عند الحديث عن الثروات الطبيعية لابد من التطرق و الحديث عن السياحة البيئية التي تتطلب عناية شديدة و اشراف محكم و التي تعتبر من ضمن المحركات الاساسية للتنمية المستدامة . والسياحة البيئية واحدة من مصادر السياحة وإحدى السبل لتقوية صلة المواطن بوطنه والحفاظ على بيئته وبلورة الوعي لديه لتحقيق تنمية مستدامة . فالجماعة القروية ببني كيل تزخر بموارد مهمة بشرية وتاريخية و طبيعية، وبمقومات سياحية تؤهلها للاحتلال المكانة المستحقة في خارطة السياحة البيئية الوطنية،و تجعلها محل جذب للكثير من الزوار على المستويين المحلي والعالمي لكن يقابل وفرة هذه الموارد- تدني مستوى الوعي باهميتها و الحفاظ عليها زيادة على التجاهل والاهمال التام من قبل المجلس القروية لبني كيل الشيئ الذي يشكل عائقا اساسيا امام نجاح المشاريع التنموية الرامية الى نهضة هذه الثروات الطبيعية والاستفادة من خيرتها. ضاية الحجل.. بيئة متنوعة باي ذنب دمرت أول شيء تفكر فيه إذا أردت الاستجمام أو قضاء وقت خارج زحمة الحياة وضيقها سواء مع نفسك أو أسرتك وأصدقائك ، فإنك مباشرة تستقر على مكان يجمع بين الراحة والهدوء ومفردات الجمال والمتعة، الماء والخضرة والنسمات الباردة، وتقرر بكل تأكيد أنها بحيرة ضاية لحجل الوحيدة التي يجب أن تلبي رغبتك وتحقق أمنيتك التي عزمت عليها. تعتبر بحيرة ضاية لحجل الواقعة على بعد 30 كلم شرق من مقر جماعة بني كيل ، إحدى البحريات التي لازالت تؤمها أسراب من الطيور المهاجرة، وهي تلعب دور إيكولوجي حيوي في كونها مركزو عش لهذه الطيور المائية المهاجرة العابرة من اروبا التي تتغذى بالنباتات المائية الموجودة بها وتستريح وتعشش فيها، فهي توفر الغذاء والبيت والحماية والراحة لكل الحيوانات الموجودة . وتتربع البحيرة على مساحة قدرها 100هكتارا تقريبا ،وهذا ما يضيفها قيمة وأهمية كبيرة، أما الغابة فهي نوع بيولوجي يريح ويهدئ الأعصاب وهي تتمثل في الشجر المعمر المسمى البطم الاطلسي الكثيف الاغصان والوارف الظلال الذي يعمر لمئات السنين حسب الخبراء، فأوراقه تعد الطعام المفضل لقطعان الابل والمعز، فضلا على ثمره الذي بعد عصر يعطي زيوتا طبيعية ذات جودة غذائية عالية . وتعود أهمية أشجار هذه الضاية في الحفاظ على توازن البيئة كونها تشكل حزام نوعا ما ضيق حول البحيرة يسمح بحماية جيدة للطيور وأنواع الحيوانات والنباتات التي تعد هي الأخرى نوع بيولوجي خلاب وأخاذ · هذه الثروة الطبيعية تعاني الموت البطيء فقد تعرضت للعبث و التدمير والابادة والاستنزاف الجائر بالحرث وقلع الاشجار وغيرها من التجاوزات، اضافة الى اضرار السيول وانجراف التربة مما ادى اخيرا الى تهديد الموت لأشجارها، لم تجد من يتولى حمايتها و المحافظة عليها وردع مخربيها. في غياب اي دور للمجلس القروي الذي أسقطها من اهتماماته نهائيا، مما دفع باحدى التعاونيات المهتمة ( حسب ما بلغنا منها) الى مراسلة ومناشدة الجهات المسؤولة محليا و جهويا ووطنيا للتدخل ومساعدتها على حمايتها واعادة تاهيلها وصيانتها و الحفاظ على مياه بحيرتها حتى لا تخرب و تذهب هباء منثورا ،لكن دون