يستعين الأمن المغربي أحياناً بموقع "فيسبوك" في الكشف عن تفاصيل بعض الجرائم والقبض على المُجرمين المُتورطين فيها، خاصة عندما تكون صفحات هذا الموقع شاهدة على بعض الأحداث أو المؤشرات التي تدل على هوية مرتكبي الجريمة وبياناتهم الشخصية. وقالت مصادر أمنية إن المغرب أضحى يبذل قصارى جهوده في سبيل الحد من الجرائم التي لها ارتباط بالإنترنت، من خلال الاهتمام بشكل أكبر بموضوع الجريمة الإلكترونية، مع السعي إلى معرفة خبايا العالم الافتراضي للتحقيق في جرائم قد يكون الانترنت مساهماً في حل ألغازها المحيرة. سرقة وصلاة وساعدت صفحات موقع "فيسبوك" مُحققي الأمن، قبل فترة قصيرة، على فك لغز جريمة بالقبض على عصابة من خمسة شباب من مدينة الدارالبيضاء تخصصوا في سرقة الشقق، مع الحرص على أدائهم الصلاة جماعة في المساجد. واستغل رجال الأمن صفحة "فيسبوكية" أطلق عليها اسم "الصلاة والعبادة والسرقة كالعادة" أنشأها الشباب أنفسهم الذين كانوا يصلون في المسجد نهاراً، أما في الليل فيتسلقون الجدران من أجل التسلل إلى الشقق لسرقة المجوهرات والأموال. واستطاع المحققون أن يتعرفوا من خلال هذه الصفحة "الفيسبوكية" إلى الشبان الخمسة الذين رفعوا شعار "الصلاة والسرقة" على صفحاتهم في فيسبوك، فنصبوا لهم كميناً أمنياً وهم يستعدون لتنفيذ جريمة سرقة بتسلق جدران إحدى الشقق مستغلين عدم تواجد أصحابها. "فيسبوك" يفضح خيانة زوجية وفي قضية مشابهة، فضحت صفحات على موقع "فيسبوك" أيضاً تفاصيل خيانة زوجية، حيث بدأت القصة عندما اكتشفت زوجة في "بروفايل" نسائي صورة لحفل زفافها في أحد ألبومات الصور، لكن صورة العروس كانت لامرأة أخرى، فاتصلت بتقني في المعلومات أكد لها وجود تلاعب في صورتها الحقيقية مقارنة مع صورتها على فيسبوك. وتقدمت الزوجة ببلاغ إلى عناصر الأمن في الدارالبيضاء الذين استطاعوا معرفة صاحبة "البروفايل" على فيسبوك، لتعترف بأنها نسجت علاقة غير شرعية مع زوج المرأة المخدوعة، فأرادت الانتقام منه بتلك الطريقة بعد أن حاول قطع علاقته معها في الأشهر الأخيرة. وفي سياق ذي صلة استطاع محققون أمنيون الوصول إلى شخص كان يبعث رسائل إلكترونية مجهولة المصدر وغير مُوقعة إلى مجموعة من موظفي التعليم في مدينة أكادير، الشيء الذي دفع محققي الأمن لتعميق البحث لمعرفة هوية صاحب الرسائل الفيسبوكية، ما أفضى إلى إيقاف صاحب الرسائل انطلاقاً من تحديد "آي بي" المُعرف الرقمي للحاسوب. الإنترنت.. فضاء واسع لارتكاب الجرائم واعتبر توفيق الحنشي، المحقق الخاص في مجال الجريمة الإلكترونية، في تصريحات أن "فيسبوك" يتيح البوح بمعلومات سرية قد تكون خيطاً رفيعاً يفضي إلى الكشف عن جريمة قتل أو سرقة أو خيانة وغيرها من الجرائم. كما اعتبر أن الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، ومن ضمنها "فيسبوك" خاصة، أضحت مجالاً خصباً لارتكاب عدد من الجنح والجرائم أيضاً، بسبب عدة عوامل منها أن الجريمة في فضاء الإنترنت أمر جديد نسبياً في البلاد، ما يحفز البعض على محاولة القيام بجرائم إلكترونية معتقدين أنهم لن يقعوا في قبضة الأمن والعدالة. وتابع الحنشي أن العامل الرئيسي الثاني يكمن في أن "فيسبوك" على سبيل المثال موقع عالمي للتواصل والتعارف ينخرط فيه ملايين الأشخاص، فيكون فرصة للبعض من أجل القيام بالنصب والتزوير أو الحث على الدعارة، حيث يكثر الأشخاص الذين يمكن استهدافهم وتكثر بذلك فرص جني المكاسب. إعداد رجال أمن متخصصين وعلق مصدر أمني، فضل عدم ذكر اسمه بأن تطور وسائل الاتصال حتّمت على إدارة الأمن الوطني في المغرب أن تعمل جاهدة على إعداد عناصرها للتخصص في الجرائم الإلكترونية من أجل الاطلاع على مستجدات العالم الافتراضي. وتابع المتحدث قائلاً: "الجريمة لم تعد تلك التي يُستخدم فيها الرصاص أو السلاح الأبيض، بل أضحت الجريمة التي يكون الإنترنت مسرحاً لها أو شاهداً على أحد فصولها، فينبغي أن يكون رجل الأمن المختص مُطلعاً على هذه التطورات من أجل السهر على راحة المواطنين".