إلى حدود الأمس القريب، كنا نجزم أن السيد عمر احجيرة رئيس الجماعة الحضرية لوجدة يحارب الفساد ولايمكن له ان يقبل على نفسه حماية المفسدين والاقتراب إلى محيطهم، لكن مع الأسف الشديد صدمنا لما علمنا، في إطار تتبعنا لأحد الملفات، ان السيد عمر احجيرة ليس بذلك البياض الذي كنا نعتقد. الأمر يتعلق بتدبيره لملف الفضاء الامريكي بوجدة المتواجد ببناية الخزانة البلدية الساورة، حيث رصدنا، في إطار تفاعلنا الإيجابي مع أنشطة الفضاء الأمريكي وخدماته للطلبة والتلاميذ وتواصله مع وسائل الإعلام وفعاليات المجتمع المدني، أن الجماعة الحضرية لوجدة لم تف بعدة التزامات اتجاه المرفق المذكور ومنها تدبيرها لعدد ونوع الموظفين المشتغلين به بطريقة تعتمد على الزبونية والمحسوبية عوض الكفاءة والمردودية. بالطبع في إطار عملنا الصحفي واستحضارا لرأي الجهاز المسير بالجماعة، طرحنا الموضوع على السيد الرئيس دون انحيازنا لزيد أو عمر، وصرح لنا بأن الجماعة ستتدارك الموقف بعد الانتخابات التشريعية المنصرمة وذلك بنقل خمس موظفات يستغني الفضاء الأمريكي عن خدماتهن وسبق للرئيس ان قرر نقلهن بعد أن تبين له أن عدد الموظفين (13) يفوق حاجيات الفضاء الامريكي في الوقت الذي توجد فيه مصالح أخرى في حاجة ماسة إلى الموظفين، إضافة إلى مده بالوسائل التي يحتاجها لأداء مهامه، وإجراء بعض الإصلاحات، ووضع حد للاستفزازات التي يتعرض لها مدير الفضاء الأمريكي من طرف الرئيس والموظفات المعنيات وبعض أقربائهن من جراء عدم فصح الرئيس بالحقيقة وإدعائه كذبا أن مدير الفضاء الامريكي هو من طلب نقل الموظفات المعنيات. في ذات السياق، وفي إطار تتبعنا للملف، علمنا أن السيد عمر احجيرة عقد لقاءا رسميا مع وفد من السفارة الامريكية بالرباط حول تدبير الفضاء الأمريكي بوجدة ، في شهر دجنبر 2011، ووعد بإجراء الإصلاحات المطلوبة ونقل الموظفات الخمس المعنيات في إطار عملية إعادة انتشار موظفي الجماعة، وانتظرنا أن يفي السيد الرئيس بوعده لكن التسويف كان سيد الموقف لحاجة في نفس السيد الرئيس، فتم طلب لقاء الرئيس بحضور السيد محمد بنداحة مدير الفضاء الأمريكي بوجدة، وفعلا تم اللقاء بمكتب الرئيس بحضور المدير المعني والزميل عزالدين عماري حيث حاول الرئيس الإدعاء مرة أخرى ان المدير المذكور "طلب نقل الموظفات لإنزعاجه منهن، وعندما التقى بالموظفات أخبرهن أن الرئيس هو من قرر نقلهن"، لكن مدير الفضاء الامريكي فاجأ الرئيس بتفنيذ روايته وحكى بالتفصيل ماجرى في مقابلته مع الرئيس حول الفضاء الأمريكي في شهر يوليوز 2011 على متن السيارة الجماعية الموضوعة رهن إشارة الرئيس، وفاجأ الجميع بإخراج القرآن الكريم من محفظته، وأقسم بانه لم يطلب من الرئيس أن ينقل الموظفات المعنيات، ولم تكن بنيته وهو يقابل السيد الرئيس أن يطلب منه نقل الموظفات المذكورات، وأضاف بانهم كلهم بالفضاء الأمريكي كانوا يعيشون كأفراد أسرة واحدة منسجمين متعاونين يحترمون بعضهم بعضا "إلى أن جئت سيدي الرئيس وأفسدت العلاقة بيننا، وزرعت الحقد والكراهية"، وذكره بالعلاقة الاجتماعية المتميزة التي تربطه مع كل واحدة من الموظفات الخمس اللواتي يحترمهن ويقدر كل ماقدمنه من مجهود في أداء مهامهن مؤكدا أن بقاؤهن بالفضاء الأمريكي إهدار للمال العام مادام أن الفضاء يستغني عن خدماتهن لعدم توفر عناصر الإنسجام والاحترام والثقة، وهي عناصر تسبب فيها السيد الرئيس. فماكان من الرئيس إلا أن طأطآ رأسه امام هذه الصراحة، وأعاد عزمه على نقل الموظفات الخمس من الفضاء الأمريكي وزيارة المرفق المذكور في الأسبوع الموالي لوضع حد للموضوع والوقوف عن كثب على حاجيات الفضاء الامريكي في الإصلاحات المطلوبة، لكن مع الأسف الشديد لم يف السيد عمر احجيرة بوعده، ولنا أن نتخيل كيف سيكون الوضع داخل الفضاء الأمريكي والعلاقة بين المدير والموظفات المعنيات حيث يغيب الإنسجام والاحترام والثقة، وحيث تشعر الموظفات بأنهن مسنودات من الرئيس وحاشيته. في ذات الجلسة علمنا أن السيد الرئيس لم يطلع على نص الإتفاقية وعلى التقرير المفصل الذي قدمه له مدير المرفق في غشت 2009، ولنا أن نتساءل كيف يمكن للرئيس أن يحسن تدبير المرفق وهو يجهل كل شيء عنه خاصة أن الفضاء الأمريكي مؤسسة تدبره السفارة الأمريكية بالتنسيق مع