إدريس اعمر منخرط في فرع بوعرفة: اخترنا طريق الحدود بعد استنفاذ الأمل في الحوار ، وبعد مرور 50 يوما من تنقيب المعطلين عن المنفذ إليه في إطار التنسيق الإقليمي للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب لفجيج/ بوعرفة، والذي يضم فروع: بوعرفة - فجيج – تندرارة – بني تدجيت – تالسينت – بوعنان.. تم يوم الجمعة 09/ 04/ 2010، تنظيم مسيرة في اتجاه الحدود المغربية الجزائرية، للاحتجاج ضد السلطات الإقليمية بعمالة بوعرفة، وللتعبير عن ملحاحية مطالبها.. جريدتا وجدة نيوز، والجسور، التقينا بعين بني مطهر بالتنسيقية، وأجرت الاستجواب التالي مع إدريس اعمر الناطق باسمها: سؤال: فيم يمكن اختزال السرد الكرونولوجي لمعارك الجمعية قبل حدث هذه المسيرة ليوم الجمعة 09 أبريل 2010 نحو الحدود المغربية الجزائرية؟ جواب إدريس اعمر: قبل هاته المعركة، كنا قد قمنا بأخرى سبقتها، ونتج عنها حوار 22/ 10/ 2009، مع عامل الإقليم السابق عبد الرحمان عدي، نتج عنها مذكرة تفاهم ، وفي دائرتها تبنى مجموعة من مطالبنا، على أساس أن يتم جرد عدد المناصب الشاغرة على المستوى الإقليمي المرتبطة بالجماعات المحلية، وبالميزانيات الإقليمية؛ ببعد أن تستفيد الجمعية بكوطا من مجموع المتوفر من المناصب الشاغرة.. وبحكم تراخي الزمني، وتمطيط الوقت الذي كان مفروضا إنجاز المتفق عليه فيه، أغلق العامل الباب.. وظهرت هنا بالإقليم ظروف استثنائية، ومنها الزيارة الملكية، إلى جانب مجموعة من المستجدات الأخرى.. ومراعاة لها، حاولنا أن نعطي شيئا من الوقت... وبعد الزيارة الملكية ربطت السكرتارية الاتصال بمسؤلين بالعمالة، وتبين أنهم تنصلوا من مضامين الأرضية المتوصل إليها بتاريخ 22/ 10/ 2009.. الباعث الذي معه تقرر في المجلس الإقليمي ببوعرفة، تنزيل معركة إقليمية في 20/ 02، وفعلا، تم التنفيذ، وأخذت أشكالا سلمية: وقفات أمام العمالة، مسيرات شعبية... وما تم تسجيله ابتداء من 20/ /2 إلى بداية شهر مارس، أن عامل الإقليم سد في وجوهنا باب الحوار، ولا أحد بات يهمه واقعنا... سؤال: ... وما طبيعة التعامل مع المسؤولين على ضوء التغييرات التي على حصلت على هرم المسؤولية بالإقليم؟ جواب: فعلا، تجددت المسؤولية بتعيين عامل جديد على الإقليم، ومعه كذلك حصل تغيير المتحاورين معنا، ومنهم الكاتب العام للعمالة.ز وفي ظل هذا المستجد، أعلن ببني تجيت عن مباراة تتعلق بالجماعات المحلية لشغور خمسة مناصب، وهذا المستجد أفرز مجموعة من المتناقضات، إذ أن الفرع المحلي بني تجيت بحكم علاقته مع رئيس الجماعة، طلب أن يتولى هو أمر إعطاء الكوطا للجمعية، وتبين أن المباراة هي مجرد واجهة، وما سيشتغل هو العلاقات المصلحية، والسياسة الانتخابوية، وبالتالي، لا أثر للديمقراطية في هاته الحال... ومن هنا ابتداء فرض نوع من التحديات علينا، وقررنا الاستمرار في أشكال نضالنا.. وبعد أن اقتحمنا البلدية، جلسنا لحوار مع الكاتب العام للعمالة بتاريخ 22/ 3/ 2010، وأخذ على عاتقه أمرين: الأول تعلق بجرد المناصب الشاغرة في الإقليم، والثاني يهم توقيف المباراة ببني تجيت.. وبما أننا في الجمعية الوطنية