المتدخلون في الندوة أجمعوا على أن المرحلة القادمة تحمل مخاوف وآمالا تركز النقاش في الفترة المسائية من اليوم الأول من ندوة "الإسلاميون والثورات العربية" على إشكالات الانتقال الديمقراطي في البلدان التي أزهر فيها ما يعرف بالربيع العربي وتمخض فيها الحراك الثوري عن وصول تيارات إسلامية إلى سدة الحكم. وأجمع المشاركون في تلك الجلسة على كون بلدان الربيع العربي تعيش مرحلة انتقالية فارقة تتسم بالتعقيد وتنطوي على الكثير من المخاوف وتبعث في نفس الوقت على الكثير من الآمال. ويرى أستاذ العلوم السياسية المغربي محمد مالكي أن تجربة الإسلاميين في الحكم لا تزال في البداية ومفتوحة على كل الاحتمالات ولا تعدو في نهاية المطاف أن تكون حلقة من سلسلة حلقات في نطاق سعي المجتمعات العربية لاستعادة هويتها. وفي تحليله لسياق وصول الإسلاميين لسدة الحكم عزا مالكي ذلك التطور إلى كون الناخبين صوتوا لصالح الإسلاميين احتجاجا على الدولة الوطنية وعلى القوى السياسية (علمانيون، قوميون، اشتراكيون...) التي عجزت عن التواصل مع المجتمع بسبب تقهقرها التدريجي. وبخصوص جوهر عملية الانتقال الديمقراطي ومبدأ التعددية في ظل حكم الإسلاميين يرى مالكي أن هناك فجوة واضحة بين خطابات الإسلاميين الداعية لإقرار مبدأ الحوار وممارساتهم التي تنطوي على الكثير من الالتباس والارتباك وعلى قدر كبير من المفارقات. ولنجاح تجربة الإسلاميين في الحكم دعا مالكي إلى ضرورة توضيح عدد من الأساسيات على رأسها الفصل بين العمل السياسي والنشاط الدعوي، وحل مشكلة المرجعية بشأن حقوق الإنسان، وتعامل الأغلبية مع الأقلية بنوع من المرونة، وإنضاج الحوار في صفوف العائلة الإسلامية الكبيرة وذلك في إشارة إلى الإشكالية التي يطرحها التيار السلفي وخاصة في التجربة التونسية. نبرة نقدية وخلال نفس الجلسة كانت نبرة الناشطة السياسية الأردنية توجان فيصل أكثر نقدية للإسلاميين في حديثها عن دور منظمات المجتمع المدني في الانتقال الديمقراطي وقالت إن وصول الإسلاميين إلى سدة الحكم لا يبعث على الاطمئنان. وانتقدت بشدة التصور القائل بضرورة الإجماع والتوافق على منظومة سياسية وثقافية تتحرك في ظلها كافة الأطراف مع الاحتفاظ بهوامش تسمح بحركة منظمات المجتمع المدني وقالت إن هذا تصور شمولي يخنق نشاط الهيئات المدنية. وإلى جانب البعد السياسي تناولت الجلسة البعد العسكري في عملية الانتقال الديمقراطي وتحدث في هذا الباب العميد أركان حرب المتقاعد صفوت الزيات الذي ركز على الحالة المصرية وأكد أن المرحلة الحالية التي وصفها بالتاريخية تتطلب تقنين العلاقة بين المؤسسة العسكرية والمؤسسة السياسية بعدما كانت المؤسسة العسكرية خارج دائرة المساءلة والمحاسبة. وتوقف الزيات عند دلالات ومعاني قرار الرئيس المصري محمد مرسي في 12 أغسطس/آب الماضي بإقالة عدد من المسؤولين العسكريين على رأسهم رئيس المجلس العسكري محمد حسين طنطاوي الذي أدار مرحلة ما بعد تنحي الرئيس حسني مبارك. ووصف الزيات تلك اللحظة بأنها فارقة في تاريخ مصر فيما يتعلق بدور ومكانة المؤسسة العسكرية، لكنه أكد أن المستقبل لن يتضح بشكل كاف إلا بحل إشكالية العلاقة بين مفهومي الأمن والدفاع. وتتواصل أعمال الندوة التي ينظمها مركز الجزيرة للدراسات إلى غاية مساء غد الأربعاء حيث تناقش جوانب أخرى من الإشكالات المتعلقة بعلاقة الإسلاميين بالثورات العربية وتداعيات وصولهم للحكم. المصدر: الجزيرة نت