اجمع باحثون ومفكرون واكاديميون مغاربيون أمس الخميس 21 نونبر الجاري بخريبكة على ضرورة خلق شبكة مغاربية للتعاون، في مجال الفيلم الوثائقي، وذلك بهدف ترسيخ قيم الهوية المشتركة، وروح الثقافة والحضارة والتاريخ الذي يجمع مجتمعات المنطقة المغاربية برمتها. واكد متدخلون في ندوة(صورة المجمتعات المغاربية في الفيلم الوثائقي)، التي اقيمت بمناسبة انعقاد الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي، على إعطاء الفيلم الوثائقي، المكانة الإبداعية والثقافية التي يستحقها كفن رفيع قادر على تكسير الحواجز، والوقوف الى جانب المجتمعات، وتكريس مبادئ الحوار والتواصل مع الآخر. كما شددوا على ان المجتمعات المغاربية في الفيلم الوثائقي، ما تزال صورتها ناقصة وتحتاج الى كثير من الجهد، مبرزين ان الحراك الذي شهدته المنطقة، فضلا عن الطفرة التكنولوجية الحديثة، شكلت نقلة نوعية لجعل الآخر يكتشف تاريخ وعوالم ومميزات المنطقة المغاربية. واكد الباحث حسن مرزوقي من تونس، على ان الأسئلة في مجال الفيلم الوثائقي تتطلب أجوبة صعبة، متسائلا ان الربيع العربي سيمكن الفيلم الوثائقي من التطور، وذلك بفضل إزهار انتاجات جيدة وجديدة، تعكس صورة المجتمعات المغاربية. وشدد على اهمية العلاقة التي تجمع الفيلم الوثائقي بالمتلقي، والعقد الذي يجمع الطرفين، فضلا عن التمييز بين الفيلم الوثائقي والروائي، بحثا عن الحقيقة الإبداعية الخالصة. ولفت مرزوقي الى ان الفيلم الروائي ان كان ينشد الحلم بالواقع، فان الوثائقي عكس ذلك، ويجيب ان يكون خارج دائرة السلطة من اجل ترويض الحقائق، وحتى يحقق الرهانات التي يصبو اليها. كما اشار الى ان الفيلم الوثائقي عليه ان يكسر الاصطناع، والمجاز الابداعي في السينما، ويصاغ بلغة دولية ليس محلية، وذلك بهدف، تحقيق أفق انتظار المتلقي. من جهته لامس الباحث شيخاني ولد الشيخ من موريتانيا في مداخلته العديد من القضايا التي ترتبط بالفيلم الوثائقي في علاقته بالتاريخ والمجتمع، والهوية، والوشائج التي تربط مختلف بلدان المغرب العربي. وشدد على اهمية الاشتغال على العديد من الأحداث التاريخية المغاربية، من أبرزها المسيرة الخضراء، وتكريم القيم الروحية والصوفية ورد الاعتبار للزوايا والطرق الصوفية، وتخليد أعياد الاستقلال في منطقة المغرب العربي. وشدد على الفيلم الوثائقي المغاربي قادر على ترطيب الأجواء، مبرزا ان صورة المجتمعات في المنطقة بإمكانها لعب دور كبير في ابراز المقومات التاريخية والحضارية التي تميز المنطقة، وقراءة تاريخ المنطقة الحافل بالأمجاد والتضحيات. كما طالب شيخاني بالمناسبة بفتح الحدود الجزائرية، من اجل إنماء المنطقة المغاربية، في شتى المجالات، ومنها الثقافية والفنية والسينمائية. اما الناقد الجزائري سعيد هادف فقد عرج في مداخلته على قضايا عدة، وبخاصة تاريخ السينما الوثائقية في الجزائر، والتي أثمرت العديد من الافلام، فضلا عن الطفرة التكنولوجية، التي قد تساهم في عكس صورة المجتمعات المغاربية، والكاميرا كوسيلة للحرية، والبحث عن الحقيقة من خلال الفيلم الوثائقي. من جانبه تطرق الباحث الليبي محمد بن الامين، في مداخلته الى مواضيع الحقيقة في الفيلم الوثائقي، والاصطناع، والهوية، اضافة الى العلاقة التي تجمع المخرج السينمائي بالمؤرخ، وتوسيع المنجز الوثائقي، لدى الأخر. واكد ان الأدوات التكنولوجيبة الحديثة جعلتنا نعيش في عالم تحول فيه كل طفل الى كاميرمان، ومخرج وثائقي، مهما كانت الوسائل بسيطة، متسائلا ان كان الربيع العربي سيساهم في خلق انتاجات جديدة في مجال الفيلم الوثائق تبرز خلالها صورة المجتمع المغاربي بشكل لحقيقي دون خيال. اما الدكتور احمد اعراب فقد قدم بالمناسبة مداخلة تمحورت حول موضوع الفيلم الوثائقي سبيل حقيقي لفهم حضارة المغرب والأندلس، طرح فيه العديد من الأسئلة بحثا عن مفاتيح حقيقية لفهم حضارة المنطقة المغاربية والتاريخ الذي يربطها بالأندلس. وكان نفس اليوم قد شهد، مناقشة افلام المسابقة الرسمية، فضلا عن تنظيم لقاء مفتوح مع الاستاذ هشام بن عمار، حول مسيرته السينمائية، وتجربة الفيلم الوثائقي بتونس. يذكر ان الدورة، التي تقام بدعم من المركز السينمائي والمجمع الشريف للفوسفاط والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وشركاء آخرين، كانت قد انطلقت الأربعاء الماضي، وتختتم السبت، وذلك بمشاركة 12 دولة عربية وأجنبية، وبحضور تونس كضيف شرف.