نجحت حملة لمكافحة ذبابة "تسي تسي"، الناقلة لمرض يدمر الثروات الحيوانية، بمنطقة "نيايز" قرب العاصمة السنغالية داكار في خفض عشائر هذه الآفة جذرياً فيما يمهد الطريق لاستئصالها كليّاً. وفي بيان لمنظمة "الفاو" توصلت أون مغاربية بنسخة منه، قال الخبير بابا سال، مدير المشروع ورئيس قسم الصحة الحيوانية لدى وزارة الثروة الحيوانية بالسنغال، "منذ بدء المشروع، لاحظنا بالفعل إصابات مرضية أقل، وتراجعت ليس فقط آفة 'تسي تسي' بل وأيضاً القراد الذي سبب الكثير من الأمراض في المنطقة. كما لاحظنا في جميع المناطق أوضاعاً صحية أفضل بين القطعان". ويعتمد البرنامج الذي تنفذه حكومة السنغال على مدى سنوات عديدة، بمساعدة مالية من الولاياتالمتحدة ودعم فني من كلا مركز التعاون الدولي للبحوث الزراعية من أجل التنمية CIRAD))، وفرنسا على تطبيق تقنية الحشرة العقيمة (SIT) أساساً بدعم من البرنامج المشترك بين منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة "FAO" من خلال القسم المشترك المختص بين "فاو" والوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) في فيينا. والمعروف أن ذبابة "تسي تسي" هي ناقل لمرض التريبانوزوما القاتل (داء المثقبيات)، والذي يؤدي أيضاً إلى خفض الوزن وناتج الحليب واللحوم، وإضعاف الماشية بحيث لا تعد قادرة على أداء الأعمال الزراعية من جرّ وحرث وغيرها. نظرة في العمق تتألف تقنية الحشرة العقيمة وهي شكل من أشكال المكافحة الحيوية للآفات، من استخدام الإشعاع في تعقيم ذكور الذباب في مرافق تربية خاصة لإطلاق أعداد ضخمة منها. وتُنشَر الذكور العقيمة جواً على امتداد مساحات ممتدة بالمناطق الموبوءة بذبابة "تسي تسي"، لمجامعة الإناث الطليقة على نحو لا ينتج عنه ذرية مما يعني أن هذه التقنية في نهاية المطاف ستقضي على عشائر الآفة المتناقصة عدداً. وقبيل تطبيق التقنية مباشرة ثمة ضرورة إلى تحجيم أعداد الذباب في المناطق الموبوءة. وفي منطقة المشروع بالسنغال، تستخدم المبيدات مباشرة لرش مناطق الماشية، بينما توضع شُرُك وشباك للذباب حول حظائر تربية الخنازير. وبدأ إطلاق الذكور العقيمة أرضاً من الذباب في عام 2012، قبل الشروع بإطلاقها جواً في عام 2013 عقب ثلاث سنوات من تقييم الجدوى، وبناء القدرات، والإعداد والاختبار. ولم تمر ستة أشهر، حتى أمكن خفض أعداد عشائر هذه الآفة بما وصل إلى 99 بالمائة. وثمة ميزة أخرى لهذه التقنية، إذ عقب المرحلة الأولى من استخدام المبيدات لن تتطلب استخدام الرش وبذا ستقلل من التلوث البيئي. وقال مسؤول المشروع السنغالي الخبير سال، "نحن نتوقع الإعلان عن القضاء على ذبابة 'تسي تسي' في الكتلة الأولى بمنطقة 'نيايز' في نحو منتصف عام 2014، ونتوقع القضاء عليها في الكتلتين الثانية والثالثة خلال عام 2015 أو في أوائل عام 2016. وثمة منطقتان أخريان لمواصلة العمل لاحقاً بدأنا فيهما بالقضاء على الذبابة والتريبانوزوما على صعيد السنغال بأسرها". مشروعات جارية في جميع أنحاء العالم وبالإضافة إلى السنغال يدعم القسم المشترك المختص بين منظمة "فاو" والوكالة الدولية للطاقة الذرية نحو 35 مشروعاً لتطبيق تقنية الحشرة العقيمة وعبر برنامج التعاون التقني الخاص بوكالة الطاقة الذرية، في أجزاء مختلفة من إفريقيا، وآسيا، وأوروبا، وأمريكا اللاتينية. وسبق أن نجح البرنامج في استئصال ذبابة "تسي تسي" في جزيرة زنزبار، ثم في إطار مشروع استئصال ذبابة "تسي تسي" بجنوب إثيوبيا (STEP) حيث تراجعت عشائر الذبابة فعلياً حتى الآن بنسبة 90 بالمائة. ويستهدف البرنامج أيضاً القضاء على آفات حشرية رئيسية أخرى مثل ذباب الفاكهة، والعثة، والذباب والبعوض والدودة الحلزونية إلى جانب سلالات مختلفة من ذبابة "تسي تسي". ويقول الخبير خورخي هندريكس، رئيس برنامج منظمة "فاو" المشترك مع وكالة الطاقة الذرية للحشرة العقيمة، أن فريقه في المختبر الحيوي لمكافحة الحشرات بمدينة سايبردورف النمساوية، يقدم خدمات كاملة من البحوث التطبيقية، والتدريب، وعمليات التحقق والمعاينة، مع تعزيز الأنشطة المشتركة في نموذج مستجد من "التغذية الارتجاعية المتواصلة". ويتضرر سنوياً نحو 37 بلداً في إفريقيا من جراء ذبابة "تسي تسي" ومرض التريبانوزوما الذي تنشره، بإهلاك ما يصل إلى ثلاثة مليون رأس من الماشية كل عام. ويدعم برنامج منظمة "فاو" المشترك مع وكالة الطاقة الذرية (SIT) 14 دولة إفريقية حالياً في جهودها الرامية إلى القضاء على ذبابة "تسي تسي".