حذرت وكالة الأنباء الإيطالية "أنساميد" من حالة الفوضى غير المسبوقة التي تعرفها منطقة الساحل والصحراء٬ وكذا من خطر تفاقم انعدام الأمن بالمنطقة وامتداد رقعته إلى السواحل المتوسطية. وذكرت الوكالة في هذا الإطار بالتحذير الذي أطلقته فرنسا حول خطر تحول منطقة الساحل إلى أفغانستان جديدة (ساحلستان) قد تصبح بفعل قربها الجغرافي من المغرب العربي وأوروبا "أسوأ من أفغانستان". وتطرقت أيضا إلى الرسالة التي وجهتها إسبانيا إلى المجتمع الدولي من خلال ترحيل رعاياها ومواطنين أوروبيين آخرين من منطقة "تندوف" ومن شمال مالي التي أصبحت٬ بفعل عدم الاستقرار السياسي٬ "أرضية للإرهاب" ونقطة انطلاق لجميع العمليات الإرهابية في المنطقة. وأكدت الوكالة أيضا الروابط التي أصبحت جلية أكثر بين (البوليساريو) وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي٬ والتي تعززت بفعل حالة عدم الاستقرار الناجمة عن الحرب الأهلية في ليبيا٬ لا سيما وأن الأسلحة التي خلفها النظام السابق لمعمر القذافي جعلت من رقعة واسعة بهذا البلد سوقا كبيرة للأسلحة. وأبرز المصدر ذاته أن الجماعات المتطرفة ترى في الوضع بمخيمات "تندوف"٬ حيث تم في أكتوبر الماضي اختطاف المواطنة الإيطالية روسيلا يورو رفقة مواطنين إسبانيين٬ وكذا الوضع السائد في شمال مالي وليبيا٬ فرصة لإحداث منطقة خارجة عن نطاق القانون٬ على غرار المناطق القبلية بين أفغانستان وباكستان. واعتبرت وكالة "أنساميد" أنه في ظل هذه الظرفية٬ فإن العديد من الدول مهددة بشكل مباشر. وياتي تحذير وكالة "أنساميد" بعد ان ان أكد خبير أميركي متخصص في قضايا الإرهاب٬ إن نزاع الصحراء يشكل "عائقا رئيسيا" أمام إقامة تعاون إقليمي ناجع ضد الإرهاب بالمنطقة، سواء أحبت الجزائر أم كرهت. وقال بيتر فام٬ مدير مركز ميكاييل أنصاري لإفريقيا٬ التابع لمجموعة التفكير الأميركية "أطلانتيك كاونسيل" في معرض تعليقه على نتائج التقرير السنوي 2011 للخارجية الأميركية حول الإرهاب في العالم٬ أن "دعم الجزائر للبوليساريو لا يمثل عائقا أمام إقامة تعاون مع المغرب لمكافحة الإرهاب فحسب٬ بل تحديا بالنسبة للمجتمع الدولي ككل". وأضاف فام وهو صاحب منشورات عديدة حول الإرهاب والأمن بإفريقيا٬ "إننا حقيقة أمام مشكل٬ وتقرير الخارجية الأميركية عمل فقط على إثارته"٬ مؤكدا أن مخيمات تندوف٬ على الأراضي الجزائرية٬ تشكل "مجالا خصبا لتجنيد الشبكات الإجرامية والإرهابية". وكان التقرير الاميركي قد أبرز أن قضية الصحراء المغربية تواصل عرقلة إقامة تعاون معمق ضد الإرهاب بمنطقة شمال إفريقيا. ولاحظ الخبير الأميركي أن نبرة تقرير الخارجية الأميركية تبقى "دبلوماسية"٬ كما أنه لا يغطي الأحداث التي وقعت خلال سنة 2011٬ ويستعبد التطورات الأخيرة التي وقعت هذه السنة شمال مالي٬ والتي شكلت "التهديد الأكثر خطورة للأمن الدولي القادم من إفريقيا". وشدد على أهمية تعزيز النمو الاقتصادي على الصعيد الإقليمي من أجل التصدي للتطرف والإرهاب٬ مؤكدا على أهمية دعم الاندماج المغاربي٬ تماشيا مع النداء الذي وجهه الملك محمد السادس من أجل مواصلة بناء الاتحاد المغاربي. وارتفعت العديد من الأصوات بواشنطن داعية إلى إغلاق مخيمات تندوف٬ التي "أصبحت تمثل نقطة ضعف أمام مكافحة الإرهاب في تجمع جيو-استراتيجي يمتد من المغرب العربي إلى منطقة الساحل". وتفاقمت مشكلة بسبب تعرض ثلاثة مواطنين غربيين يشتغلون في إطار عمليات إنسانية لعملية اختطاف في قلب تندوف٬ قبل أن يتم إطلاق سراحهم مؤخرا مقابل فدية تفوق قيمتها 18 مليون يورو٬ إضافة إلى كون قرار إسبانيا ترحيل عدد من رعاياها الذين يشتغلون في إطار عمليات إنسانية بتندوف يعكس حجم تنامي التهديد الإرهابي في هذه المخيمات. وفي سياق متصل٬ حذر تقرير نشر مؤخرا بواشنطن تحت عنوان "الإرهاب في شمال إفريقيا٬ وفي غرب ووسط إفريقيا : من 11 سبتمبر إلى الربيع العربي" من أن "مخيمات تندوف التي توجد تحت نفوذ ميليشيات البوليساريو٬ تحولت إلى أرض خصبة لتجنيد شبكات إرهابية٬ ومهربين من كل الأصناف وعصابات إجرامية٬ وبالتالي٬ فإن إغلاقها بدأ يكتسي أولوية". وبالنسبة لصاحب هذا التقرير٬ يونا ألكسندر٬ مدير المركز الدولي للدراسات حول الإرهاب٬ التابع لمعهد بوتوماك٬ فإن التهديد الذي يشكله تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" يحتم على المجتمع الدولي أن يجعل في مقدمة أولوياته الترحيل الدائم لسكان هذه المخيمات٬ وفقا للبروتوكولات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة. وفي هذا الإطار٬ أكد يونا ألكسندر٬ أنه سجل خلال زيارته لمدينة الداخلة الفرص المتاحة للأشخاص٬ الذين أتيحت لهم فرصة الهروب من مخيمات تندوف٬ ليصبحوا مواطنين منتجين٬ وبالتالي٬ الاستفادة من النمو والتقدم الذي تعرفه الأقاليم الجنوبية. وقال "إن الأمر يتعلق بحق إنساني غير قابل للتصرف". وشدد التقرير٬ في هذا السياق٬ على ضرورة إيجاد حل نهائي لقضية الصحراء٬ التي تشكل "عقبة أمام أمن المنطقة وتعيق إرساء تعاون اقتصادي حقيقي في منطقة المغرب العربي والساحل".