مديره، وليس بمصلحة من المصالح الجماعية ويقع الخلط لدى كل واحد يجهل ماهيته لكون المرفق موجود بداخل بناية البلدية، ولكون المدير ومساعديه موظفين تابعين للجماعة الحضرية لوجدة. كل ماذكر جعلنا نتأكد أن للسيد عمر احجيرة حسابات شخصية مع مدير الفضاء الامريكي ويتعامل مع المرفق بمقاييس بعيدة عن مقومات التدبير الإداري الصحيح، خاصة أن مدير الفضاء الأمريكي يقوم بمجهود مشهود تؤكده خدمات المرفق وأنشطته المتعددة وحصوله على جائزة الصداقة الأمريكية المغربية، وكان من المفروض أن توفر له ظروف الاشتغال ومده بالوسائل التي يحتاجها، وحمايته من كل مامن شأنه التشويش على عمله. وبفضل تحقيقها الخاص في الموضوع، علمت الجريدة أن الرئيس عمر احجيرة يعيش تحت رحمة ضغط من طرف بعض المقربين له من المستشارين الجماعيين الاستقلاليين الذين يريدون أكل الثوم بفم الرئيس ضدا على مدير الفضاء الأمريكي الذي كان يقوم بمهمة رئيس الكتابة الخاصة للسيد لخضر حدوش رئيس المجلس السابق حيث كانوا يصطفون ضمن فريق المعارضة، وقد أكد هذا المعطى عمر احجيرة نفسه في جلسة خاصة جمعته ومدير المرفق المذكور، والسيد محمد الزين مفتش حزب الاستقلال وأحد الزملاء الصحافيين. والأغرب مافي الامر أن عمر احجيرة أكد في ذات الجلسة التي كانت في نهاية الصيف المنصرم، أنه لن يقوم بنقل الموظفات إلا بعد الانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر 2011، بمعنى أنه اعترف ضمنيا أنه يتخد الموظفات المذكورات رهائن بالفضاء الأمريكي للحصول على أصواتهن وأصوات أقربائهن، وانه مارس الشطط ليقحم صفته رئيسا للجماعة لصالح صفته مرشحا في الانتخابات التشريعية وهو أمر يعاقب عليه القانون بطبيعة الحال، كما سمح للمستشارين الجماعيين التدخل في تدبير مرفق توجد الجماعة شريكا فيه ضدا على الفصل 23 من الميثاق الجماعي الذي ينص على حصر دور المستشارين الجماعيين في أشغال اللجان والدورات. وقد زادت قناعتنا بان السيد عمر احجيرة يرعى الفساد عندما غاب خارج الوطن ابتداء مماقبل الاسبوع المنصرم، وعندما أقدم نائبه الأول على توقيع مذكرات نقل أربع موظفات من الفضاء الأمريكي إلى الخزانة البلدية الساورة، وعندما وجه السيد رحالي رئيس قسم الموظفين بالنيابة استفسارات للموظفات المعنيات على إثر تقرير من مدير المرفق حول غيابهن عن العمل حيث قام السيد الرئيس بأمر الكاتب العام للجماعة بتوقيف مذكرات التنقيل وعدم توجيه استفسارات للمعنيات بالأمر، رغم أن مذكرات التنقيل المذكورة هي الحل للإحتقان الذي يعرفه الفضاء الامريكي من منطلق "لاغالب ولامغلوب"، وكذلك حماية لإهدار المال العام في تأدية أجور موظفات يستغني المرفق عن خدماتهن منذ يوليوز 2011، وعدم إحراج الرئيس مع المستشارين الضاغطين في توقيع مذكرات التنقيل بنفسه، ونحن كنا ننتظر من الرئيس التعامل مع الموظفات المذكورات بمبدإ المساواة مع الموظفين الآخرين وتنقيلهن إلى إحدى المقاطعات التي تعرف خصاصا في العنصر البشري وهو جانب من التغيير الذي بشر به السيد الرئيس عمر احجيرة. وقد علمنا من مصادر مقربة من السفارة الأمريكية بالرباط أن الشريك الأمريكي يشعر بامتعاض كبير من التصرفات اللامسؤولة لعمر احجيرة الذي خلف لديهم انطباعا سيئا حول أداء المنتخبين وعدم وفاء المؤسسات المغربية بالتزاماتها، وبالتالي يمكن القول أن تدبير عمر احجيرة للمرفق المذكور لايتماشى مع المشروع الملكي بالمدينة والمبادرة الملكية لتنمية الجهة الشرقية وخاصة مايتعلق بالإنفتاح الحضاري ومحاربة الصور النمطية المرتبطة بنوازع التطرف الملتصقة خطأ بسكان وجدة والجهة الشرقية. وعلمت الجريدة كذلك أن مكتب المجلس عقد يوم الجمعة المنصرم 29 يونيو بحضور مساعدي رئيس الجماعة، وقرر مطالبة الرئيس احجيرة بالكف عن تسيير الجماعة، وراء الستار، من خارج الوطن بواسطة الهاتف، وضرورة تفعيل مذكرات تنقيل الموظفات المعنيات من الفضاء الأمريكي، وإلا فإن السادة النواب سيوقفون العمل بتضامن الأغلبية، مما يجعل الرئيس عمر احجيرة في موقف المعزول والمحاصر في دائرة ضيقة بعد أن حاصرته المعارضة بالمجلس وأظهرته بمظهر "الأناني الذي لايخدم مصلحة المدينة"، الشيء الذي سيعطي مصداقية لأطروحتها ويجهض عملية الصلح التي يسعى إليها ذوو النيات الحسنة بالمدينة.