إيطاليا تلتحق بإسبانيا في تحذير مواطنيها من السفر إلى تندوف بعد سحب السلطات الإسبانية كافة مواطنيها، إضافة إلى أوروبيين آخرين من مخيمات تندوف، حذرت إيطاليا من حالة الفوضى غير المسبوقة، التي تعيشها مناطق جزائرية، وضمنها تندوف والمخيمات، التي تسيطر عليها البوليساريو، ودعت مواطنيها إلى تنجب أي سفر "غير ضروري" إلى هذه المخيمات. وجاء في بيان للسلطات الإيطالية، الجمعة الماضي، على الموقع الإلكتروني التابع لوزارة الشؤون الخارجية الإيطالية٬ أنه "عقب اختطاف مواطنين إيطاليين في فبراير وأكتوبر 2011 (على التوالي، من جنوب مدينة دجانت وفي المنطقة الغربية القريبة من تندوف)٬ فإنه من غير المستحسن٬ وعلى نحو مطلق٬ السفر إلى المناطق الجزائرية المتاخمة لمالي والنيجر وليبيا وموريتانيا". كما أوصى البيان الإيطاليين "بإلغاء كل سفر غير ضروري إلى المخيمات الصحراوية" في تندوف جنوب غرب الجزائر. وأبرزت الوزارة تفاقم "عدم الاستقرار في منطقة الساحل٬ كما يدل على ذلك اختطاف مواطنين غربيين٬ خلال السنوات الماضية٬ من قبل مجموعات على صلة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". وبعد ماريا ساندرا مارياني٬ التي كانت اختطفت قرب مدينة دجانت٬ تعرضت مواطنة إيطالية أخرى٬ روسيلا أورو٬ لعملية اختطاف في أكتوبر الماضي، بمخيم الرابوني بتندوف. وكانت الصحف الإيطالية أكدت٬ عند اختطاف أورو في 23 أكتوبر الماضي٬ مع مواطنين إسبانيين٬ أن العملية يحيط بها "الكثير من الغموض"٬ مشيرة، استنادا إلى "مصادر مأذونة"، إلى أن الاختطاف وقع "بتواطؤ بين عناصر من جبهة البوليساريو والجهاز العسكري". وكانت صحيفة "نويفا ساردينيا"٬ التي تصدر في جزيرة سردينيا، مسقط رأس الرهينة الإيطالي٬ ذكرت أن الخاطفين٬ الذين كانوا يرتدون الزي العسكري ومسلحين ببنادق هجومية، تسللوا على متن عربات رباعية الدفع إلى مخيم الرابوني٬ واقتحموا مكان وجود المواطنين الأجانب ليختطفوهم، قبل مغادرة المخيم وإطلاق النار والنجاح في طمس أي أثر يمكن من تعقبهم في الصحراء. من جهة أخرى، حذرت وكالة الأنباء الإيطالية "أنساميد" من التدهور الأمني الخطير، الذي تعرفه منطقة الساحل والصحراء٬ واحتمال امتداد رقعته إلى السواحل المتوسطية. وذكرت الوكالة بالتحذير، الذي أطلقته فرنسا حول خطر تحول منطقة الساحل إلى أفغانستان جديدة (ساحلستان)، وأنها قد تصبح، بفعل قربها الجغرافي من المغرب العربي وأوروبا "أسوأ من أفغانستان". وتطرقت الوكالة إلى الرسالة التي وجهتها إسبانيا إلى المجتمع الدولي من خلال ترحيل رعاياها ومواطنين أوروبيين آخرين من منطقة "تندوف" ومن شمال مالي التي أصبحت٬ بفعل عدم الاستقرار السياسي٬ "أرضية للإرهاب، ونقطة انطلاق لجميع العمليات الإرهابية في المنطقة". وأكدت الوكالة الروابط التي أصبحت جلية أكثر بين البوليساريو وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي٬ والتي تعززت بفعل حالة عدم الاستقرار الناجمة عن الحرب الأهلية في ليبيا٬ سيما أن الأسلحة التي خلفها نظام القذافي جعلت من رقعة واسعة بهذا البلد سوقا كبيرة للأسلحة. واعتبرت وكالة "أنساميد" أنه، في ظل هذه الظرفية٬ فإن العديد من الدول مهددة بشكل مباشر. ويأتي تحذير وكالة "أنساميد" بعد أن أكد خبير أمريكي متخصص في قضايا الإرهاب٬ أن نزاع الصحراء يشكل "عائقا رئيسيا" أمام إقامة تعاون إقليمي ناجع ضد الإرهاب بالمنطقة، سواء أحبت الجزائر أم كرهت. من جهته، قال بيتر فام٬ مدير مركز ميكايل أنصاري لإفريقيا٬ التابع لمجموعة التفكير الأمريكية "أطلانتيك كاونسيل" في معرض تعليقه على نتائج التقرير السنوي 2011 للخارجية الأمريكية حول الإرهاب في العالم٬ إن "دعم الجزائر للبوليساريو لا يمثل عائقا أمام إقامة تعاون مع المغرب لمكافحة الإرهاب فحسب٬ بل تحديا بالنسبة إلى لمجتمع الدولي ككل". وأضاف فام، وهو صاحب منشورات عديدة حول الإرهاب والأمن بإفريقيا٬ "إننا أمام مشكل٬ وتقرير الخارجية الأمريكية عمل فقط على إثارته"٬ مؤكدا أن مخيمات تندوف٬ على الأراضي الجزائرية٬ تشكل "مجالا خصبا لتجنيد الشبكات الإجرامية والإرهابية". في سياق متصل٬ حذر تقرير، نشر أخيرا بواشنطن تحت عنوان "الإرهاب في شمال إفريقيا٬ وفي غرب ووسط إفريقيا - من 11 سبتمبر إلى الربيع العربي"، من أن "مخيمات تندوف، التي توجد تحت نفوذ ميليشيات البوليساريو٬ تحولت إلى أرض خصبة لتجنيد شبكات إرهابية٬ ومهربين من كل الأصناف وعصابات إجرامية٬ وبالتالي٬ فإن إغلاقها بدأ يكتسي أولوية". بالمقابل، أكد يونا ألكسندر٬ مدير المركز الدولي للدراسات حول الإرهاب٬ التابع لمعهد بوتوماك، أنه سجل، خلال زيارته لمدينة الداخلة، الفرص المتاحة للأشخاص٬ الذين أتيحت لهم فرصة الهروب من مخيمات تندوف٬ ليصبحوا مواطنين منتجين٬ وبالتالي٬ الاستفادة من النمو والتقدم الذي تعرفه الأقاليم الجنوبية. وقال إن "الأمر يتعلق بحق إنساني غير قابل للتصرف". وشدد التقرير على ضرورة إيجاد حل نهائي لقضية الصحراء٬ التي تشكل "عقبة أمام أمن المنطقة، وتعيق إرساء تعاون اقتصادي حقيقي في منطقة المغرب العربي والساحل".