بعد أن تهالكت جدرانها و سقوفها و تآكلت أبوابها و لم يبق فيها سوى ذاك الناقوس الحديدي على مدخلها الرئيسي لا يمكن الحديث عن مدينة عين بني مطهر، أو استقراء تاريخها السياسي والنضالي على مدى عقود من الزمن، دون استحضار إحدى المؤسسات التعليمية التي كانت شاهدة، وحاضرة في كل المحطات، وفي ذهن وعقول أبناء المدينة. مدرسة عبد الواحد المراكشي التي كانت عنوانا للتعايش الديني بين أبناء الفرنسيين، واليهود، وأبناء بركنت، احتضنت العديد من الأسماء التي سيكون لها شأن، وباع كبير في شتى المجالات.. فيكفي أن يذكر إسم الشهيد عمر بن جلون، لنقف على مكانتها ودورها في المشهد التعليمي، ناهيك عن عشرات الأسماء التي تقلدت مناصب سامية في العديد من الإدارات والوزارات، وفي مختلف التخصصات، هي اليوم عنوانا صارخا للإهمال، لا جديد انضاف إليها بعد أن تهالكت جدرانها، وسقوفها، وتآكلت أبوابها، ولم يبق فيها سوى ذاك الناقوس الحديدي على مدخلها الرئيسي. عند ولوج البناية التي يعود بناؤها إلى عشرينيات القرن الماضي، يحس الواحد بدفء المكان، وقوته التاريخية، ويحاول استحضار زملاء له، قاسموه المقعد الدراسي، وشغبه، لكنه بالقطع سيصاب بالحسرة والألم على ما آلت إليه هذه المدرسة؛ التي يعتبرها أبناء مدينة عين بني مطهر ذاكرتهم الحية؛ التي جمعت بينهم في سنوات كان الولوج إلى المدرسة بمثابة تحد كبير. ما تهدم، لم يرمم. إصلاحات محتشمة لم ترق إلى مكانة هذا الصرح التعليمي الكبير؛ الذي يخاطب اليوم كل الضمائر الحية من أبناء مدينة عين بني مطهر من أجل رفع التهميش عنه، وإعادة الاعتبار إلى ذاكرة تأبى النسيان، تقاوم في صمت كل محاولات الطمس: مدرسة عبد الواحد المراكشي تعنينا جميعا، وإنقاذها من براثن الإهمال والضياع، مسؤوليتنا جميعا.