الوقائع الكاملة لأكبر مجزرة في تاريخ النرويج الحديث بعد مثوله الاثنين أمام القضاء الذي رفض طلبا بنقل وقائع الجلسة مباشرة وأمر بإجراء جلسة مغلقة ، وضع أندرس بيرينغ برييفيك المتهم بارتكاب مجزرة الجمعة في النرويج ، والذي أطلقت عليه العديد من وسائل الإعلام لقب « سفاح النرويج» في الحبس الاحتياطي . وقد كشفت تصريحاته أمام المحكمة في أول جلسة، بالإضافة إلى ما تسرب من معطيات حول التحقيق، العديد من الحقائق المثيرة، حول الدوافع التي جعلته يرتكب أكبر مجزرة تشهدها البلاد منذ عدة عقود، والأسباب التي جعلت السلطات النرويجية عاجزة عن معرفة المخطط الإجرامي الذي كان يعده رغم أنها كانت تراقبه منذ مارس الماضي ، والسقوط الإعلامي المريع الذي أدى بعدد من وسائل الإعلام الغربية إلى المسارعة في إلصاق التهمة بالمسلمين دون انتظار المعلومات الرسمية . المجرم اعترف بسهولة وشرح دوافعه خلال مثوله أمام المحكمة ، اعترف بريفييك بارتكاب المجزرة التي اسفرت عن 76 قتيلا . واستغرقت الجلسة التي بدأت بعد الظهر,40 دقيقة. واعترف المتهم بالوقائع لكن من دون الإقرار بذنبه وقال إنه أراد الدفاع عن بلاده وعن أوروبا في وجه الاسلام والماركسية . وذكرت وسائل إعلامية نرويجية أن برييفيك وصل الى المحكمة ودخل من باب خلفي ، وانقض أشخاص كانوا واقفين في مكان قريب على السيارة التي كانت تنقله، وهتفوا «خائن»و«مجرم قذر». وخلال استجوابه قال برييفيك «انه مستعد لتمضية حياته كلها في السجن» المجزرة كانت تستهدف رئيسة الوزراء السابقة ولتحقيق تطلعاته العنصرية ، وضع المتهم مخططه الإجرامي الذي كان يستهدف أيضا رئيسة الوزراء النرويجية السابقة «جرو هارلم بروندلاند.» وبروندلاند التي قادت ثلاث حكومات من حزب العمال في الثمانينات والتسعينات وعادة ما يطلق عليها «أم الشعب» كانت ألقت كلمة في يوم الحادث في جزيرة اوتويا التي وقع فيها اطلاق النيران وغادرت المكان قبل وصول اندريس برينج بريفيك. وقالت صحيفة محلية نقلا عن مصادر لم تذكر أسماءها «كان اندريس برينج بريفيك يعتزم الحضور الى جزيرة أوتويا بينما كانت جرو هارلم بروندلاند تزورها الجمعة لكنه زعم أثناء التحقيق أنه تأخر.» وأضافت الصحيفة أن المتعصب اليميني البالغ من العمر32 عاما كان يريد «ضرب جرو» وبروندلاند العالمة الفيزيائية التي تلقت تعليمها في هارفارد هي مناصرة نهج السياسة الديمقراطية الاجتماعية في أنحاء العالم وشغلت منصب رئيس منظمة الصحة العالمية من عام 1998 الى عام 2003. في غضون ذلك قالت الشرطة إنها لا تستبعد أن يكون هناك اشخاص ساعدوا القاتل خلال الهجومين، لكنهم يتعاملون مع هذا المعطى بحذر شديد. حيث اقر أمام المحكمة بوجود خليتين من المتعاونين معه في مجموعة «فرسان الهيكل» التي لم يثبت وجودها، والهادفة باعتقاده الى انقاذ أوروبا من المد الاسلامي، وتعدد الثقافات، لكنه تراجع عن ذلك لاحقا وقال انه تصرف بمفرده. القاتل معجب بالصهيونية، معاد للإسلام والماركسية قبل المجزرة ، بث برييفيك على شبكة الانترنت وثيقة من 1500 صفحة عرض فيها بشكل مفصل التزامه العقائدي المعادي للاسلام والماركسية خلال السنوات التسع الاخيرة. ويشرح بيرينغ برييفيك الذي يعرف عن نفسه بلقب «قائد فرسان الحق» تيمنا بالفرسان الصليبيين كيف اخفى خططه