في الوقت الذي هيمن الحديث عن وباء انفلونزا الخنازير وخطورته، وكذا الحملة الإعلامية الواسعة التي حظي بها هذا المرض، فإن مدينة مريرت، والتي كتب وفرض عليها وعلى أهاليها أن تكون دائما الحالة الشاذة، وأن تعيش خارج المألوف، وربما هي تخالف لتعرف، أو لا تساير الركب، أو تعيش خارج التاريخ.. المدينة التي حصدت فيها أرواح بسبب مرض لم يحرك له أحد ساكنا؛ لكن هذه المرة فرض هذا الوباء إسمه بقوة عندنا.. فمجرد أن تم تسجيل حالة بمدرسة النصر، وهي بالمناسبة كانت تعرف بمدرسة مريرت القديمة/ القديمة؛ فعلا الجديدة بهذا الوباء، وبعد حالة الذعر التي أصيب بها أباء وأولياء التلاميذ نتيجة إصابة تلميذ بمرض إلتهاب السحايا المعروف بالمينانجيت، تحرك الطاقم الطبي برئاسة الطبيب الرئيسي بالمدينة لتلقيح جميع أطفال وزملاء هذا المصاب المتواجدين في نفس الفصل الدراسي، وتوزيع الأدوية عليهم المضادة لهذا المرض.. لكن على الجهات المعنية والمسؤولة إقليميا وجهويا ووطنيا عن حماية حق من حقوق المواطنين؛ ألا وهو حق الصحة، أن يعوا جيدا أنه كا ن من الممكن تفادي هذه الكارثة في الوقت الذي يتأهبون له لمواجهة وباء إسمه أنفلونزا الخنازير. .وقد سبق لنا أن حذرنا بخطورة هذا المرض وانتشاره بالمدينة، بل أزهق أرواحا بريئة كان من الممكن إنقادها لو كان هذا الحق مضمونا للجميع. وحتى لا نتهم أيضا بوشاية كاذبة، ونشر أخبار غير صحيحة، وخلق حالة الذعر لدى الساكنة وربما الزج بنا في دعوة قضائية أخرى كسابقاتها؛ فعلى الجهات المعنية أن تتحمل كامل مسؤوليتها في مواجهة هذا المرض الخطير، والبحث عن الأسباب الحقيقية وراء انتشاره بالمدينة، والتعريف به، والقيام بحملة واسعة تحسيسية للمواطنين إذا كانوا بالفعل لهم الحق في الصحة. فمدينة مريرت معروفة بمحطة معالجة المياه المستعملة، والتي تنبعث منها روائح كريهة تسبب في أمراض الربو والاختناق ... وربما مرض التهاب السحايا.. وإن بعضا من ساكناتها يضطرون لجلب المياه للشرب من الآبار نظرا لملوحة الماء الصالح للشرب الذي يجلب من نهر أم الربيع، ويتم توزيعه من طرف المكتب الوطني للماء الصالح للشرب على المواطنين الذين أصيبوا بأمراض نتيجة هذه المياه المالحة من قبيل – أمراض القلب والشرايين وإرتفاع الضغط الدموي... ناهيك عن الأشغال المتواصلة لتجديد قنوات الصرف الصحي بالمدينة، والتي ابتدأت من قرب مدرسة النصر التي سجلت بها حالة التهاب السحايا حيث كان الأطفال الأبرياء يضطرون إلى القفز على الحفر، والمرور فوق أكوام من الأتربة للوصول إلى المدرسة. إذا كان فعلا حق الصحة مضمونا للمواطنين، فعلى الجهات المعنية أن تسهر على توفيره وضمانه، وتحقيقه لهم، واستئصال الأسباب وراء انتشاره؛ بدل التستر عليه، ونهج سياسة اللا مبالاة، والاستهتار بحياة المواطنين وحقهم في الصحة والحياة.