يواصل قسم التوثيق والدراسات والبحث العلمي بمحكمة النقض إصدار منشوراته كقيمة فكرية مضيئة في سماء المعرفة القانونية، باعتبارها الوسيلة الناجعة للولوج إلى المعلومة، وكذا انطلاقا من أهمية دور الاجتهاد القضائي في تطوير القاعدة القانونية وسد الفراغ التشريعي بما يلائم روح العصر . في هذا الصدد فإن محكمة النقض لم تأل جهدا لتكون في الموعد مع قرائها من خلال العدد 77 من مجلة "قضاء محكمة النقض"، الذي هو منبر علمي يشكل رصيداً مضيئا لزخم معرفي يتجلى في مبادئ قضائية وفقهية بنفحات حقوقية وحمولة كونية، مما ينم عن التفاعل الإيجابي مع المنعطف الدستور الحاسم في تاريخ المملكة، ويعكس الانخراط الحقيقي في ملحمة التغيير ومسيرة الإصلاح لتحقيق المواطنة الكاملة بضمير مهني مسؤول . ويؤكد الأستاذ مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض، أنه مادامت السلطة القضائية ملتزمة بنشر الفكر القانوني وإشاعة الثقافة الحقوقية فإن هذا الإصدار وما تضمنه من قرارات صادرة عن الغرف الست لمحكمة النقض يجسد العزم القوي لقضاتنا على ترسيخ وعيهم بحتمية هذا الرهان وترسيخهم لوحدة مبادئ وقيم حقوق الإنسان، وبناء الديمقراطية ودولة القانون ومساواة الجميع أمامه، باعتباره حجر الزاوية في هذا السياق، حيث إن هذا العدد يرسخ بشكل مباشر المقاربة الحقوقية والرؤية المقاصدية للسلطة القضائية . كما رصد العدد 15 من مجلة "نشرة قرارات محكمة النقض" الاجتهادات الصادرة عن الغرفة المدنية ومواضيع حقوقية مستجدة تجسد المقاربة التحليلية والفقهية للنصوص التشريعية في بعدها الحقوقي والإنساني . في هذا السياق يقول الأستاذ مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض إن انتقاء مجموعة من القرارات التي تناولت بشكل دقيق مختلف المواضيع المرتبطة بالحقوق المكرسة في قوانين الموضوع، وبضمانات إجراءات المحاكمة العادلة المضمنة في القوانين الإجرائية يأتي إيمانا من محكمة النقض بأن الاجراءات المسطرية تعتبر الوسيلة الشكلية لضمان الوصول إلى الحق المراد حمايته تشريعيا، وأن استيفاءها بشكل سليم من طرف محاكم الموضوع، يجعل قراراتها في منأى عن أي طعن قضائي أو ادعاء لاحق بالبطلان المسطري .