عن محيطه حتى لا يفشل مشروعه قبل تنفيذه. ويبدو انه نجح في ذلك. وتكشف هذه الوثيقة التي كتبها بريفيك على مدى سنوات تأييدا كبيرا لاسرائيل، وجاء ذكر اسرائيل في الوثيقة ما لا يقل عن 300 مرة، وكلها في ضوء ايجابي. وقالت صحيفة ‹اسرائيل اليوم› العبرية إن قراءة كتاباته تُبين أن بريفيك ‹صهيوني متحمس› في ظل مدحه وتمجيده للحالم بدولة اليهود بنيامين زئيف هرتسل. وفي نفس الوقت يهاجم بريفيك بشدة المؤسسة السياسية في أوروبا، وعلى رأسها الاتحاد الاوروبي، لأنها برأيه مؤسسة غير متعاطفة مع اسرائيل. كما يمتدح بريفيك سياسة اسرائيل التي برأيه«‹على مدى السنين لم تمنح لمعظم السكان المسلمين الذين يعيشون تحت سيطرتها حقوق المواطنة على عكس أوروبا، التي فتحت بواباتها أمام المسلمين، ومنحتهم المواطنة وحقوقا زائدة›» ويفاجئ بريفيك في اطلاعه الواسع على كل ما يتعلق بالسياسة الحزبية الداخلية في اسرائيل، فهو يمتدح رئيس الوزراء نتنياهو الذي ‹شكل ائتلافا يمينيا، وحليفه الرئيسي ، حزب اسرائيل بيتنا›، وذلك حسب بريفيك، رغم أن نتنياهو ‹عرف أن نوع الائتلاف اليميني من هذا القبيل من شأنه أن يغضب الرئيس الامريكي باراك اوباما ويمس بالعلاقات بين الدولتين›. في وثيقة بريفيك يُظهر ايضا اطلاعا على الحوار الاكاديمي والاعلامي في اسرائيل، ويقتبس من البروفسورين مثل إيال زيسر وايتمار رابينوفيتش ويذكر صحيفة ‹هآرتس› والقناة الاسرائيلية السابعة. كما كتب بريفيك يقول ‹حان الوقت لوقف الدعم الغبي للفلسطينيين والشروع في دعم أبناء عمومتنا الحضاريين اسرائيل›. وفي بيانه ينتقد بريفيك بشدة النرويج، لقرار لجنة جائزة نوبل للسلام منح ياسر عرفات الجائزة في أعقاب اتفاقات اوسلو. وفي هذا الإطار كشفت مصادر أمريكية عن تأثر القاتل النرويجي بأفكار وكتابات منظرين صهاينة في اليمين الأميركي الموالي لإسرائيل، ومداومته على مطالعة المواقع الصهيونية المعادية للوجود الإسلامي بأميركا وأوروبا. وقالت نفس المصادر إن بريفيك، كان متأثرا بشكل كبير بمجموعة صغيرة من الكتاب والمدونين الأميركيين. وأضافت أنه تابع بشكل جيد الجدال الدائر بأميركا حول الإسلام، مشيرة إلى أنه استشهد في التصريح الكتابي الذي نشره على الإنترنت «المانيفستو بالكثير من النشطاء الأميركيين المعادين للإسلام، مثل الكاتب المسيحي المتطرف روبرت سبنسر، إضافة إلى استشهاده بموقع «جهاد ووتش» الذي يديره سبنسر، علاوة على كتاب آخرين مثل دانيل بايبس والناشطة بام جيلر. كما كشف الكاتب ديفين برجارت أن القاتل كان متأثرا بناشطة أميركية صهيونية قادت الحملة ضد بناء مسجد في نيويورك بالقرب من موقع هجمات 11 شتنبر هي بام جيلر. في حين يرى الكاتب الأميركي أليكس كين أن هناك محورا بين اليمين بالعالم والصهيونية، مشيرا إلى استشهاد القاتل النرويجي المفكر الصهيوني الأميركي دانيل بايبس الذي يكتب بجريدة جيروزاليم بوست الإسرائيلية والعضو بمؤسسة «منتدى الشرق الأوسط المعادي للقضية الفلسطينية. لماذا فشلت السلطات النرويجية في إحباط العملية الإرهابية؟ ويبقى السؤال المطروح بشدة ، هو لماذا فشلت السلطات النرويجية في إحباط العملية الإرهابية، ذلك أن اجهزة الامن النروجية تلقت معلومات عن مرتكب المجزرة في مارس ، حيث أعلنت يان كريستيانسن مديرة وكالة آمن الشرطة, ان اجهزة الامن النرويجية تلقت في مارس معلومة تتعلق بأندرس بيرينغ برييفيك. وقد تحدثت تلك المعلومة عن عملية شراء من مؤسسة بولندية تبيع مواد كيميائية, لكن المعلومة كانت بسيطة بحيث لم نر ضرورة لمتابعتها, كما قالت. واشارت الى ان وكالة امن الشرطة تتلقى باستمرار «معلومات كثيرة»عن «عدد كبير جدا من الاشخاص» وأضافت إن المتهم اشترى اسمدة كيماوية من شركة بولندية لكن كانت مشترياته قانونية تماما ولم تجر اي اعتقالات في ما يتعلق بالقضية. وفي وقت سابق قال الادعاء البولندي انهم يستجوبون مالك شركة اسمدة بولندية بشأن اتصالاته مع اندريس برينج بريفيك. وقال باول بيالك نائب رئيس وكالة الامن الداخلي في ندوة صحافية «طبقا لخبرائنا ، فان المواد التي تم شراؤها في بولندا لم تكن اساسية لتصنيع قنبلة. عند هذه المرحلة فان المعلومات والمواد التي نمتلكها لا توضح ان العلاقات مع الارهابي كانت اي شيء غير تجارية» وقال بايلك ان مالك الشركة التي لم يذكر اسمها يتعاون بشكل كامل مع السلطات في تحقيقاتها. وأضاف أن الشركة باعت اكثر من مئة كيلو من مادة واحدة وبضع مئات الجرامات من مواد أخرى. وتمت الصفقة عن طريق الانترنت وليس هناك دليل على أن بريفيك زار بولندا. وتابع بايلك ان بريفيك حاول كذلك شراء اسلحة من جمهورية التشيك. وذكرت وسائل اعلام بولندية انه ذكر الملك البولندي يان الثالث الذي هزم الامبراطورية العثمانية على أبواب فيينا باعتباره أحد ابطاله. سقطة إعلامية بالموازاة مع ذلك تواجه وسائل الاعلام الاخبارية على مستوى العالم أسئلة صعبة تتعلق بتسرعها في توجيه أصبع الاتهام لمسلمين. ويحاسب المدونون التيار الرئيسي للاعلام على الانترنت ويتبادل الصحفيون المحترفون الانتقادات اللاذعة بشأن من سبق في التسرع بالحكم أو من أخذ رأي محللين معتادين دون اعمال للعقل. ووسط كل هذا وجد المسلمون خاصة المقيمين في الغرب أنفسهم حائرين يتساءلون عما اذا كان انعدام الثقة الشعبي يمكن ان يتحسن يوما. وقالت شيفا بالاجي المؤرخة بجامعة براون عن التغطية الاعلامية لذلك اليوم على موقع جداليا للدراسات العربية «يوم مأساوي للنرويج ويوم مخز للصحفيين». ففي حين حول الاعلام على الانترنت والتلفزيون تركيزه بالتدريج في ما يتعلق بالمهاجمين المحتملين من اسلاميين الى متشددين يمينين من أهل البلد تعرضت الصحف خاصة في أوروبا لحرج شديد نتيجة تغير الرواية مع مثولها للطبع مساء يوم الجمعة. وتمسكت بعض الصحف أكثر من غيرها بالرواية التي تحمل الاسلاميين المسؤولية ، فصدرت صحيفة صن الشعبية الاكثر مبيعا في بريطانيا بعنوان يوم السبت يقول «مذبحة القاعدة11 9 النرويجي». ورغم أن الصحيفة أشارت الى أن المهاجم قد وصف بالفعل قبل النشر بأنه أشقر يرتدي زي شرطي، أورد ملخص الخبر في الصفحة الاولى أن المسؤولين يشتبهون في «متشددين إسلاميين»وأن القاتل ربما كان من عناصر القاعدة المحليين. وقال عدنان الدايني المعلق البريطاني العراقي المولد على موقع هافينجتون بوست ان مبدأ «بريء حتى تثبت ادانته يتحول عندما يتعلق الامر بالمسلمين الى مدان حتى تثبت براءته » وأضاف «وسائل الاعلام المسؤولة يجب أن تحسن أداءها. فالامر قد يتعلق بحياة أبرياء » ويرى إيفور جابر استاذ الصحافة السياسية في جامعة سيتي بلندن