قال الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري في كلمة له ألقاها في افتتاح الندوة الإقليمية حول (الإعلام العربي في زمن التحولات: هل انتصر للمهنية أم أجج الفتن؟) امس الاثنين 15 اكتوبر الجاري بمقر المظمة بالرباط،، إن الإعلام العربي حقق إنجازات مهمة في بنيته التكنولوجية، خاصة ما يتعلق بتوظيف التقنيات الرقمية في الإنتاج والتوزيع والنشر الإعلامي، واستثمار شبكة الحاسوب في التواصل التفاعلي مع الجمهور، وتطور تقنيات البث الفضائي، وارتفاع عدد الصحف الإلكترونية والمحطات الإذاعية الرقمية، إلا أن هذه الإنجازات ما فتئت تصطدم بجملة من التحديات القانونية والتنظيمية والاقتصادية المهنية والعلمية والثقافية، تحول دون مساهمة هذا الإعلام بفعالية في تعزيز التنمية المستدامة. ولاحظ المدير العام للإيسيسكو أن من أبرز معالم الخلل في المشهد الإعلامي العربي، وجود تفاوت بين التطور التكنولوجي للإعلام العربي وضعف التعددية الإعلامية، وكذا التأثير المتزايد للدور التجاري لوسائل الإعلام السمعية البصرية من خلال الانتشار الواسع للبرامج الترفيهية والإعلانية. وأشار المدير العام إلى أن وسائل الإعلام والاتصال عرفت نقلة نوعية متصاعدة منذ نهاية القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة، بفعل تطور تقانات المعلومات والاتصال واتساع شبكة التواصل على الصعيد العالمي، حيث أصبحت تكنولوجيا الإعلام والاتصال تساهم في نشر الأخبار والأفكار والمعلومات وتوسّع دوائر الحوار والتفاعل. وأشاد بجهود الدول العربية التي سعت مع بداية الألفية الثالثة إلى الانخراط في مجتمع المعلومات والاتصال والمعرفة، وإلى امتلاك العلوم والتكنولوجيا الحديثة للنهوض باقتصادها والتعريف بخصوصياتها الثقافية والحفاظ على هويتها القيمية، حيث ازداد الوعي لدى المؤسسات والمنظمات والجمعيات والهيئات الرسمية والأهلية في العالم العربي، بضرورة تكثيف الجهود للحاق بركب التقدم التكنولوجي والاتصالي من خلال تجديد الخطط والسياسات والآليات التنفيذية المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات والاتصال وتطويرها. وأكد المدير العام، أن حكومات العديد من الدول العربية أبانت عن إرادة وعزم أكيدين لبناء مجتمع المعلومات والمعرفة من خلال تطوير هذين القطاعين، حيث شهد العالم العربي حركة إيجابية فيما يخص استعمال تقانات المعلومات والاتصال لأغراض تنموية، وتشجيع الاستثمار في هذا المجال. ومن أبرز مظاهرها أن الإعلام الجديد، وفي مقدمته القنوات الفضائية والحاسوب، أصبح ذا أثر واسع في حياة المواطنين بشكل متنام. وقد تبيّن أثر هذا الإعلام في مواكبة المتغيرات الكبيرة التي شهدتها الساحة العربية في العام الماضي وفي هذا العام سلبًا وإيجابًا، وهو ما يؤكد مدى تأثير هذا الإعلام في توجيه الرأي العام وترسيخ المفاهيم والأفكار، ودعم المواقف والتحولات في هذا الاتجاه أو ذاك. وقال المدير العام إن الإيسيسكو وضعت في خطة العمل للأعوام (2010-2012)، حقل عمل تحت عنوان: )تقانات المعلومات والاتصال في خدمة التنمية المستدامة في العالم الإسلامي(، الذي يسترشد في أدبياته وأهدافه ومحاوره وبرامجه بالوثائق المرجعية للمنظمة، في مقدمتها: (الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي)، و(برنامج عمل تونس بشأن مجتمع المعلومات) الصادر عن القمة العالمية لمجتمع المعلومات، و(استراتيجية تطوير تقانات المعلومات والاتصال في العالم الإسلامي)، و(الإطار العام للرد على حملات التشويه الإعلامي للإسلام والحضارة الإسلامية)، و(مشروع المراكز الإقليمية للتكوين والإنتاج السمعي البصري ومتعدد الوسائط)، وذلك استجابة لاحتياجات الدول العربية الأعضاء في الإيسيسكو، ودعمًا لجهودها الهادفة للنهوض بقطاعي الإعلام والاتصال من النواحي التشريعية والمهنية والعلمية. وأضاف إن "المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة أولت في جميع خطط عملها، عناية بالغة لدراسة الأساليب المناسبة لتطوير الخطط والتشريعات الخاصة بالإعلام والاتصال، وتجديدها لتتمكن الدول الأعضاء من مواكبة المستجدات العالمية في هذا المجال، والعمل بمقتضى قرارات القمة العالمية لمجتمع المعلومات في مرحلتيها الأولى والثانية. كما دعمت المنظمة جهود الدول الأعضاء في مجال تحديد الأولويات وبناء القدرات المهنية للعاملين في الإعلام والاتصال الجماهيري، وتطوير البحث العلمي في المجال الإعلامي، لتحقيق قدر من الاكتفاء الذاتي يناسب إمكاناتها في مجال إعداد البرامج والمضامين المنسجمة مع الخصوصيات الثقافية والحضارية الإسلامية." وأشار إلى أن هذه الندوة تعقد أيامًا بعد إنشاء (اللجنة العلمية للحوار والتشاور حول قوانين الصحافة والنشر) في المملكة المغربية، التي يدخل ضمن اختصاصاتها، الإعداد لمشروع مدونة الصحافة والنشر. واصفاً إياها بالخطوة الموفقة للغاية، التي تؤشر إلى وجود إرادة سياسية للنهوض بقطاع الصحافة والإعلام والاتصال في هذا البلد الذي يحث السير قدمًا وباطرادٍ على طريق التقدم والازدهار في المجالات كافة، من أجل تعزيز النماء الاقتصادي وترسيخ البناء الديمقراطي، وتوسيع آفاق الانفتاح على العالم. معتبراً ذلك مدخلاً من المداخل التي تُفضي إلى ترشيد الإعلام العربي حتى يكون في خدمة قيم الحق والعدل والسلام والتقدم، وفي النهوض بالمجتمعات العربية ودعم التنمية الشاملة المستدامة. وتميزت الجلسة الافتتاحية للندوة الإقليمية حول (الإعلام العربي في زمن التحولات: هل انتصر للمهنية أم أجج الفتن؟) التي يعقدها مركز الشروق للديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان بدعم من الإيسيسكو، أيام 15 و 16 و 17 أكتوبر الجاري، بإلقاء كلمات كل من محمد أوجار، رئيس المركز، و مصطفى الخلفى، وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، و مصطفى سواق، المدير العام لقناة (الجزيرة)، كما ألقى خليل ولد الجدود، كبير مراسلي قناة العربية، كلمة بالنيابة عن عبد الرحمن الراشد، المدير العام للقناة، و حسن الراشدي، عن مركز الدوحة لحرية الإعلام.