جبهة إنقاذ ملكية في حال إخفاق حكومة عباس الفاسي طرحت منذ أربع سنوات محمد فلالي / رمضان بنسعدون عين بني مطهر .. نذير شؤم ، اعتبر غالبية الشعب المغربي حكومة عباس الفاسي التي شكلت وسط احتقان شعبي جراء الارتفاع الصاروخي للأسعار و استفحال البطالة و انتشار بؤر الفقر ، ما فجر أحداث مدن : بوعرفة، صفرو، خنيفرة ، سيدي إيفني .. التي انتفضت بالوكالة عن باقي المناطق المغربية الأخرى ، كما وصف ذلك مراقبون .. شرائح واسعة من الطبقة المسحوقة كتمت غضبها و حتى ذات الدخل المتوسط حيال موجة الغلاء المعيشي .. و قد فسر أحد الخبراء الاقتصاديين المغاربة لقناة الجزيرة بأن الشعب المغربي يصبح أكثر ميلا للعنف كلما تعلق الأمر بغلاء رغيف الخبز و المواد الغذائية الأساسية الأخرى ، مبررا أسباب الأزمة و تداعياتها إلى غياب سياسة اقتصادية واضحة المعالم بإمكانها إخراج الوضع المعيشي المتردي من عنق الزجاجة .. في حين التزمت الأحزاب السياسية المغربية الصمت المطبق و أدارت ظهرها للشعب لتنشغل بنتائج الانتخابات التي جاءت مخيبة للآمال ، كان العزوف الشعبي سيد الموقف فيها .. لأن المواطن المغربي أضحى أكثر وعيا من ذي قبل من أن التنظيمات السياسية المغربية لا حول لها و لا قوة في تدبير الشأن العام ، و أنها مجرد قطع شطرنج ليس إلا ، تنتقل وفق تفكير و خطة أصحاب اللعبة.. لم تكن التشكيلة الحكومية مفاجئة للسواد الأعظم من الشعب المغربي ، بل كانت الأسوأ في نظره من الحكومات السابقة ، فجميع هؤلاء لهثوا و هرولوا خلف الحقيبة ، و استمر السباق ، بعضهم قفز من النافذة و منهم من نط من فوق الخشبة و البعض الآخر لم يتجشم عناء السباق ، بل استفاق و الحقيبة مع وجبة فطور العائلة ، فيما اشتد الجدال بين الجمهور في هذا المضمار حول مستوى ديبلومات و شهادات المتسابقين على الحقائب الوزارية ، و حتى إن وجدت ، فهي ليست صمام أمان عيش المغاربة إذا كان حاملوها لا يعايشون هموم و معاناة الفئات المحرومة بأحزمة الفقر .. فشرط المستوى الثقافي و التكوين السياسي لصاحب الحقيبة ليس المعيار الوحيد لإنقاذ الأمة المغربية من السكتة القلبية إذا انعدمت الغيرة الوطنية و أمسى مثل المواطنة و الإيمان بروح المسؤولية كما يجمع على ذلك المغاربة .. و لا يمكننا القول بأن الأحزاب السياسية كانت قوية بالأمس حتى نجزم أنها اليوم أصبحت ضعيفة ، و ما يؤكد هذا الطرح أن الأحزاب السياسية لا تنشط سوى في الكرنفالات الانتخابية لاستجداء أصوات الناخبين خدمة لمصالحها الذاتية ، ضاربة عرض الحائط مصالح المواطنين طيلة أعوام العسل بالبرلمان و الحكومة .. و أجمع محللون أنه منذ استقلال بلادنا إلى يومنا هذا ، لم تؤد الأحزاب السياسية دور الممثل الحقيقي للشعب المغربي ، بل هي لا تمثل إلا نفسها و الحكومات التي تتعاقب عليها تارة و تتفنن في التناوب على تقمص أدوار مسرحية المعارضة و الموالاة تارة أخرى .. إن الشعب المغربي لا يأكل تبنا أو برسيما كي يكون موضع استهجان و سخرية بهكذا طريقة ، و لا يظن أحدا أن المغاربة بمعزل عن معرفة ما يروج بالكواليس من تمثيليات تبدعها الحكومات المتتالية للضحك على ذقون الشعب ، تسطر