حالة إنسانية بوجدة "كان السي مصطفى بلهاشمي الله يرحمه، الله يرحم هاذيك الروح، كان رجل كبير، الله يرحمه، كان يتفكرني ويعطيني ويجيب لي كل عام الكبش نتاع العيد حتى للدار...الله يرحمه برحمة الله...". يبلغ الآن من العمر 84 سنة، ويبدو في صحة جيدة رغم حركاته البطيئة وضعف بصره خاصة بالليل...لا يفارق عباءته المتواضعة التي تحيل على فقره المدقع ولا يعرف إلى كراسي المقاهي طريقا حيث يفضل الارتكان إلى حديقة 16 غشت ويتخذ من كراسيها الحجرية مُتّكأ قبالة مسجد عمر بن عبدالعزيز المحاذي لقصر بلدية وجدة، حيث يؤدي صلواته المفروضة قبل أن يعود إلى بيته الواقع بأحد أحياء المدينة القديمة. لا يتحدث إلى أحد إلا لمن يكلّمه أو يسأله عن أحواله أو يجود عليه بما جاد به الله عليه "كان السي مصطفى بلهاشمي الله يرحمه، الله يرحم هاذيك الروح، كان رجل كبير، الله يرحمه، كان يتفكرني ويعطيني ويجيب لي كل عام الكبش نتاع العيد حتى للدار...الله يرحمه برحمة الله...". يعيش بنعيسى حنفي أقدم لاعب لفريق المولودية الوجدية في كرة القدم ، من موالدي 1925، أب لابن عاطل وابنة متزوجين، مع زوجته في بيت جدّ متواضع اكتراه منذ سنين بحوالي 500 درهم للشهر، يقاوم الحياة ويغالب تكاليف العيش بما تجود عليه القلّة القليلة ممن يتذكرونه ويحسنون إليه. تعلو البسمة محيا العجوز الهرم بنعيسى وهو يتحدث عن حياته المعيشية والكروية بأسلوب مرح وطريف لا يخلو من الدعابة باللغة العامية تتخللها عبارات بالفرنسية "خوك ما عندي والو غير الله...واش الكرة فيها شي لانتريت؟" يجيبني عندما سألته إن كان له مورد رزق يؤمن به آخر أيام حياته بعد أن دعوته إلى دردشة ب"كافي دوفرانس"أحد المقاهي التاريخية بشارع محمد الخامس بمدينة وجدة والتي كان يرتادها كثيرا المرحوم مصطفى بلهاشمي الأب الروحي للمولودية وعدد كبير من المهتمين الرياضيين منذ عشرات السنين إلى يومنا هذا... استهل بنعيسى حنفي مشواره الكروي كجناح أيسر سنة 1945 مع فريق الاتحاد الرياضي الوجدي (USO) لكرة القدم المكون من الأجانب بالقسم الوطني الثاني، ثم انتقل إلى فريق المولودية الوجدية في 1946 سنة تأسيسها إلى بداية الستينات " مارست مع المولودية حتى هرمت وعوّضني ابني". لعب بنعيسى مع عدد من اللاعبين الكبار كالمرحوم أحمد كولوش والمرحوم مصطفى بلهاشمي والحاج الطاهر طرشون والحاج بالخير ومحمد الكعواشي وغيرهم وعدد كبير من اللاّعبين الجزائريين الأشقّاء أمثال الحارس المرمى الدّاي "كنت ألعب في أي موقع داخل التشكيلة وبالقدمين الأيمن والأيسر وكنت رسميا في الفريق من بين الرسميين القلائل". عايش أكبر المدربين مثل المرحوم "ابن إبراهيم" وجميع رؤساء نادي المولودية منذ تأسيسه أمثال المرحومين بن الشيخ وعبداللطيف السبتي ومصطفى بلهاشمي..."كنا نخوض المباريات من أجل القميص وكنا نتوصل بالشيء القليل...". حصل بنعيسى حنفي مع فريق المولودية الوجدية على 2 كأسي العرش سنوات 1957 و1958 ، واستدعي كذلك للفريق الوطني أربع مرات سنة 1952. يعود حنفي اللاعب الدولي بذكرياته إلى أكثر من نصف قرن من الزمان "لعبت في السطاد فيليب في 52 ضد الفرق بحال اليوسيم واليوسا والراك والروش نوار ، كانوا غوال في الدارالبيضاء، كل عام كانت وحدة تدّي الشمبيونا في النصارى والعرب كانوا قلال"... ثم يعود إلى حاضره يتحدث بكل حزن وأسى "أما اليوم فلا أحد يفكر فِيَ ولا يذكرني ...واه أخويا واه...كان السي مصطفى بلهاشمي يتفكرني...اليوم والو والو...بالله...ولو حتى رئيس انتاع المولودية..." ثم يستغرق في الضحك عندما سألته إن كان محمد لحمامي الرئيس الحالي للمولودية يعرفه أم لا، "ياك أودّي...لحمامي ما يعرفنيش؟ الله يا ودّي...كاع الرؤساء اللي فاتو يعرفوني...كان فيهم غير بلهاشمي ومن غيرو ما كانش...واه أخويا واه...". وعن وضعيته الاجتماعية الحالية، عبّر بنعيسى حنفى، الجناح الأيسر للموللاودية خلال الخمسينات، عن صبره وقناعته بقسمته، مرددا دون ملل حمده لله ورضاه بقضائه، راجيا منه العطاء والمِنّة "والله إلى كان النهار أللّي نفطر وكاين النهار أللّي ما نفطرش...". يشار إلى أن جمعية فضاء المولودية الوجدية قامت ببعث بنعيسى حنفي إلى الديار المقدسة منذ حوالي 10 سنوات وتأمين تكاليف مناسك الحج.