مزيجا من «الكسل» و «الضغينة» من جانب وسائل الاعلام المتأثرة »بأجندة اخبارية» شكلتها أحداث سابقة وكذلك رغبة بعض وسائل الاعلام في إشاعة الخوف من تهديدات متصورة لقرائها. وقال »نحن نخلق فزعا اخلاقيا لان الصحافة الشعبية تعيش على الخوف... من كل ما هو قادم من الخارج.» وأضاف «الاكثر شيوعا الآن هو الإرهاب الاسلامي لذلك يجري التقاط هذا على الفور.» واذا كانت تمت محاسبة كتاب عناوين الصحف لافتقارهم للحذر الواجب في النشر عن وضع كان بعيدا كل البعد عن الوضوح وأظهر فيه المسؤولون النرويجيون الكثير من الحذر في توجيه الاتهام، فان المعلقين من الخبراء والكتاب تعرضوا كذلك لانتقادات عنيفة في مطلع الاسبوع. وقال منتقدو الصحف ان الاعلام ربما اسهم في المبالغة في التركيز على أراء الخبراء في العنف الاسلامي بعدم استعراضه لآراء خبراء من أصحاب الخبرات الاخرى مثل أقصى اليمين المعادي للمهاجرين في أوروبا. ما هو المصير الذي ينتظر القاتل؟ وضع القاتل قيد الحبس الاحتياطي ثمانية اسابيع قابلة للتجديد، منها أربعة أسابيع في الحبس الانفرادي ، عملا بتوصيات الشرطة. وإذا ما تمت إدانته فسيقضي 21 سنة خلف القضبان، وهي أقصى عقوبة في القانون النرويجي. غير أن الشرطة النروجية تعتزم الاستناد الى مادة جديدة في قانون العقوبات تعاقب على ارتكاب «جرائم ضد الانسانية» لملاحقة اندرس بيرينغ برييفيك الذي اعترف بانه منفذ المجزرة وهذه المادة التي تتناول «الجرائم ضد الانسانية» وادرجت في قانون العقوبات النروجي في2008, تنص على عقوبة السجن 30 عاما كحد اقصى. واشار المدعي كريستيان هالتو الذي اوردت تصريحه صحيفة افتنبوستن بصيغة غير مباشرة, الى ان اللجوء الى هذه المادة التي تحمل الرقم 102 لم يكن حتى الان سوى احتمال. واعلن المتحدث باسم المدعي ستورلا هنرايكسبوي لوكالة فرانس برس «لقد تطرقت الشرطة حتى الان الى المادة147 التي تتناول الارهاب، لكنها لم تستبعد اللجوء الى مواد اخرى» . لكنه اضاف «لم يتخذ اي قرار نهائي بعد» . لكن والد برييفيك قال في تصريح لشبكة تي في2، إنه كان يفترض بابنه ان ينتحر بدلا من قتل أناس آخرين. وقال «اعتقد ان ما كان يتعين عليه القيام به في النهاية هو أن ينتحر بدلا من قتل هذا العدد من الاشخاص». الشبيبة الاتحادية تعلن تضامنها مع ضحايا اعتداء أوسلو بدوره يعلن موقع "الوجدية.أخبار"عن استنكاره للاعتداء الهمجي الذي تعرضت لها النرويج والتي استهدفت الى جانب مؤسسات عمومية، مخيم شبابي لشبيبة الحزب العمالي. واعتبر الوفد أن هذا الفعل شنيع، مرفوض وغير مبرر يحيل على المرجعية العنيفة وللطابع الوحشي لمرتكبها الذي لم يتوانى في القيام بهذه العملية الإرهابية الوحشية. كما يؤكد على رفض للعنف ولإرهاب وعلى ضرورة الاستمرار في النضال الوطني والعالمي- الاممي الى جانب الإعلام الصديق و الحليف لمواجهة خطر الارهاب الأعمى وعلي تشييد ثقافة الحوار والقبول بالآخر والقيم الكونية العالمية المتعلقة بحقوق الانسان التي لا تتعارض مع القيم السمحة للإسلام دين السلام الرافض للإرهاب والداعي لمقاومة الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين المحتلة بعاصمتها القدس الشريف ومدينتي سبتة ومليلية المحتلتين رفقة الجزر المغربية المحتلة من طرف الاستعمار الاسباني.