جدوى. ومن أبرز الإشكاليات الراهنة التي تهدد هذه الضاية : استنزاف مياهها من طرف بعض المقاولين و الساكنة الامر الذي أدى مرارا الى جفاف مياهها و اضمحلالها ، مما أدى الى موت العشرات من أشجارها ، اضافة الى قلع أشجارها عمدا لبيع حطبها، والقيام بالحرث الجائر بمحيطها ، والرعي الجائر الذي استنزف غطاءها النباتي فضلا عن قيام احد المتسلطين ،خلال احدى سنوات الجفاف و نضوب مياهها ، حيث أقام عرسا كبيرا في وسطها ، واترك للقارئ الكريم تصورمدى حجم الدمار الذي خلفه بها. . يقع هذا و المجلس القروي يقف عاجزا متفرجا ان لم أقل متواطئا أمام هذا العبث الجائر. إن نضوب هذه البحيرة المائية وموت أشجارها ، سيؤدي لا شك إلى إخلال كبير في المنظومة البيئية وفي المناخ المحلي للمنطقة، الأمر الذي سيسهم في تخييم الجفاف و ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف وزحف الرمال واثارة الزوابع الرملية بالمنطقة. منتزه النسيسة: منتزه يتحول الى مراعي للاغنام يصعق الانسان عند ما يرى من اهمال وأعمال تخريب واستنزاف لثروة طبيعية كبرى تطال هذا المنتزه ، و يشرد التفكير في محاولة دون جدوى لاستنطاق المكان ، ماذا عن تاريخه وازدهاره.. ماذا أصابه.. لماذا لم تجر أي صيانة او تاهيل له حتى اليوم، ماذا حدث لهذا المنتزه التي كان قبلة للزائرين ليتحول إلى أراضٍ متصحرة وأشجار يابسة وشجيرات شوكية؟!! .. وللتعريف وتقريب القارئ به:يقع هذا المنتزه على بعد 25 كلم غرب مقر جماعة بني كيل،تصل اليه عبر طريق ترابي و شبه صخري، شعابه كثيرة ووديانه صعبة ليست بها اية جسور. كان منتزه النسيسة بالامس القريب بعد تأهيله في خمسينيات القرن الماضي، أفضل المواقع السياحية خلال تلك الفترة.. ، فكان المتنفس الوحيد لأبناء المنطقة لقضاء أعيادهم وإجازاتهم الرسمية وتفسيح أطفالهم فيها، فقد كان يحتوي على مناظر خلابة :حديقة شاسعة جدا مليئة بالأشجار الخضراء والوارفة الظلال مع انتشار شجيرات الورد والزهور ذات الرائحة الزكية والفواحة، فضلا عن مسبحين أحدهما للصغار، والعيون المائية المتدفقة عليه من الجبل كشلال مائي تزيده جمالا وسحرا، غير أن هذا المتنفس لم يعد كذلك اليوم فقد تم القضاء عليه نهائيا فهو لم يعد سوى أطلال وخرائب. الجبل الاخضر: غابة خارج نطاق التغطية اسم على مسمى، سمي بالجبل الاخضر لغابته الخضراء الشاسعة يتم الوصول إلي جوانب منها عبر عدة ممرات ، وهو يقع على بعد 20 كيلومترات شمال غرب جماعة بني كيل ضمن الامتداد الطبيعي لسلسلة جبال الاطلس هذه الغابة تؤدي وظائفها في توفير وسائل الحياة الضرورية لعدد كبير من الكائنات ، نباتاتها كثيرة ومتنوعة ومنها الأشجار والشجيرات والأعشاب والنباتات بما فيها أيضاً من اشجار السنديان العادي والسنديان البلوطي... من أبرز خصائص هذه الغابة انها تعد مباتا وموئلاً للعديد من أنواع الطيور والحيوانات والكائنات الحية، بما فيها المهددة بالانقراض ، الوعول و الغزلان والأرانب البرية والخنازير البرية والضباع والثعالب و الذئاب .