حددت المديرية العامة للأمن الوطني، في الآونة الأخيرة، تفاصيل إستراتيجيتها لمواجهة الجريمة.وقالت مصادر مطلعة إن المديرية اعتمدت في مقاربتها على «مخطط عمل» يهدف إلى محاربة الجرائم الأكثر شيوعا بالشارع أو التي لها تأثير مباشر على الشعور بالأمن، وهو مخطط أنيط تنفيذه بمصالح الشرطة القضائية غير المتمركزة، مدعومة بعناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية ومجموعات التدخل المركزية التابعة للأمن العمومي. وأوضحت المصادر نفسها أن المصالح الأمنية تمكنت بفضل «مخطط العمل»، خلال الفترة الممتدة من 8 أبريل إلى غاية 17 شتنبر الجاري، من إيقاف 114675 شخصا، تم وضعهم تحت الحراسة النظرية، من بينهم 86086 ضبطوا في حالة التلبس بالجريمة، و28589 كانوا يشكلون موضوع بحث على الصعيد الوطني. وأفادت المصادر ذاتها أن الإحساس بالأمن والطمأنينة لا يتحقق إلا بوجود موارد بشرية شرطية مؤهلة وذات كفاءة عالية وقادرة على محاربة الجريمة وردع مرتكبيها، إذ دأبت المديرية العامة للأمن الوطني على نهج التكوين المستمر لرفع القدرات المهنية لموظفي الأمن الوطني، حتى تستجيب للمعايير الدولية المعمول بها في مجال التكوين المهني الشرطي. وينص «مخطط العمل» الجديد على خلق دوائر للتكوين المستمر في جميع جهات المغرب، وتسهر عليها لجان متخصصة على الصعيد المركزي، في أفق أن يكون لكل جهة مستقبلا فريق متخصص في التكوين الشرطي المتواصل في المكان والزمن، ستناط به مهام رفع قدرات الشرطيين في كل المجالات ذات الصلة بالعمل الأمني، سيما عمليات التدخل في الظروف الطارئة ومكافحة الجريمة المنظمة، والتصدي للتهديد الإرهابي. وترتكز الإستراتيجية الجديدة على مدونة سلوك نموذجية تحدد أخلاقيات المهنة الشرطية، وتستجيب للمعايير الدولية المقررة بموجب الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان، وذلك تحقيقا لأهداف ومقومات الحكامة الأمنية الجيدة وإرساء المفهوم الجديد للسلطة. وفي السياق ذاته، زار بوشعيب أرميل، المدير العام للأمن الوطني، خلال الأسبوعين الماضيين، عددا من الولايات الأمنية، في إطار جولة تواصلية مع المسؤولين الأمنيين على الصعيد الجهوي والإقليمي والمحلي. وعلم أن هذه الزيارات انطلقت من البيضاء والرباط، وشملت الجهة الشرقية ومدن الشمال والجنوب الشرقي، وجهة فاس سايس وعبدة دكالة والغرب بني احسن، وسوف تستمر لتغطي جميع الولايات الأمنية، في إطار رزنامة محددة سلفا، تروم «الاطلاع على سير العمل في المرافق الأمنية، وتقييم المظهر العام للجريمة، وتحفيز الموظفين من خلال النهوض بأوضاعهم الاجتماعية والمهنية». وفي تحليل لبرامج هذه الزيارات، ذكر المسؤول نفسه «أن الأمر يتعلق بلقاءات مباشرة بين المدير العام للأمن الوطني والمسؤولين والأطر الأمنيين على الصعيد الولائي والإقليمي والمحلي، إذ يتم استعراض مؤشرات الجريمة، ونسبة الجنوح، وإحصائيات الزجر المسجلة، فضلا عن تقييم طبيعة الخدمات الأمنية المقدمة في مجال البطاقة الوطنية والشهادات الإدارية، قبل تسطير معالم مخطط محلي لمكافحة الجريمة، يراعي خصوصية كل منطقة، والتحديات الأمنية المسجلة، والوسائل المالية والبشرية المتوفرة، مع التركيز على ضرورة إشراك الفعاليات المجتمعية والمدنية في تقديم تصورات عملية للوقاية والتحسيس، وذلك في إطار ما يعرف بالإنتاج المشترك للأمن». وربط المدير العام، على هامش هذه الزيارات، الاتصال بولاة وعمال العمالات والأقاليم التي زارها، وناقش معهم السبل والآليات القمينة بالنهوض بالظروف الاجتماعية لموظفي الأمن، خاصة في مجال السكن، إضافة إلى تقديم ملامح الإستراتيجية الراهنة للعمل الأمني، وهي إستراتيجية تقوم على ثلاث مقاربات تتمثل في المكافحة العملية والميدانية للجريمة داخل مجموع المناطق الحضرية، ثم رفع القدرات المهنية للموظفين المكلفين بمحاربتها والوقاية منها، وأخيرا النهوض بالأوضاع الاجتماعية لموظفي الأمن.