أمرت محكمة جنايات القاهرة يوم الاثنين 15 ابريل الجاري بإخلاء سبيل الرئيس المصري السابق حسني مبارك في قضية قتل المتظاهرين أثناء الانتفاضة التي أطاحت به عام 2011 لكنه بقي محبوسا احتياطيا على ذمة التحقيق في قضايا أخرى. وتظلم مبارك من استمرار حبسه احتياطيا لأكثر من عامين على ذمة قضية قتل المتظاهرين بينما يمنع القانون الحبس الاحتياطي أكثر من هذه المدة في القضايا التي عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد. وقال القاضي المستشار محمد رضا شوكت إن المحكمة أمرت بالإفراج عن مبارك (84 عاما) بضمان محل إقامته ما لم يكن مطلوبا على ذمة قضايا أخرى. وقال شوكت ممهدا لقرار إخلاء سبيل مبارك "استمرار حبس المتهم احتياطيا على ذمة القضية قد سقط بقوة القانون وانحسرت عنه المشروعية." وأضاف أن الإفراج "بات حقا مكتسبا له مصدره قوة القانون ولا يعدو قرار المحكمة في هذا الصدد إلا كشفا لهذا الحق." وقالت النيابة العامة في تصريح للمتحدث الرسمي باسمها المستشار محمود الحفناوي بعد أمر الإفراج إن مبارك سيبقى محبوسا على ذمة التحقيق في ثلاث قضايا فساد. وكانت دائرة بمحكمة جنايات القاهرة عاقبت مبارك بالسجن المؤبد في يونيو حزيران لإدانته بالامتناع عن إصدار أمر بمنع استخدام القوة ضد المتظاهرين خلال الانتفاضة التي استمرت 18 يوما. لكن محكمة النقض وهي أعلى محكمة مدنية في البلاد قبلت الطعن على الحكم في يناير كانون الثاني وأمرت بإعادة المحاكمة. وفي أولى جلسات إعادة محاكمة مبارك أول أمس تنحى القاضي وأعاد أوراق القضية إلى محكمة استئناف القاهرة لتحيلها إلى دائرة أخرى للنظر فيها. وسمح ذلك للرئيس السابق بالتظلم من استمرار احتجازه أكثر من المدة القانونية للحبس الاحتياطي. وألقي القبض على مبارك الذي حكم مصر 30 عاما يوم 13 ابريل نيسان عام 2011 ليصبح أول زعيم يحاكم بعد انتفاضات الربيع العربي. ودخل مبارك قفص الاتهام يوم الاثنين قبل عقد الجلسة بنحو 10 دقائق واستقبله مؤيدون بالهتاف "بالروح بالدم نفديك يا مبارك" و"يا علاء (مبارك) قول لابوك شعب مصر بيحبوك". وهتفت امرأة غلب عليها الانفعال "مصر خربت بعدك يا ريس" في إشارة إلى اضطراب سياسي وتدهور اقتصادي وانفلات أمني تمر به مصر منذ الانتفاضة. وعلى خلاف جلسة إعادة محاكمته يوم السبت لم يلوح مبارك لمؤيديه ولم يبد انفعالا ظاهرا نحوهم باستثناء الإشارة بيده للمرأة المنفعلة مطالبا إياها بالجلوس. وطلب المحامي فريد الديب الذي ترافع عن مبارك الإفراج عن موكله لانتهاء فترة الحبس الاحتياطي. وسألت المحكمة ممثل النيابة العامة عما إذا كان لديها مانع قانوني في شأن الإفراج عنه فرد قائلا "لا يوجد سند قانوني غير أنه محبوس احتياطيا على ذمة قضيتين أخريين" بحسب قوله الذي عدله بيان النيابة العامة الذي صدر لاحقا. ونبه رئيس المحكمة محامي مبارك إلى أن قاضي إعادة محاكمته ذيل قرار تنحيه عن نظر القضية بعبارة "مع استمرار حبس المتهم" وقال المحامي إنه لا علم له بذلك طالبا تطبيق القانون الذي يسمح بالإفراج عن الرئيس السابق. وكانت أولى جلسات إعادة محاكمة مبارك استغرقت دقائق فقط أعلن خلالها رئيس الدائرة تنحيه عن نظر القضية قائلا إنه يستشعر الحرج لكنه لم يفصح عن السبب. وتكهن محامون بأن استشعار رئيس الدائرة الحرج يرجع إلى انتقادات سياسيين ونشطين وصحف لحكم أصدرته دائرة برئاسته في أكتوبر تشرين الأول ببراءة 24 من كبار رجال مبارك ومقربين منه في قضية أخرى خاصة بقتل المتظاهرين عرفت بقضية موقعة الجمل لاستخدام جمال وخيول في هجوم على المعتصمين في ميدان التحرير بوسط القاهرة خلال الانتفاضة. وفي الأسبوع الماضي أمر النائب العام المستشار طلعت إبراهيم بحبس مبارك 15 يوما على ذمة التحقيق في قضية اتهم فيها بتحويل جانب من أموال خصصت للقصور الرئاسية خلال حكمه لإنشاء وصيانة وتأثيث قصور وشقق ومكاتب خاصة به وبأفراد أسرته. وتكهن محامون بأن حبس مبارك احتياطيا على ذمة التحقيق في القضية التي عرفت إعلاميا بقضية القصور الرئاسية استهدف إقامة مانع إضافي أمام الإفراج عنه خشية إثارة غضب مصريين كثيرين خاصة أقارب قتلى الانتفاضة الذين وصل عددهم إلى 850 ومصابيها الذين زاد عددهم على ستة آلاف ونشطين دعوا إلى المظاهرات التي أطاحت به. وقال المتحدث باسم النيابة العامة إن مبارك محبوس أيضا على ذمة قضية كسب غير مشروع وقضية حصوله على هدايا من المؤسسات الصحفية التي تملكها الدولة قدرت قيمتها بعشرات الملايين من الجنيهات بجانب قضية القصور الرئاسية. وتقول مصادر قضائية إن هناك أكثر من قضية فساد أخرى ضد مبارك سيعلن عنها تباعا. لكن قرار إخلاء سبيله في قضية قتل المتظاهرين قوبل بترحاب عشرات المؤيدين في قاعة المحكمة. وفي أولى جلسات إعادة محاكمته التي كانت أول ظهور علنى له منذ جلسة النطق بحكم عليه في يونيو حزيران بدت معنويات مبارك مرتفعة كما بدت صحته جيدة. وفي ذلك اليوم الذي ظهر فيه مبارك في قفص الاتهام مبتسما ولوح بيديه لأنصاره في القاعة طلبت النيابة العامة من مستشفى عسكري في جنوبالقاهرة يعالج فيه مبارك موافاتها بتقرير عن حالته الصحية وما إذا كانت تسمح بإعادته إلى مستشفى السجن. وينزل مبارك في مستشفى القوات المسلحة بالمعادي منذ ديسمبر كانون الأول.