نتعامل دائما بحسن نية، وبعد أن قدم لنا ممثلونا خلاصة الحوار، ارتأينا تمكين الأطراف المسؤولة من مهلة 15 يوما، على أساس أن الحوار مفتوح؛ وسيتم المناداة علينا في أقرب الآجال؛ رغم أن القرارات لا تتطلب كل هاته المدة؛ لأن جرد المناصب يمكن الوصول إليه في ظرف ساعة، كما يكفي اتصال هاتفي، أو مراسلة لتوقيف المباراة.. وقد تعهد الكاتب العام بتأكيد أنه بتعبيره سيفاجئنا بتنفيذ مضامين الحوار في أسرع وقت.. طبعا، لم نوقف المعركة، واضطررنا لتحويل أشكالنا النضالية من أشكال خارجية إلى نضالات داخلية على شكل أنشطة إشعاعية وتكوينية للمعطلين.. انتهت المدة الممنوحة، اتصل ممثلونا للوقوف على مدى تقدم وتفعيل الخطوات العملية، غير أنهم باتوا يرفضون استقبالهم بذريعة أن الكاتب العام يوجد في اجتماع... وبما أننا إطار ديمقراطي، فلا نقبل أن تمس كرامة أي معطل من منخرطينا، ونؤكد أننا لا نتسول، وإنما نطالب بما هو حقنا.. اعتمادا على هذا التحول، قررنا العودة إلى أشكال نضالاتنا الخارجية، وخرجنا بخلاصة أن الوقفات، والمسيرات، والاعتصامات، استنفذت مفعولها، وهي أشكال نضالية أصبحت لا تعني المسؤولين في شيء، وقررنا ديمقراطيا أننا سنقوم بإضراب مفتوح عن الطعام من داخل مؤسسة عمومية، وجاء رد السلطات أنها ستطوق كل المؤسسات العمومية.. ونسجل أن كل معطل وقّع التزاما يحمّل المسؤولية كاملة لعامل الإقليم في ما ستؤول إليه أوضاعنا، غير أنه تم رفض المصادقة على التزامنا الذي تتضمنه الوثيقة من طرف مصلحة تصحيح الإمضاءات بالبلدية، ومن ثمة نحرم أيضا من حق طبيعي آخر، بمبرر واه عندهم، وهو أن الوثيقة تمس بالأمن العام؛ والواقع أنها وثائق شخصية نتحمل مسؤوليتنا فيها.. وتم عسكرة فضاء العمالة.. وأعطي الإشارة إلى أن المسؤول الأول عن" البيجي" ببوعرفة، يدعى م. تصدر عنه ممارسات خطيرة: فهو يتدخل في حق المعطلين بالضرب، ويتدخل خارج النطاق القانوني؛ بدون إشارة المسؤول، وبلا ميكافون للإنذار الجاري به العمل لمحاولة فض التجمهرات، فهو يتدخل مباشرة بالضرب. ورغم هذا، فالمشكل الحقيقي من هذا المسؤول، هو الإخلال بالحياء في حق المعطلات والمعطلين، إذ أن الأمر يصل به إلى حد القبض على جهازه التناسلي، والإشارة به إلى المعطلات، ويبقى متماديا رغم أننا احتججنا عبر محطتين مدعومتين بتضامن من إطارت ديمقراطية محلية، ومن ساكنة بوعرفة نحيي الجميع عليه لإيقاف هذا" المسؤول" عند حده، مع تأكيد أننا لا نقبل أن تعطى المسؤوليات للمرضى نفسيا ليستفزوا المعطلين والمواطنين بصفة عامة، ويجرحوا كرامتهم... سؤال: بعد اتضاح رفض تطبيق الالتزامات، وعسكرة المؤسسات... ماذا كان رد إطاركم...؟ جواب: أمام هذا الوضع، لم يتبق لدينا خيار.. فقد حركنا النقاش بيننا بشكل ديمقراطي، وتم طرح خيارين: أولهما أننا سننزح بشكل جماعي نحو الجزائر، وثانيهما يتعلق باعتصام بالشارع العمومي مصحوب بإضراب مفتوح عن الطعام... سؤال: هل يعني هذان الاختياران حدوث شرخ في التنظيم؟ جواب: أبدا، فلا يعني هذا أن التنسيق الإقليمي انقسم إلى مجموعتين، بقدر ما أن قراءتنا تلتقي في كون كلا الشكلين ضاغطا، ويصبان معا في اتجاه واحد، وهو أننا سنحقق حوارا جادا ومسؤولا بالتزامات واضحة من المسؤولين على أرضية الملف المطلبي للتنسيق الإقليمي سؤال: إذاً، ماذا كان رد فعل السلطة المحلية. جواب: بعد أن هددنا بهاته الورقة، وشرعنا في الترتيبات المرتبطة بالشكلين النضاليين معا، اتصلت الجهة المعنية بالعمالة بالكاتب العام للسكرتاريا يوم الخميس على الساعة التاسعة والنصف ليلا؛ تعلن أن يجرى الحوار صبيحة يوم الجمعة مع عامل الإقليم، فاضطررنا لتوقيف المسيرة والإضراب عن الطعام.ز فعلا، التحق ممثلونا في السكرتارية بالعمالة للحوار مع العامل، غير أن من استقبلهم هو الكاتب العام فقط، وجاء بلغة ثانية، تنكر من خلالها بكل ما التزمت به السلطة في حوار 22 مارس 2010، واكتفى بإعطاء إشارة واحدة، وهي الإقرار بوجود 60 منصبا وظيفيا شاغرا بالإقليم، منها 08 مناصب تخص السلم 11، و 52 بسلاليم متفرقة.. وكان المفهوم أنه يريد أن يوصل رسالة يوهم بها بأنه يريد أن يتعامل مع ما هو قانوني.. وقد استشف ممثلونا أن خطوة النزوح إلى الحدود الجزائرية هي إشكال كبير بالنسبة للسلطة التي خاطبت التمثيلية بالقول:" إن أردتم النزوح إلى الحدود، فنفذوا خطوتكم، وستحمي الدولة حدودها".. طبعا، ردنا واضح.ز إننا نطالب بحوار جاد ومسؤول، ولاعتبار غياب هذين المعطيين، فإننا ننفذ ما نعزم عليه ونقرره.. لا نتراجع، ولا نلوح بالأوراق. فعلا، ومباشرة بعد الحوار، وفي نقاش موسع، نقرر بشكل جماعي أننا ولو ظللنا مثلا 60 يوما هنا مضربين عن الطعام، فلن يسمعونا، ولن يحاورونا.. لقط قطعنا شوط 50 يوما من الاحتجاجات، ومحاولات الاقتحام، وتدخلت القوات، لإلخ... لكنهم لم يتجرأوا على الجلوس معنا إلى مقام الحوار.. إذاً، حصلت القناعة أن الاحتجاج بالشارع، والإضراب عن الطعام سنستنفذ فيه مزيدا من طاقاتنا ولن ينفعنا في انتزاع الحوار الجدي... ولهذا قررنا أننا ننزح بشكل جماعي نحو الحدود، وفعلا، دخلنا مرحلة التنفيذ. سؤال: هل المدة الزمنية التي نفذتم فيها الاحتجاجات كافية لأخذ قرار التوجه نحو الحدود؟ جواب: لجأنا إلى الحدود بعد أن استنفذنا الأمل في انتزاع الحوار مع المسؤولين، وبعد 50 يوما من التنقيب عن منفذ يوصلنا إلى ذاك الحوار الجدي المفقود؛ وأؤكد أننا لا نطالب سوى بحقنا الدستوري، وهو حقنا في الشغل، علما أن المناصب الشاغرة متوفرة، فلو كنا نطالب بما هو غير كائن، لأمكن لومنا على أننا نسعى لتحميل المسؤولين ما ليس في طاقتهم، لكنهم كما أشرت هم من اعترفوا بوجود مناصب شاغرة، ثم إن مهزلة بني تجيت التي حاولوا إعطاءها ذاك النوع من الوجه الديمقراطي، وصلاحية الرئيس، وأشياء من هذا القبيل، توضح أن الأمر يتعلق بمافيات محددة.. بعلاقات انتخابوية...وباستهداف الاستحواذ على الوضع.. ومن موقعنا نحن المعطلين، فإننا نحارب هاته الأشكال، ونصر على حقنا في الشغل المضمون دستوريا. سؤال: ألم تمنعكم أجهزة الدولة من الخروج...؟ جواب: خرجنا لننفذ شكل احتجاجنا، وكان العدد هو 43 معطلا ومعطلة.. اعترض طريقنا باشا المدينة مع مجموعة من أعيان المدينة، ووجهوا إلينا طلب التراجع... وقد قدّرنا طبيعة تدخلهم ومنطلقاتهم التي حضروا من أجلها، والقائلة بأن هاته الخطوة لها علاقة بما هو وطني... لكن نحن أيضا في حاجة إلى من يقدّر ظروفنا.. بعد أن قضينا 50 يوما في المعاناة، ونحن طبعا شباب حامل شواهد... اتجهنا نحو الحدود تتبعنا أجهزة الدولة السرية والعلنية، ومنها الدرك الملكي، الديستي، الإيرجي، باشا المدينة، القائد... قطعنا تقريبا مسافة 27 كلم، وكلنا عوم وصمود على أننا نواصل المسير إلى الحدود.. ألحقوا بنا حافلة، وجاءنا الباشا يقول بوجود حوار مع عامل الإقليم... سؤال: يبدو أن قرار الاحتماء بالجزائر هو قرار قاس جدا في حق بلدنا رغم أن الضربات هي فعلا موجعة لكم كمعطلين يبحثون عن حقهم؟ جواب: للتوضيح، فقرار النزوح نحو الجزائر، لا يعني مثلا أن لدينا موقفا مما يجري في الصحراء... إذ أن الجمعية الوطنية هي جمعية تدافع عن حق الشغل والتنظيم للمعطلين.. ولهذا فلسنا ضد أي قرارات سياسية من هذا القبيل، غير أن هذا النزوح هو طريق لنلفت نظر الرأي العام المحلي والوطني إلى قضايانا المطلبية المشروعة، وهو في الوقت نفسه وسيلة للضغط من أجل حوار جاد ومسؤول. نحن واعون بما نقوم به، ونقدر المسؤوليات.. تكوّنا في الجامعة، وتربينا فيها، ونعرف، ونحلل جيدا ما يجري على المستوى الوطني... وأقول إن هذا الخيار هو ما تبقى لنا كورقة ضاغطة من أجل حوار جاد ومسؤول. سؤال: ما طبيعة الدفء الذي أحسستم به وأنتم تقطعون المسافات الشاقة نحو الحدود...؟ جواب: بالمناسبة وهذا واقع يجب الإقرار به أحيي الإطارات الديمقراطية، ولا نغفل هذا الواجب، ومنها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان... وقد واكب الجميع مسيرتنا، وأعطوا المساندة والدعم اللازمين( الخبز، الماء...)، ومن هذا المنطلق أحييهم تحية نضالية، وهذا هو نوع التضامن الذي نريده لأن قضية الإطار هي قضية كل الإطارات الأخرى، وهو مشهد نطمح إليه أيضا على المستوى الوطني. سؤال: قلتم إن الباشا جاءكم يحمل نبأ فتح الحوار مع عامل الإقليم... ماذا كان جوابكم بعد 27 كلم من المسير؟ جواب: في نقاشنا، أكدنا جميعا أننا ناس حوار، ونريد الحوار الجاد والمسؤول.. وسيرا مع الضوابط التنظيمية للجمعية الوطنية، فإن رفاقنا في السكرتارية، قرروا الرجوع بعد 12 ساعة من المسير؛ على أساس أننا نباشر هذا الحوار.. وكخلاصة، أؤكد أن الجمعية الوطنية في شخص التنسيق الإقليمي، هي جمعية حوار، وكل الأشكال الاحتجاجية التي نقوم بها، تظل لأجل مطلب الحوار معنا؛ لأننا ضحايا سياسة التهميش، والإقصاء، وسياسة الزبونية والمحسوبية.. وما زلنا نؤكد أن مباراة بني تجيت، لن تمر إلا إذا مرت على جثثنا.. وإذا لم نتوصل إلى حلول جدية، فإننا سنعاود اللجوء إلى حيث كنا عزمنا، وبالتكتيك الذي نراه مناسبا.. وأكيد أن هاته المسيرة التي دامت 12 ساعة، تعلمنا منها مجموعة من الدروس.. عرفنا من خلالها ضعفنا على المستوى اللوجستيكي، وإذا اضطررنا للعودة فليكن ما يكون.. وأذكّر أننا لا نطالب بما هو مستحيل، أو بما هو خارج عن نطاق الدستور، أو المواثيق الدولية.. نطالب بحق الشغل، والمسؤولون هنا متواجدون لتوفير هذا الحق.. ونحن مواطنون كباقي المواطنين.