و الطيور والبرية والمائية والزواحف والثعابين والخفافيش ... ولكن ماذا يحدث؟! غابة تموت محترقة. لاستخراج الفحم . غابة تتعرض للقطع الجائر لانتاج الحطب، غابة تتعرض للاغتيال والتعديات وابادة حيواناتها بانتهاكات الإنسان، غابة بحاجة لمن يحميها مع تنوعها الحيوي ليضمن استمرارية وجودنا على هذه الأرض ، فهل من منقد...؟. النقوش الصخرية: هذه النقوش تعتبر معلماً من معالم جماعة بني كيل ويتوافد لها الكثير والكثير من السياح الأجانب الذين يعتبرونها إحدى التاريخية التي يعود نقشها إلى التالريخ القديم، فهي عبارة عن نقوش بالصخور الجبلية او في صخور مغارات تتوسط الجبل لتي كانت مأهولة بالسكان قديما، حيث تحتوي على كثير من النقوش المكتوبة والمرسومة على تؤرخ لرسوم حيوانات في عهد قديم جدا و تثبت الذكاء الإنساني انذاك والمؤسف أن هذه النقوش قد تعرض كثير منها إلى النهب ،فعدم العناية بها و نسيانها يؤدي الى طمس معالمها والقضاء على هويتها كمعلم تاريخي. المشروع الايكولوجي لحماية و توطين الوعول: مشروع .. مات في في مهده الى عهد قريب كانت سهول ونجود وجبال جماعة بني كيل تعج بأنواع مختلفة من الحيوانات والكائنات الحية، من بينها (الوعول) النادرة عالمياً، التي ظلت لعقود طويلة تستوطن هذه المنطقة وتتناسل بها من جديد، ويعرف عن هذا الحيوان بأنها تهجر، لتعود بعد رحلة طويلة، إلى موطنها الأصلي لتلد أبناءها في ذات الاماكن التي ولدت هي فيها، وفي حال تعرضت مناطقها للدمار والتخريب فإنها ترحل دون رجعة ولا تعود لأرضها ، وهذا هو الحال الذي حدث لحيوانات هذه المنطقة التي هجرت منطقتها بسبب عوامل التدمير التي تعرضت لها بيئتها .ا خلال اواخر التسعينيات من القرن الماضي، و في اطار شراكة بين المندوبية السامية للمياه والغابات و منظمات دولية والجماعة القروية بني كيل وجهات اخرى، وبعد الاتفاق تم تمويل مشروع يهدف لاقامة وتخصيص محمية خاصة لاعادة توطين حيوان الوعول المهددة بالانقراض للمحافظة على التنوع الحيوي وإعادة الغطاء النباتي للمنطقة وتطوير السياحة البيئية والمحافظة على الإرث الثقافي للبادية ،لما من شانه ان يحافظ على التوازن البيئي ويمنع عدم حدوث أي اختلالات بيئية نتيجة انقراض هذا النوع من الحيوانات. لإقامة هذه المحمية فقد تم اختيار حزام جبال كروز الممتدة من جماعة بني كيل بطول 200كلم تقريبا الى فجيج ، وتشمل كذلك بعض الهضاب المنخفضة الممتدة الى الجبل الاخضر بجماعة بني كيل. لكن الواقع يشهد أن شيئاً من هذا لم يحدث وأن الأمور لا تزال كما هي عليه.. وإلى أين وصل العمل في مشروع مهم جدا لهذه المنطقة على الرغم من مضي أكثر من عقدين من الزمن على انطلاقه و لم يصل إلى النهاية، فالمراوحة بالمكان يبدو أنها هي السمة الغالبة على هذا المشروع.. فالفترة الفاصلة بين انطلاق المشروع وكتابة هذه السطور تشير وتؤكد أنه مات مبكرا،أو على الارجح حسب مصادر مقربة فانه لا يزل في غرفة (الانعاش) ليبقى انجازه مجرد حلم مازال يراود المواطنين. فهل ننعيه رسمياً بعد تنصل المجلس القروي من إخراجه من غرفة( الانعاش) الملازم لها منذ بداية . ويبقى السؤال..؟ من يغتال التنمية بجماعة بني كيل.. و يضيع الجواب..