خلالها برامج ذات الآفاق البعيدة (نهج سياسة العام اللي ما عنو خوه)لا و تباع فيها الأوهام و الأحلام الوردية بغرض امتصاص الغضب الشعبي المتصاعد.. هؤلاء يتحكمون في مصير الشعب المغربي طيلة 5 سنوات 33 وزيرا بينهم 7 سيدات يشرفون على وزارات أغلبها استهلاكية لا إنتاجية .. أين وزراءنا في مجال التصنيع الحربي و الصناعات الثقيلة و البرامج العلمية ، في وقت أن بلادنا تزخر بثروات معدنية و حيوانية هائلة ..؟ يتساءل البعض ، و ما جدوى يا ترى هذا الكم الكبير من الوزراء إذا كنا نستورد القمح و المشروبات الغازية و الأجهزة الإلكترونية و ليست لنا القدرة على ثقب إبرة الخياطة .. فالصين مثلا بلد المليار و مائتي مليون نسمة يدبر شؤونها بضعة عشر وزيرا ، صعدوا إلى القمر ، صنعوا قنابل و أسلحة نووية ، أغرقوا أسواقنا بمنتوجاتهم المتنوعة .. فالشعب المغربي لا ينتظر أي جديد من هذه الحكومة المطبوخة .. الطاجين الحكومي معد سلفا على نار هادئة لا يأكله إلا طباخوه ، أما المرجل الشعبي المليء (بالما و الزغارت) يغلي على صفيح ساخن .. و يأتي العزوف الشعبي عن التصويت خلال الاستحاقات الأخيرة كتعبير احتجاجي و ردة فعل عما آلت إليه أوضاع المواطنين ..نخبة سياسية نقضت العهود وأ خلفت الوعود التي قطعتها على نفسها مع القاعدة هذه الأخيرة فقدت الثقة في استشراف غد مشرق.. مما لا يدع مجالا للشك ، أن الهوة و الشرخ قائمين بين الحكومة و الشعب إلى حين إيجاد رجال أكفاء تتوفر فيهم صفات الدين ، الوطنية و العلم و لا يمكن بأي حال من الأحوال ردم هده الهوة و بناء جسور الثقة إلا بتشكيل جبهة إنقاذ ملكية تكون بمثابة مجلس أعلى للأمن القومي تحت إشراف صاحب الجلالة يتكون من خيرة الساسة ، العسكر و علماء الدين و خبراء من هذا الشعب الوفي الأبي الذي أنجب أمثال يوسف بن تاشفين ، عبد الكريم الخطابي ، المهدي بن بركة و آخرين .. لقد كان الراحل الحسن الثاني لم يجانب الصواب حينما حذر من الخطر المحدق ببلادنا الذي نعته بالسكتة القلبية ، فالخطاب كان موجها للجميع ، لكن بالأساس لأؤلائك المحصنين بدهاليز وزاراتهم خلف الزجاج الواقي و قد أثقل جفونهم دفء المكيفات.. أما خطابنا نحن ، ليس تيئيسيا ، فاقدا للآمال ، بقدر ما هو تحليلا تقييميا لواقع لطالما جرى إخفاؤه و التعتيم عليه بأنشودة "كولوا العام زين" التي تتغنى بها شيخاتنا الرائدات على فضائيتي الأولى و الثانية ، لكن الشعب المغربي لم تعد تطربه هذه الأغنية ، ما دامت بطونه فارغة و حقوقه مهضومة ، فالجوعى لا يرقصون و لو كانوا قردة مروضين ، ما يعني أن صيانة حقوق الشعوب هي في حد ذاتها صيانة و حماية لأي حكومات أو حضارات .. و بعبارة أخرى إن اندثار و سقوط أغلب الحضارات و حتى و إن طال أمدها كان من وراء الغلاء المعيشي و الارتفاع الضريبي و الفساد الإداري .. عوامل مادية بحثة أثقلت كاهل شعوب تلك الحضارات .. و من أراد أخذ العبر و الدروس فعليه قراءة تاريخ الأمم السابقة و القرآن الكريم خير دليل .. كما أن الحكومات التي تفرط في حقوق شعوبها ، سهل و هين عليها التفريط و اللامبالاة في القضايا المصيرية لبلدانها حتى و إن تظاهرت هذه الحكومات