انتهت فعاليات المؤتمر الدولي حول تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب في العاصمة الآذرية باكو مساء يوم الثلاثاء 19 مارس الجاري، بالإعلان عن نتائج المؤتمر في شكل بيان ختامي سجل فيه المؤتمرون بقلق شديد تزايد الأنشطة الإرهابية خلال العقود الأخيرة، سواء من حيث اطراد وتيرتها أو تصاعد آثارها، وأن الإرهاب يخلف قلقًا ويأسًا كبيرين من خلال تدمير الشعور بالأمن والأمان وإشاعة أجواء من انعدام الثقة بين الدول والمجتمعات. وجدد المشاركون في المؤتمر التأكيد على أن الإرهاب يهدد جميع الدول بغض النظر عن حجمها أو ثروتها أو مستوى نموها، ودعوا إلى وجوب التصدي بشكل حازم للبيئة المشجعة على الإرهاب، بما في ذلك حالات النزاعات والأزمات، على أساس من قواعد وأحكام القانون الدولي. كما أكدوا ضرورة توفير المساعدة والدعم لضحايا الإرهاب الذين عانوا أو مازالوا يعانون من الآثار البدنية أو النفسية أو الاجتماعية التي تخلفها الأعمال الإرهابية، وضرورة الاهتمام بقضايا الشباب والحرص على توفير فرص العمل لهم وتأهيلهم تأهيلاً مناسبا يوائم الحاجات التنموية والاقتصادية لمجتمعاتهم، ويمكنهم من المشاركة الإيجابية والفعالة في بناء دولهم وتطوير مؤسساتها. وأوضح المشاركون في المؤتمر أن غياب تعريف للإرهاب متفق عليه دولياً يشكل عقبة أمام جهود مكافحة الإرهاب، مؤكدين ضرورة التوصل إلى اتفاق شامل حول تعريف للإرهاب يحظى بالقبول على المستوى الدولي. واتفقوا على ضرورة تصدي جهود منع الإرهاب للظروف المفضية إلى انتشاره، مثل ضعف الحوكمة، والفساد المؤسسي، والأنشطة الإجرامية، وانتهاك حقوق الإنسان، والبطالة، والفقر، واتساع الفوارق الاقتصادية، والتمييز على أساس الدين أو الجنس. ودعا المشاركون إلى تشجيع المنابر الإعلامية على التعاون مع الدول والمنظمات الدولية وهيئات المجتمع المدني لتقديم المعلومات للعموم بموضوعية. وأبرزوا أن التكنولوجيات الحديثة تتيح للإرهابيين فرصة تعطيل الشبكات المعلوماتية العمومية أو الخاصة أو تدميرها، ودعوا إلى تطوير التقنيات وأنجع النظم المعلوماتية للتصدي لهذا الشكل من أشكال السلوك الإجرامي وإيجاد تدابير قانونية مناسبة لضمان زجر هذه الأعمال بالنظر إلى آثارها المدمرة. كما دعوا إلى تكثيف الجهود لتطوير عمليات المراقبة والمتابعة والمزيد من تفعيل القوانين الخاصة بالنظم المالية وتشديدها، كما دعوا الدول والمؤسسات الوطنية المختصة والمعنية إلى العمل بشكل وثيق بعضها مع بعض ومع المنظمات الدولية ذات الصلة لمنع حصول الإرهابيين على الأموال وبقية أشكال الدعم المادي والفني التي يستخدمونها لتنفيذ أعمالهم الإجرامية. وأكد المشاركون في المؤتمر رفضهم المطلق لأي تبرير للإرهاب، واعتبروه تهديداً عالمياً لا يرتبط بأي دين أو عرق أو بلد، ولا يستند إلى أية ثقافة أو منظومة أخلاقية أو قيمية. وذكَّر المشاركون بأن الإسلام دين اعتدال ووسطية، يقوم على قيم المساواة والتفاهم والعدل والإخاء، وأعربوا عن قلقهم العميق إزاء ظاهرة الخوف من الإسلام التي تفشت خلال العقود الأخيرة في بعض البلدان، والتي تعكس خوفاً وعداءً غير مبررين تجاه الإسلام والمسلمين. وأكد المؤتمرون أهمية تعزيز بناء القدرات من أجل منع الإرهاب ومكافحته، كما دعوا إلى تسهيل تبادل أفضل الممارسات في مجال منع الإرهاب ومكافحته والتعريف بها، لا على المستوى الأمني والقضائي فحسب، بل على المستويات التربوية والعلمية والثقافية أيضاً. وأقر المؤتمرون أهمية تعزيز دور التربية والتعليم في نشر قيم التسامح والمشاركة الإيجابية من أجل تقديم الصورة الحقيقية للأديان والثقافات ومنع المتعصبين من تشويه هذه الصورة، مؤكدين ضرورة تطوير الطرق التربوية والمناهج الدراسية الخاصة بتعليم الأديان، لمنع انتشار التصورات الخاطئة ولتعزيز الفهم الصحيح للرسالة النبيلة للأديان كافة. ودعا المشاركون إلى تكثيف الجهود الرامية إلى ترسيخ ثقافة السلام والحوار، مع التركيز على تشجيع قيم التفاهم والاحترام المتبادل بين الثقافات والأمم، ومواجهة شتى أشكال خطاب التحريض المباشر وغير المباشر على الإرهاب والحيلولة دون تحول المتطرفين إلى إرهابيين. واسترشاداً باستراتيجية الأممالمتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، حثَّ المؤتمر جميع الدول على المصادقة على المواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بالإرهاب، وإعداد الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية والإقليمية في المجال، ومراجعتها وتحديثها بصفة دورية، وسن التشريعات القانونية والقضائية اللازمة، والحرص على مواءمة التدابير الهادفة إلى منع الإرهاب مع المبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأممالمتحدة، ومع التزامات هذه الدول في هذا المجال بموجب القانون الدولي والتشريعات المحلية. وأكد المشاركون ضرورة متابعة نتائج هذا المؤتمر ولا سيما في مجال حشد الإرادة السياسية والموارد والقدرات والبرامج والمشاريع الملموسة الهادفة إلى تعزيز تنفيذ استراتيجية الأممالمتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب من خلال هيئات الأممالمتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية. جدير بالذكر أن الإيسيسكو نظمت المؤتمر برعاية إلهام عالييف، رئيس جمهورية أذربيجان في باكو يومي 18 و19 مارس الجاري وبالتعاون مع مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والإرهاب والحكومة الآذرية . وشارك في أعمال المؤتمر المدير العام للإيسيسكو والمدير التنفيذي لمكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والإرهاب، وعدد من وزراء الحكومة الآذرية، ومجموعة من وزراء الخارجية والداخلية والعدل من العالم الإسلامي وخارجه، وممثلو عدد من المنظمات الدولية، والبرلمانيون، والزعماء الدينيون، وممثلو المنظمات غير الحكومية، والخبراء الدوليون في مجال مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان والقانون.