محفوظ كيطوني إذا كان الخطاب الملكي السامي ل9 مارس اعتبر باتفاق جميع الفرقاء داخل الوطن وخارجه بالخطاب التاريخي ، فان المرحلة الراهنة –أي مرحلة ما بعد الخطاب التاريخي – تشكل مرحلة مصيرية بالنسبة للمغرب والمغاربة . فإذا كان اتفاق تام بالدور القيادي الذي لعبه صاحب الجلالة في إعطاء الانطلاقة في ورش الإصلاح الدستوري ،فان المرحلة الآنية مصيرية بانقسام الشارع المغربي حول منطلقات هذه الإصلاحات . فحركة 20 فبراير التي كانت سببا مباشرا في إعلان ملك المغرب عن تعديل الدستور ،فإنها لحد الآن لم تنخرط في ورش الإصلاح الدستوري مناديتا بحل البرلمان وإسقاط الحكومة وأكثر من ذلك أنها رفضت دعوة اللجنة الاستشارية لتعديل الدستور لعرضها مقترحات الحركة حول الإصلاح الدستوري المرتقب . فحركة 20 فبراير على الرغم من كونها تستمد معظم شعبيتها الجماهيرية من جماعة العدل والإحسان ،وتستمد ابرز مبادئها من اليسار الراديكالي الصرف وما يحيط في كنفه من تنظيمات جمعوية وحقوقية ،كالجمعية المغربية لحقوق الإنسان..أو التنظيمات التي أصبحت تتحدث عن دعوة مقاطعة اللجنة الاستشارية لتعديل الدستور مستغلة حساسية المرحلة لعلها تكسب بعض النقط في الساحة المغربية ..فبالرغم من نداءات هذه التنظيمات المختلفة وخروجها للشارع لحد الآن ،فيجب على الدولة أن تبادر إلى اتخاذ مبادرات ثقة ذات طبيعة استعجاليه من أجل دعم مسار الإصلاح وتقويته بدل الشذوذ السياسي الذي أصبحنا نعيشه بانقسام الساحة السياسية المغربية بين مؤيد وبين رافض أو بالتعبير الصحيح بين فئة متفائلة دخلت لورش الإصلاح من بابه الواسع وفئة فاقدة للثقة على ضوء ما تعيشه على أرض الواقع. فإننا نرى ضرورة إسراع الدولة في اتخاذ الخطوات الاستعجالية التالية : 1 - تسريح جميع موظفي الدولة الذين أحيلوا على التقاعد وتعويضهم بالطاقات الشابة المؤهلة . 2- القطع الكلي مع سياسة توريث الأبناء والأحفاد في المناصب العليا للدولة . 3- إسقاط العقوبات السالبة للحرية في حق الصحفيين والإعلاميين. 4 - طي ملف ما يسمى ب(( بلعيرج ))وإعادة حزب البديل الحضاري للساحة السياسية والترخيص لحزب الأمة بالمساهمة السياسية .ومحاسبة منتجي هذا السيناريو الهزيل . 5- متابعة كل المتورطين في الخروقات المالية والتدبيرية التي جاءت في تقرير المجلس الأعلى للحسابات ،وتحريك المتابعة الاستعجالية في حق كل مشتبه ذكره التقرير . 6- إلغاء قانون الإرهاب،لكون هذا القانون استعمل في تصفية حسابات اديولوجية وأدى إلى توليد الحقد والكراهية وفقدان الثقة بين مختلف أطياف التيار الإسلامي و الدولة . 7- وضع قانون للأحزاب يقطع الوصل مع الزعيم الأبدي والترحال السياسي والتحالفات البرغماتية الانتهازية ،ويحدد شرط المستوى التعليمي لانتخاب رئيس الجماعة في بالكالوريا +2 ،يحدد شرط ترشح رئيس الجهة والنائب البرلماني في باكالوريا +4 أو إجازة .ولاسيما أننا نتجه إلى إقرار الجهوية التشاركية وحكامة التنمية المحلية بالإضافة إلى منح اختصاصات واسعة للمنتخبين ،فلا يمكن أن نضع مستقبل جهة أو جماعة في يد شخص أمي .ولاسيما أننا نلاحظ تكالب هؤلاء الأميين بكل الطرق على رئاسة الجماعات والجهات . 8 - إبعاد كاتب الدولة السابق فؤاد الهمة مؤسس حزب الأصالة والمعاصرة من الحياة السياسية ومحاسبته عن أعماله وأعمال صديقه الياس العماري عن كل الخروقات القانونية والتدخل السافر في عزل وتعيين الولاة والتدخل المباشر في التحكم في العملية الانتخابية واحتقان المشد السياسي العام والتلاعب في العقار ووو على ذكر ما ورد في الجرائد ..وما كان نتاج هذا التدخل كأزمة مخيم اكديم ايزيك .. 9 - التفاوض السياسي المتدرج والأفقي مع جماعة العدل والإحسان لولوجها معترك المشاركة السياسية بدل فقه الاعتزال الذي تتبناه . ( الاعتراف بها كجمعية عادية في البداية وفق القوانين المعمول بها وكحزب وفق ثوابت الأمة ومقدساتها ). 10 - الطي النهائي لملف ما يسمى ب(السلفية الجهادية )بفتح حوار حقيقي ومسؤول بين الدولة والمعتقلين ولاسيما عندما أطلق الشيوخ المحسوبين على هذا التيار مبادرة ( المراجعات الفكرية ). وكذا أن يعمل المغرب على إعادة النظر في دور ووظيفة المؤسسات الحقوقية الرسمية وإعادة هيكلتها وخاصة عندما تم تغيير اسم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بإحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان . 11 - البدء في التحقيق في الصفقات الكبرى والمساعدات المالية التي منحت للمؤسسات والجمعيات في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية منذ إعلان هذه المبادرة ،وإعادة تقييم نتائجها ميدانيا ،وهل مازالت تشتغل أم .. 12 - رد الاعتبار السريع لمكانة اللغة العربية واقعيا في الساحة المغربية والإدارة والتعليم والاقتصاد ،لتكون فعلا لغة رسمية للبلاد والعباد. 13 - فتح نقاش وحوار وطني مسؤول للتداول في الاوراش الكبرى من اجل إشراك الجميع وضمان مشاركة الجميع في ورش الإصلاح الدستوري ثم الإصلاح السياسي . 14- رفع خاتم التخصيص و السرية و المحسوبية و الزبونية على القنوات الإعلامية المغربية وجعلهم في قلب الحدث وفي مسار الإصلاح ،بكل حياد ومهنية بدل أسلوب الحفلات والبرامج التافهة التي أصبحت تطبع قنواتنا . وختاما أقول ،،إن لم ترسخ قيم المواطنة عن طريق الممارسة والمشاركة السياسية تحت رعاية وتوجه الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني تحت القيادة الملكية المواطنة التي تمثل في المغرب المصدر الوحيد لتوليد قيم المواطنة والشعور بالانتماء والهوية .فمن سيرسخ هذه القيم ميدانيا وسلوكيا ؟؟