بحبها لأوطانها .. لا يختلف اثنان في كون تنمية الإنسان المغربي هي السبيل الأنجع لاستقرار و ازدهار بلادنا ، و ما إرساء دولة الحق و القانون و إقلاع قاطرة التنمية البشرية بمجهودات صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله ، إلا استيراتيجية ملكية حكيمة لإنقاذ المغرب من السكتة القلبية التي حذر منها والده ، لكن يبدو أن هناك جهات نافذة بمؤسسات الدولة تناهض هذا المشروع التنموي الحداثي كما أكد ذلك وزير الداخلية شكيب بنموسى في حوار له مع جريدة "الأيام" في عددها السنوي 292 كما أن هذا اللوبي يسعى لإبقاء المغرب على سرير الموت دونما حركة ديناميكية حفاظا على مصالحه.. و قد تساءل كثيرون ، هل باستطاعة القبطان الذي أغرق (سفينة النجاة) أن يوصل سفينة الشعب المغربي إلى مرفإ النجاة ..؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة على هذا التساؤل..؟ ..(المقال نشر في أسبوعية الأيام في العدد 306 بتاريخ:01 إلى 07 دجنبر2007) يتمحور مضمونه حول مقترح تشكيل جبهة الإنقاذ الملكية في أعقاب الاستحقاقات التشريعية من العام 2007 و تشكيل حكومة الفاسي، التي أبدت عن فشلها الذريع منذ المراحل الأولى لولادتها ، لكن الساسة و حكماء آل فاس و من يدور في فلكهم لم يلقوا بالا لهكذا نصح و موعظة سياسية، و لم نطلق حينها كلامنا على عواهنه ، بل لو أخذت تلك الأفكار مأخذ الجد ، لكان الأمر مختلفا ، لكن كما كنا نتوقع ، فالربان و طاقمه ، استأسد في قيادة سفينة الشعب المغربي و مخر بها العباب في بحر لجي فأغرقها فنجا و طاقمه فيما ترك الشعب المغربي غارقا في أوحال الفقر المدقع و البطالة و الغلاء المعبشي و الارتفاع الضريبي .. فوصلنا إلى ما وصلنا إليه ، و على الرغم من بعض الرتوشات بشأن التعديلات الوزارية ، فلم تستطع القبطان بطاقمه الجديد أن يوصل سفينته إلى بر الأمان لتتفاقم المشاكل على أكثر من صعيد ، الإضرابات شلت كل القطاعات ، أحزمة الفقر اتسعت دوائرها ، الدبلوماسية المغربية فشلت في العديد من الملفات ، التعليم تدنى مستواه إلى الحضيض ، الصحة استفحل سقمها ، القضاء أضحى عرضة للمضاربة و السمسرة العديد من مناطق البلاد لا زالت لم تذق طعم التنمية البشرية منذ ما يربو على نصف عقد من إنشائها ، الرياضة عاشت الإخفاقات تلو الأخرى و أهدر فيها المال العام للمغاربة ، عهدة عباس الفاسي أغدقت فيها ثروات قارون على مهرجانات الغناء و الرقص من أجل أجساد عارية لفنانات لبنان اللواتي تكالبن و تنافسن على مهرجان موازين من أجل الظفر بالمال العام للشعب المغربي الذي يبيت مرضاه في طوابير أمام مستشفيات إبن رشد و ابن سيناء في انتظار إجراء عملية جراحية و ما خفي كان أعظم فاستمرت معاناة الشعب المغربي و حينما رأى الملك الحبل قد ترك على الغارب بادر و في محاولة جريئة لتقديم الإسعافات الأولية للجسد المغربي العليل الذي كان يومها بغرفة العناية المركزة ، إصلاحات شملت أكثر من جهاز و مؤسسة خرج من خلالها المغرب من الوعكة معافى لكن في مرحلة نقاهة و ما فتئت سياسة تضميد الجراح مستمرة في انتظار خروج الجسد المغربي سالما من المشفى في وقت أن الأطر الطبية لم