هل تكون الجولة الثالثة من الاجتماع المفتوح الذي عقدته اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، هي نهاية أمر عباس الفاسي على رأس الأمانة العامة لحزب الاستقلال؟ الظاهر بحسب المصادر داخل اللجنة التنفيذية نفسها أن الأمور تتجه لهذا المنحى. نصحت لجنة حكماء حزب الاستقلال أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب بالتريث في اتخاذ قرار إقالة عباس الفاسي، إلى حين عقد المؤتمر الاستثنائي المتوقع تنظيمه في الشهور القليلة المقبلة. وأفاد قيادي باللجنة التنفيذية للاستقلال، فضل عدم ذكر اسمه ، أن أغلب أعضاء اللجنة التنفيذية يطالبون بتنحي الأمين العام وبانتخاب عضو من اللجنة التنفيذية لقيادة الحزب، إلى حين تنظيم مؤتمر استثنائي لانتخاب أمين عام جديد. وقال القيادي نفسه "طلبنا من عباس أن يختار بنفسه من يخلفه على رأس الأمانة العامة في هذه الفترة الانتقالية، إلى حين عقد المؤتمر الاستثنائي"، إلا أن دخول لجنة حكماء الحزب على خط الصراع بين عباس وأعضاء اللجنة التنفيذية، من شأنه أن يؤخر مطلب الإقالة أو التنحي. وأوضح القيادي الاستقلالي أن اللجنة التنفيذية للحزب استخلصت، أثناء تقييمها للأداء السياسي للأمين العام على رأس الاستقلال، أن الحزب ازداد ضعفا بسبب أخطاء عباس المتكررة، كان آخرها "تنمية النزعة العرقية في هياكل الحزب بدفاعه على جناح أهل فاس"، مشيرا إلى أن أكثر من نصف أعضاء اللجنة التنفيذية لهم، في الوقت الحالي، مطلب واحد، ألا وهو إحالة عباس على التقاعد السياسي، سواء بالإقالة أو التنحي. وأوضحت المصادر أن المهم بالنسبة إلى الاستقلاليين في الوقت الراهن هو رحيل الأمين العام الحالي، الذي يرون أنه أضعف موقف الحزب، في وقت كان عليه أن يستفيد من منحه استثناء ولاية ثالثة على رأس الأمانة العامة. وكان واضحا أن عباس الفاسي سيؤدي ثمن ما اعتبره الاستقلاليون سوء تدبير المفاوضات مع عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، وفقدان الحزب وزارات كانت تجعله أكثر قربا من المواطن، فضلا عن أن الأشخاص الذين اسثنوا من الحصول على منصب وزاري لم يعودوا ينظرون إليه بعين الرضى. مصادر متطابقة من اللجنة التنفيذية قالت إن معارضي عباس الفاسي وخاصة الغاضبين، من طريقة تدبيره للمشاورات مع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، والتي أفضت لإقصاء العديد من الأسماء الاستقلالية في مقابل الحفاظ على أصهار عباس الفاسي في المناصب الوزارية، بدؤوا في إشهار ورقة القانون الاساسي للحزب في مواجهة عباس الفاسي. نفس المصادر قالت ان تربع عباس الفاسي في الأمانة العامة للحزب للمرة الثالثة كان استثنائيا لأنه كان وزيرا أولا، أما وقد انتفت فيه هذه الصفة فمن غير المعقول أن يستمر على رأس الأمانة العامة لمزيد من الوقت. عباس الفاسي نفسه ونقلا عن نفس المصادر لم ينبس بكلمة واحدة ردا على التقريعات التي سمعها في جولتين من اجتماع المكتب التنفيذي، وكان كل ما قاله احتجاجا على أعضاء اللجنة التفنيذية هو "حافظوا على كرامتي". فالرجل يريد المغادرة بطريقة غير التي تدور في رأس أعضاء اللجنة التنفيذية الغاضبين. مناصرو عباس قالوا في ردهم على الذين دعوه ، بأن مؤتمر الحزب وشيك ولا بأس من انتظار أشهر قليلة حتى انعقاد المؤتمر، حفاظا على تماسك الحزب. في المقابل من هذا الكلام يدرك معارضو عباس الفاسي أن منح المزيد من الوقت لعباس الفاسي على رأس الأمانة العامة سيكون فرصة كبيرة له من اجل ترتيب الاوراق للمؤتمر القادم من اجل استخلاف مقرب منه. والظاهر ان لعنة الحقائب الوزارية اشعلت النار من حول عباس الفاسي في كل الاتجاهات. فالغضب يعم ايضا روابط الحزب وهي القطاعات الموازية للحزب من قبيل رابطة المرأة الاستقلالية. مجموعة من هذه القطاعات كانت قد قررت اجتماعات لمكاتبها التنفيذية نهاية الاسبوع الماضي. في الأخير استطاع نزار بركة وزير الاقتصاد والمالية في الحكومة الجديدة، أن يمتص غضب عبد القادر الكيحل الكاتب العام للشبيبة الاستقلالية بعد اجتماع ثنائي عقده الرجلان ساعة كاملة. بحسب مصادر من داخل اللجنة التنفيذية للحزب فقد كان الاجتماع الذي عقده صهر عباس الفاسي مع الكاتب العام للشبيبة الاستقلالية مفيدا جدا في حصر المياه الجارفة داخل اللجنة التنفيذية للحزب بعدما كان عبد القادر الكيحل الكاتب العام للشبيبة الاستقلالية، والذي أقصي في اخر اللحظات من الاستوزار بعدما كان اسمه واردا بقوة، يستعد لتعميم الاحتجاجات على عباس الفاسي داخل القطاعات الموازية للحزب بدءا بالشبيبة الاستقلالية. في واجهة أخرى من واجهات الغضب على عباس الفاسي علم أن عبد الله البقالي النائب البرلماني عن دائرة العرائش، والذي يشغل في نفس الآن مهام رئيس تحرير جريدة "العلم" الناطقة باسم الحزب اضرب منذ أيام عن الحضور لمقر الجريدة. ولم تفلح اتصالات زملائه في الجريدة ولا حتى اتصال، قالت المصادر ، إنه تلقاه من عباس الفاسي في ثنيه عن القول "أن لا علاقة اصبحت تربطه مع العلم". في انتظار ما ستسفر عنه الأيام القادمة داخل البيت الاستقلالي ينتظر أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب ردود عباس الفاسي يوم غد الأربعاء على التساؤلات الحادة التي طرحها معارضوه خلال الاجتماعين الماضيين.