانونية. هذه أبرز النقاط الست التي تحدث عنها جلالة الملك خلال خطابه بمناسبة الذكرى السادسة و الخميس لثورة الملك و الشعب. السيد جناب وكيل جلالة الملك. لن ينازعنا أحد في كونكم تتمتعون بشخصية نزيهة، و أنكم شخصية تخاف الله، و منذ تعيينكم على رأس المحكمة الابتدائية اختفت صفة الوكيل الجبار القاهر المتعنت، و الذي تشوبه شوائب عدة. فإذا كانت النزاهة صفتكم و التقية منهاجكم، و الخوف كل الخوف من مغبة الظلم و الجور و الحيف و تغليب كفة طرف على آخر لا تجد طريقا لها في مشواركم، فإننا نعتقد، جنابكم، بأن هذا لا يمنعكم من الخروج من مكتبكم و الإطلاع بنفسكم على ما يجري و يدور في دهاليز محكمتكم الموقرة. إن بعض نوابكم يغلقون مكاتبهم و لا ندري السبب، بيد أن قلة منهم من تفتحها و تباشر عملها و تجتهد، و نتمنى أن يكون اجتهادها في منزل المنزلتين، المجتهد المخطأ و الصائب، دون أي ضغط أو توجيه أو تبرير غير منطقي أو مصلحة زائلة. وضع كهذا يزيد من استصعاب مهمتكم و يفتح الطريق في وجه بعض السماسرة الذين يؤثرون في السير العادي للقضاء، و نحن على علم و يقين أنكم تحرصون على محاربة هؤلاء و قد اختفت بعض الوجوه منذ مقدمكم غير أن إستمرار بعضهم في الخفاء قد يؤثر على القضاء و على مسيرتكم في تكريس النزاهة و القضاء العادل الذي تحرصون عليهم. و أمام ابتعاد بعضهم عن الواجهة و ترك الجمل بما حمل للبعض تكثر القضايا بين أيدي تلك القلة، و هذا يشكل عبئا عليهم، و بكثرة العيب قد تكثر الأخطاء، و بالتالي لا نرى سببا في جمود البعض دون الآخر و ارتكب البعض الآخر لأخطاء مهنية و تجاوزات غير مسبوقة تحت ذريعة أنهم وكلاء أو نواب جنابكم و لعل الكثير من القضايا انتم على علم بها، و انتشرت بين رعايا جلالة الملك بوجدة كالفطر و لم تفهم سببها أو دوافعها بالرغم من توجيهات جلالة الملك لإصلاح منظومة القضاء. لقد اشتكت إدارة السجون من كلفة الإعتقال الإحتياطي و نعلم أن بعض حالات هذا الإعتقال تقتضي مرونة لمواجهة مشاكل السجون، و بالتالي نعتقد من خلال خطاب جلالة الملك السامي العمل على تنزيل بعض مضامينه فيما يخص الصلح و تجنيب خسائر لسنا في حاجة إليها. تدر على جنابكم و أفراد النيابة العامة بمحكمتكم الموقرة بعض حالات الخيانة الزوجية، فيضطر بعض المتابعين لتجنب المتابعة إشهار دعوى إثبات الزوجية من أجل إطلاق سراحه و هذا ضد مبدأ مهم و صريح في مدونة الأسرة فيما يخص توثيق الزواج، علما أن المتهمين في هذا الملف يلجؤون لهذه الحيل من أجل الإفلات و من بعد ربما يتنازلون عن هذه الدعاوي فيما يخص إثبات الزوجية. جناب وكيل جلالة الملك. تقبلوا فائق التقدير و الإحترام.