تفلح يوما في إيجاد البلسم الشافي لمغرب لطالما نخرته الأسقام ، الجسد المغربي الذي يئس من خرافات ودجل أطبائه السياسيين.. و بخطى ثابتة انخرط المغرب في المسلسل الديمقراطي الحداثي باعتراف دول عربية و غربية فيما كانت ترزح دول بمنطقة المغرب العربي و شمال إفريقيا تحت نير الديكتاتوريات الجملوكية و نقصد هنا (بالجمهوريات الملكية الوراثية) فطبيعي جدا أن ينفجر البركان الشعبي التونسي و يليه البركان المصري لتتوالى الانفجارات البركانية الشعبية بالمنطقة العربية هنا و هناك ، فانبثقت حركات أطلقت عليها مسميات لها علاقة بتاريح حدوثها ..نكون قد جانبنا الصواب إذا اعتقدنا جازمين أنما شهدته دول عربية من حراك شعبي يكاد أن يكون متطابقا إلى حد ما مع التجربة الحركية الشعبية بالمغرب بدليل أن ملك المغرب كان قد أرسى القواعد الأساسية للانتقال الديموقراطي الحداثي بالبلاد وكان في غنى عن أي حراك شعبي يرغمه على القيام بإصلاحات جرى التأسيس لها منذ سنوات .. و نقولها بملء أفواهنا ، لم تكن بأي حال من الأحوال حركة 20 فبراير دافعا للخطاب التاريخي لصاحب الجلالة عقب تسونامي التغييرات الذي هز الأقطار العربية بغرض القيام بإصلاحات دستورية ، بل ملك البلاد منذ اعتلائه سدة الحكم ، و هو يقود ثورة التغيير يجوب المغرب طولا و عرضا ، باعتماد و تسطير استيراتيجية الأوراش الكبرى التي أحدثت نقلة نوعية على أكثر من صعيد استأثرت باهتمام العالم أجمع ، لا يختلف الجدل إثنان من أن الحراك الشعبي المغربي لم يكن وليد اللحظة و لم يكن من صنع أي حركة أو حزب أو أيديولوجية ، يل كان بدافع التهميش و الفقر لبطون جائعة ..انتفاضات شعبية عفوية ، شهدتها مدن مغربية و لا تزال من بوعرفة إلى إيفني مرورا بصفرو و غيرها من المناطق الأخرى ديدنها تحقيق العيش الكريم على غرار الدول الديمقراطية .. بحسب محللين و دارسين فظهور حركة 20 فبراير بالمغرب لم يأت بجديد ، بل أن هذا الظهور الباهت جاء في ظرفية سياسية حرجة لها علاقة بالمخاض الشعبي الذي تشهده دولا عربية استغل من خلالها متنطعون استئصاليون من داخل الحركة الانقضاض على ثورة الملك بثورة مضادة تسعى إلى إقحام الشعب المغربي في أتون فتن الطائفية ،الإثنية ، اللغة ، و ما إلى ذلك ، فإن حركة 20 فبراير تبلورت من شباب نفضوا أيديهم من أحزاب سياسية متهالكة ، خاصة اليسارية و الإسلامية منها ليندفعوا بشكل أعتباطي في سياق مظاهرات هنا و هناك في محاولة لمحاكات الحراك الشعبي الذي تشهده البعض من الأقطار العربية و بما أن أغلب هذه التنظيمات وجدت نفسها محرجة أمام الشعب المغربي بعدما فقدت تفويضه لها ، عادت لتألب شبابا متحمسا لا يحمل إلا النزر القليل من أدبيات السياسة ضد حزب فتي كلتا يديه نظيفتين لم تغمسا في طنجرة الحكومات المتوالية على نهب المال العام للشعب المغربي و بالفعل رفعت ما سمي بحركة 20 فبراير شعارا مناوئا ضد حزب حديث العهد كالأصالة و المعاصرة كان الغرض من ذلك حجب أشعة الشمس التي انعكست على النفق الحزبي الذي يعيش حلكة ظلام دامس أراده أصحابه كذلك من أجل الاسترزاق السياسي مستغلة النفور و العزوف الشعبي عن الممارسة السياسية ..