العقيد الأسعد أعلن عودة قيادات الجيش الحر إلى سوريا لبدء خطة تحرير دمشق (الفرنسية) في خطوة وُصفت بالمفاجئة أعلن الجيش السوري الحر نقل قيادته المركزية من تركيا -التي استقر فيها منذ أكثر من عام- إلى "المناطق المحررة" داخل سوريا، الأمر الذي يعطي دلالات بالسعي نحو توحيد الكتائب التي تقاتل النظام السوري وتثبيت أوضاع قيادية جديدة. وقال قائد الجيش السوري الحر رياض الأسعد في شريط فيديو بث على الإنترنت السبت في رسالة موجهة إلى الشعب السوري "نزف لكم خبر دخول قيادة الجيش الحر إلى المناطق المحررة بعد أن نجحت الترتيبات في تأمين المناطق المحررة لبدء خطة تحرير دمشق قريبا". وأشار الأسعد إلى ضغوط تعرضت لها مجموعته التي أكد أنها لا تريد أن تكون بديلا للنظام. وأضاف "ليس هدفنا أن نكون البديل عن النظام الإجرامي الذي يلفظ أنفاسه وإنما هدفنا أن يكون الشعب السوري بكل مكوناته هو البديل ونحن لسنا إلا جزءا منه". وقال مصدر قريب من الأسعد إن العقيد وصل إلى سوريا منذ يومين. وأضاف أن "الخطة هي أن تتمركز قيادة الجيش السوري الحر في سوريا بالكامل قريبا إما في إدلب أو في حلب". أهداف ودلالات وتشكل عملية انتقال قيادة الجيش الحر إلى داخل سوريا منعطفا هاما في مسيرة الجيش الذي أسس في 29 يوليو/تموز 2011 تحت قيادة العقيد المنشق رياض الأسعد الذي حدد عقيدة الجيش الجديد في "الدفاع عن الوطن والمواطنين من جميع الطوائف"، معتبرا أنه "النواة الحقيقية لتشكيل جيش حقيقي لدولة الحرية والديمقراطية لسوريا المستقبل" بعد الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد. ويرى محللون أن انتقال قيادة الجيش الحر إلى داخل سوريا يرجع إلى عدة أسباب من بينها محاولة الابتعاد عن التجاذبات الدولية والإقليمية وما أسماه البعض "بمحاولة السيطرة عليه وتوجيهه لأهداف خاصة". ويشير آخرون إلى أن عودة قيادة الجيش الحر إلى سوريا كانت لازمة بعد أن أصبحت قواته تسيطر على مساحات واسعة من الأراضي السورية، مما يسمح لها بقيادة العمل الميداني، وهو ما يؤكد تراجع قدرة الجيش النظامي ويساهم في رفع الروح المعنوية للثورة. وتوقع محللون أن يكون انتقال القيادة العسكرية للجيش الحر إلى داخل سوريا مقدمة لانتقال الشخصيات السياسية في مرحلة لاحقة. من جانبه أكد رئيس المجلس العسكري للجيش الحر العميد مصطفى الشيخ أن "عملية الانتقال هذه ستتيح للقيادة أن تكون أقرب من المقاتلين". وكان الشيخ أعلن في الخامس من سبتمبر/أيلول أن قادة الجيش الحر يحاولون إصلاحه لتجاوز الانقسامات الداخلية ومواجهة انتشار مجموعات تتحرك باسمه ولكن في شكل ذاتي. واعتبر أنه لا بد من إعادة هيكلة الجيش الحر لإقناع المجتمع الدولي الذي لا يزال مترددا في تسليحه "بذريعة أن الجيش الحر ليس مؤسسة فعلية". وشهدت الفترة الماضية نشأة كيانات عسكرية تتحدث باسم الجيش الحر، منها الجيش الوطني السوري الحر بقيادة اللواء أحمد الحاج. لكن المستشار السياسي للجيش الحر بسام الدادة قال إن خطوة عودة قيادة الجيش من الخارج تهدف إلى السيطرة على مساعي النظام لإيجاد قيادة بديلة للجيش الحر تدين له بالولاء. وقال خبير في الشؤون السورية إن المجتمع الدولي يمارس ضغوطا على الجيش السوري الحر لتوحيد صفوفه لأنه قلق حيال ما يسميه تصاعد نفوذ الإسلاميين والجهاديين في صفوف المقاتلين السوريين. في صالح الثورة أما الخبير العسكري العميد صفوت الزيات فيرى أن عودة قيادة الجيش الحر إلى سوريا ستسهل من عملية إدارة المعارك مع قوات النظام، وستشكل خطوة نحو اتحاد الألوية والكتائب المقاتلة بما يصب في صالح الثورة السورية. وأضاف الزيات في حديثة للجزيرة نت أن عمليات الاندماج وتوحيد الكتائب قد يُعجّل بإقامة مناطق آمنة في المدن التي يسيطر عليها الثوار. مشيرا إلى أن تركيا والدول الغربية أصبحت تكثف اتصالاتها مع القيادات العسكرية التي تعمل على الأرض على حساب القيادات السياسية البعيدة عن سوريا خاصة مع حالة التشرذم التي تعاني منها المعارضة. ولفت الزيات إلى أن انتقادات وجهت في الفترة الماضية لقيادات الجيش الحر المتواجدة خارج سوريا، مشيرا إلى أن عودتهم تُثّبت أوضاعا قيادية على الأرض خاصة مع بروز تشكيلات عسكرية مثل المجلس العسكري لحلب وجبهة تحرير سوريا. وأضاف الزيات أن تنسيق العمليات العسكرية للثوار ووجود قيادة موحدة ستساهم في السيطرة على المناطق الخاضعة للنظام السوري، خاصة مع استمرار ما أسماه "استنزاف قوات النظام" الذي لم يعد يستطيع المواجهة إلا باستخدام القوة الجوية. يُذكر أن الجيش الحر تكون في البداية من المنشقين عن الجيش النظامي وانضم إليهم متطوعون بعد ذلك. وأفادت دراسة لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أنه يضم نحو 37 كتيبة يقدر عددها بما بين أربعة آلاف وسبعة آلاف مقاتل. فيما يقول الجيش الحر إن لديه نحو أربعين ألف مقاتل من مختلف الرتب. وعلى مستوى العتاد، قال الأسعد في تصريح سابق للجزيرة إن الجيش السوري الحر يقاتل بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة. وأشار إلى أن هذه الأسلحة يتم الحصول عليها من "العناصر المنشقة" ومما يغنمه الجيش الحر من العمليات "التي نقوم بها ضد أجهزة النظام" مفصلا في أن القسم الأكبر من السلاح يتم "شراؤه من أزلام النظام من الداخل السوري". ** المصدر: الجزيرة نت