دشن المغاربة دخولهم إلى الربيع العربي، يوم 20 فبراير حيث تم قص حزام الخوف و دين الانقياد بالمفهوم الخلدوني في أكثر من 70 مدينة ، ليتحول حلم الشباب الفايسبوكي، إلى حقيقة تبنتها مختلف الهيئات السياسية التي تنشد التغيير الحقيقي وتأمل إلى مغرب الحرية والعدل والكرامة، وهكذا تكون الحزب المغربي الذي يجمع يساريين وإسلاميين ومستقلين، كلهم نزلوا إلى الشارع مرددين شعارات مدوية، كلماتها رددت لأول مرة بصوت مرتفع في الشارع : الشعب يريد إسقاط الاستبداد، يريد إسقاط الفساد، محاسبة الفاسدين، عدم الجمع بين السلطة والثروة.... والمسيرات والوقفات والندوات والمهرجانات لازالت مستمرة إلى حدود الساعة، في تطور نوعي وكمي، وذلك رغم "القمع المخزني" لتظاهرات 13 مارس ورغم الحادث الإرهابي الذي وقع في مقهى أركانة بمدينة مراكش يوم 28 أبريل، الذي رام من خلاله منفذوه - مهما كانت مرجعياتهم - إلى إيقاف قاطرة التغيير بالبلد. لكن السؤال المطروح الآن، ماذا سيفعل "المخزن" مع حركة 20 فبراير؟ إن حركة 20 فبراير بشبابها و الهيئات الحقيقية الداعمة لها، هي بداية لانكسار دين الانقياد، الذي عشش في قلوب المغاربة، وجعل الخوف يسري في الكبير والصغير، حتى أضحى الرجال يركعون لغير الله وينظرون بالعين المجردة لفلان يظهر في القمر ولعلان يدخن سيجارة الأعشاب في خطاباته...... هي فرصة تاريخية كبرى للجميع بما فيهم المؤسسة الملكية، لتدشين منعطف تاريخي يقود المغرب إلى دولة مدنية، قادرة على مواجهة التحديات الدولية والإقليمية، لأن العالم يتغير بوثيرة سريعة أساسها الوحدة وأسلوبها الديمقراطية وقوامها المواطنة الحقة. هناك خياران "للمخزن" أمام هذه الحركة المجتمعية التي تعكسها مطالب 20 فبراير ومظاهراتها: 1-الاستجابة لمطالب الحركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وذلك ب: - دستور شعبي نابع من إرادة شعبية يؤسس لدولة مدنية، قوامها التداول على السلطة، وإشراك الجميع في اتخاذ القرار السياسي. - "توبة جامعة" قوامها الاعتذار للشعب من الظلم الذي لحق به، ورد أمواله إليه، آنذاك لا يمكن لهذا الشعب الكريم إلا أن يسامح ويعفو بعدما يرى برهان الصدق وحقائق الفعل. - التأسيس لميثاق جامع، يجمع كافة القوى الحية من أجل صياغة ميثاق أمة تريد القطع مع الاستبداد وتريد أن تستعيد كرامتها وحريتها دون وصاية أو منحة. 2- القمع والتقتيل والسجن والعنف للحركة، وهذا ما سيؤدي إلى نتائج عكسية والحقيقة ماثلة أمامنا في مصر وتونس فمن كان يظن من الحكام العرب أنفسهم، أن رجلا اسمه مبارك سيقدم إلى المحاكمة هو وزبانيته وأسرته.... كيفما كان الحال فإن الذين ذهبوا إلى الساحات يوم 20 فبراير لم يكونوا ينتظرون فراغا أمنيا ليعبروا عن مطالبهم، بل كانت الأمور مفتوحة على جميع الاحتمالات، خاصة وأنهم نزلوا والرصاص والصواريخ تمطر آلاف الليبيين الأحرار. فهل وصلت الرسالة؟